اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ١٨ أيار ٢٠٢٥
قبل اشهر، اعلن المبعوث الرئاسي الاميركي الى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف، ان سوريا ولبنان سيذهبان الى التطبيع مع العدو 'الاسرائيلي'، والالتحاق باتفاقيات 'ابراهام' التي وقعت عليها دول عربية والكيان الصهيوني.
ويبدو ان السلطة السورية الجديدة برئاسة احمد الشرع تتجه نحو تنفيذ الرغبة الاميركية، وساعده على ذلك قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الاميركية عن سوريا، بوساطة سعودية قام بها ولي العهد الاميركي محمد بن سلمان، الذي دعا الشرع الى الرياض للقاء ترامب، فحصل ما كان متوقعا، بان العقوبات فُرضت على النظام السابق برئاسة بشار الاسد، فلماذا تبقى على النظام الجديد وهو يسير بالمشروع الاميركي، لجهة انهاء كل وجود لمحور المقاومة في سوريا، بمحاصرة فصائل فلسطينية واقفال مكاتبها واعتقال مسؤولين فيها، وقطع امداد السلاح لحزب الله في لبنان.
هذه الشروط الاميركية لبّاها الشرع، وتبقى اخرى قيد المعالجة، والذي اعلن بانه مستعد للسلام والتطبيع مع الكيان الصهيوني، في تراجع عن انه متمسك باتفاق وقف اطلاق النار الذي رعته الامم المتحدة بين سوريا و'اسرائيل' عام 1974، وهو بذلك يعطي اشارة مرور لحكمه باتجاه السير باتفاقات 'ابراهام'، فتسربت معلومات عن لقاءات حصلت بين مسؤولين 'اسرائيليين' وسوريين في اكثر من دولة، وكان آخرها في اذربيجان برعاية تركية.
فمع الموافقة السورية على التطبيع، فان الدولة الثانية ستكون لبنان وفق المفكرة الاميركية، وهو كان كذلك بعد توقيع النظام المصري برئاسة انور السادات على اتفاقية 'كامب دايفيد' عام 1978، فاعلن البيت الابيض الذي رعاها برئاسة جيمي كارتر، ان لبنان هو الدولة الثانية التي ستوقع الصلح مع العدو 'الاسرائيلي'، الذي كانت قواته اجتاحت جنوب الليطاني واقامت فيه 'حزاما امنيًا' عام 1978، واستكملته بغزو في 4 حزيران 1982 لطرد مسلحي منظمة التحرير الفلسطينية منه، واقامة حكم موال لها يعقد 'معاهدة السلام' وحصل في 17 ايار 1983، الا ان رفضا سياسيا وشعبيا له اسقطه في 5 آذار 1984 ، بعد موافقة مجلس النواب عليه في جلسة عقدت في 12 و13 ايار 1983، فصوت مع الاتفاق 72 نائباً ومعارضة النائبان نجاح واكيم وزاهر الخطيب، وغياب 19 نائباً، وامتناع 3 نواب عن التصويت، وتحفظ نائب واحد، وكان عدد مجلس النواب 99، توفي 7 منهم.
المفاوضات بدأت في 8 كانون الاول من العام 1982 في خلده ومستعمرة كريات شمونة، وترأس الوفد اللبناني السفير انطوان فتال، و'الاسرائيلي' دايفيد كيمحي والاميركي موريس درايبر، وتوصل المفاوضون الى الغاء حالة العداء بين الدولتين، وتشكيل لجنة مشتركة، وانسحاب قوات الاحتلال، التي تمكنت من تحقيق اهدافها بتدمير منظمة التحرير وانسحاب مقاتليها من لبنان، وعقد معاهدة سلام، التي وصفها الرئيس نبيه بري بأنها وُلدت ميتة، في وقت اكد الرئيس السوري الراحل حافظ الاسر انها لن تمر، وفتحت موافقة مجلس النواب على الاتفاق حرباً اهلية، بدأت في الجبل وامتدت الى بيروت في انتفاضة 6 شباط 1984 ضد حكم الرئيس امين الجميل، الذي تقلصت سلطته.
وما حصل قبل 42 عاماً ولم ينجح، يتكرر في هذه المرحلة بعد الحرب 'الاسرائيلية' على سبع جبهات، وفق ما يقول رئيس حكومة العدو 'الاسرائيلي' بنيامين نتنياهو، وسقوط النظام السوري السابق ووصول سلطة تقبل التطبيع، وحصول متغيرات دولية، سقط فيها الاتحاد السوفياتي.
هذه الاسئلة المطروحة التي تدعو لبنان الى التطبيع مع العدو 'الاسرائيلي'، وانهاء المقاومة فيه كي ينعم بالتنمية والازدهار، كما وعد ترامب، في خريطة جديدة للشرق الاوسط، فيقول رئيس 'حركة الشعب' النائب السابق نجاح واكيم، الذي كان من الرافضين لاتفاق 17 ايار، ان ما هو معروض على لبنان اسوأ بكثير من الاتفاق السابق، وهذا امر خطر جداً، ولبنان امام تحديات مصيرية، بعد تعرض المقاومة في لبنان ومحورها في المنطقة الى ضربة عسكرية، بسبب الدعم الاميركي غير المسبوق للكيان الصهيوني.
ويرى ان الوضع صعب، لكن لا يمكن الاستسلام والرضوخ للعدو 'الاسرائيلي'، الذي ربح معركة في الحرب المفتوحة معه، التي ما زالت مستمرة، ويريد نتنياهو لها ألا تتوقف.