اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ١١ شباط ٢٠٢٥
واخيراً تشكلت الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة القاضي نواف سلام، والتي برغم كل محاولة عمليات التعطيل والمماحكات السياسية، وعمليات المطالبة بحصص وزارية، حيث لم يغير اكثرية الاطياف السياسية اللبنانية عاداتهم في البحث عن مصالحهم، بعيداً عن مصلحة الشعب والوطن.
حكومة سلام والعهد، امام فرصة لتكون حكومة لبنان بكل ما للكلمة من معنى، وتستطيع حيازة دعم المجتمعين العربي والدولي، في استعادة الدولة اللبنانية والنهوض بلبنان
فلمجرد تشكيل الحكومة في حالتها الحالية، تشكل مفارقة سياسية على رغم من بعض الثغرات، وهذا ما سبب ببعض الانتقادات من قبل فئة من المعارضين والمثقفين، الذين يتقنون فن الانتقاد بعيداً عن تقديم اية مساهمات، في الحلول وفي الخدمة العامة، سوى اتقان الاعتراض على كل شيء، وقد غاب عن بالهم ان الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، والذين اتيا من خارج المنظومة السياسية الحاكمة، مضطرين للعمل وفق التوازنات التي افرزتها الانتخابات الاخيرة في العام ٢٠٢٢، والتي فشلت بكل تأكيد فيها المعارضة، من فرض نفسها كقوة مؤثرة وموحدة، وخصوصاً ممن يرق لهم تسمية انفسهم من ثورة ١٧ تشرين، والذين لازالوا يغطون بإحلام تفتقد للواقعية، من خلال ابتعادهم عن عمل سياسي منظم فاعل وموحد، وقد اثبتت الانتخابات الاخيرة انقسامهم وتفرقهم على مجموعات ولوائح، لم تستطع تشكيل قوة ضاغطة على منظومة الحكم السياسية، والتي تستمر في حكم البلاد منذ العام ١٩٩٣ لتاريخ اليوم، لا بل حتى ان النواب الناجحين تحت مسمى تغيريين، لم يستطيعوا تشكيل كتلة برلمانية موحدة وفاعلة، سوى قلة منهم من لا يزالوا فعلياً يتعاطون بسياسة واقعية، قد تكون مؤثرة بعض الشيء.
استطاع الرئيس المكلف تشكيل حكومته، من خلال المعايير التي وضعها امام عينيه، واعلنها امام الشعب اللبناني، أبرزها، حكومة تتألف من اشخاص كفوئين وغير حزبيين، من دون ثلث مُعطل للممانعة
لهذا، وبرغم كل المراحل والاسابيع الثلاثة التي اعقبت تكليف سلام للتشكيل حكومته، استطاع تشكيل الحكومة، وهذه سابقة منذ ما بعد خروج الاحتلال السوري من لبنان في نيسان ٢٠٠٥، على اثر زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقد استطاع الرئيس المكلف تشكيل حكومته، من خلال المعايير التي وضعها امام عينيه، واعلنها امام الشعب اللبناني، أبرزها، حكومة تتألف من اشخاص كفوئين وغير حزبيين، من دون ثلث مُعطل للممانعة، ولم يعط اي فئة فرصة خروجها من الحكومة والتذرع بالميثاقية.
هذا بعض مما استطاع عمله الرئيس سلام، وهذا مُخالف ومُغاير لما شهدته عمليات تشكيل الحكومات، لاسيما بعد اتفاقية الدوحة وما رافقها.
هذا الامر ، انعكس إيجاباً في البلاد، وفي المحيطين العربي والدولي، حيث لاقت خطوة تشكيل الحكومة إرتياحا عربيا ودوليا، وهذا اتى بعد تدخل عربي واميركي تحديداً، استطاع ان يُشكل رافعة لولادة الحكومة العتيدة، بعد زيارة نائبة الموفد الرئاسي لمنطقة الشرق الاوسط مورغان اورتيغاس، فكان مساهماً في ولادة الحكومة والاعلان عنها، وشكل بمثابة قابلة قانونية للولادة العتيدة.
اليوم الثلاثاء ستكون الجلسة الاولى لحكومة العهد، ذات المهام المحددة والاولويات الضرورية، لاستعادة الدولة من مخالب الدويلة، التي تسببت بكل الخسائر للبلاد والحروب والدمار، والتي ستكون الخطوة الاولى في استرداد الدولة، وعمليات النهوض بالبلاد وعلى كافة المستويات، والاهم منها، ان يتضمن بيانها الوزاري ما ورد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية ورؤية رئيس الحكومة والتي اعلن عنها الرئيس سلام، فور صدور قرار تكليفه من على باب القصر الجمهوري، واولى تلك الخطوات، ان لا يتضمن بيانها الوزاري ما دأبت عليه حكومات ما بعد مؤتمر الدوحة، ومنها الثلاثية الخشبية 'شعب وجيش ومقاومة'، والتي شكلت مظلة شرعية للسلاح غير الشرعي، واعطت مشروعية قانونية لاعمال وممارسات جماعة الممانعة، وعلى رأسها 'حزب الله'.
إقرأ أيضا: حكومة سلام «تنطلق» في «حقل الغام حدودي» وداخلي..وتعثر «هدنة غزة» يقلق الجنوبيين!
لذا ان حكومة سلام والعهد، امام فرصة لتكون حكومة لبنان بكل ما للكلمة من معنى، وتستطيع حيازة دعم المجتمعين العربي والدولي، في استعادة الدولة اللبنانية والنهوض بلبنان، و الخروج من ازماته مجتمعة، لاسيما ما يتطلبه هذا الامر من إصلاحات وخطوات ضرورية، توفر معالجة الازمة المالية والاقتصادية، ومواجهة معضلة إعادة الاعمار الناتجة عن حروب 'حزب الله'، والتي كانت الحرب الاخيرة هي من تسبب بالدمار الكبير في الجنوب والضاحية والبقاع، واجزاء كبيرة من لبنان، والتي تفوق قدرات لبنان على النهوض بها، من دون مساعدات عربية ودولية، وابرزها فرض الانسحاب الاسرائيلي، مما تبقى من اراض لبنانية محتلة.