اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٥ أب ٢٠٢٥
الاخصائية النفسية فاطمة اليوسف والمعالجة للصدمات تجيب على سؤال الهديل ' لماذا تعود شيرين عبد الوهاب الي علاقة سامة يمكن ان تدمرها ؟
لماذا تعود شيرين عبد الوهاب إلى علاقة سامة؟
????قراءة تحليلية نفسية
عندما يتابع الجمهور قصة الفنانة شيرين عبد الوهاب وزوجها حسام حبيب، فإن المشهد يبدو صاخبًا ومربكًا: فضائح علنية، انفصال ثم عودة متكرّرة، اتهامات بالضرب والتعاطي، فقدان للثقة، وانعكاسات واضحة على مظهرها وحالتها النفسية.
بالنسبة للكثيرين، يصعب فهم: لماذا تعود امرأة ناجحة وموهوبة، رغم الألم العلني، إلى علاقة تُصنّف بوضوح كسامة؟
????الجواب أعمق من مجرد “حب أعمى”
لفهم هذه الدائرة، علينا أن نخرج من الأحكام السطحية وننظر من زاوية علم النفس :
العلاقة السامة ليست قرارًا واعيًا بقدر ما هي استجابة لاواعية للصدمة.
عندما تتعرض شخصية لحوادث أو تجارب مبكرة من إهمال عاطفي أو انكسار في الطفولة، يتشكل داخلها ما يُسمّى في نموذج أجزاء مجروحة”. هذه الأجزاء تحمل شعورًا قديمًا بالوحدة، بعدم الأمان، وبالحاجة إلى من يرمم هذا الفراغ.
????دورة التكرار الصدمي
العلاقات السامة تشبه “المغناطيس” لهذه الأجزاء المجروحة:
في البداية، يظهر الشريك وكأنه “المنقذ” الذي يُعيد لها الإحساس بالحب والانتماء.
لكن سرعان ما تنشط الجروح القديمة: الخوف من الفقدان، التعلق المفرط، والتسامح مع الإيذاء خوفًا من الهجر.
فيعود الشخص للعلاقة رغم الألم، لأنه لا يحتمل مواجهة “فراغ الطفولة” وحده.
هنا نفهم أن العودة ليست ضعفًا بقدر ما هي تفعيل لمسار صدمات لم تُشفَ بعد.
????دور الشهرة والضوء العام
في حالة شيرين، لا يمكن تجاهل أن الأضواء تضاعف المأزق:
الشهرة تجعل الانفصال فضيحة جماعية لا تجربة شخصية.
ضغط الجمهور يدفع أحيانًا الشخص للعودة وكأنه يقول: “لن أُثبت للناس أنني خُدعت”.
الفنانون غالبًا يعيشون بداخلهم “الطفل الداخلي” بوضوح أكبر، بما يحمله من هشاشة واحتياج للتقدير والاحتواء.
في داخلها قد يكون هناك:
جزء مُحِبّ (يحمل الرغبة العاطفية والتمسك بالشريك).
جزء خائف (يرى أن الفقد يعادل الموت النفسي).
جزء ناقد (يُعنفها على اختياراتها ويزيد الشعور بالذنب).
اما الذات الحقيقية (Self) لم تُتح لها المساحة الكافية لتقود المشهد بحكمة وهدوء.
عودة شيرين ليست إذًا مجرد قرار عاطفي، بل صراع داخلي بين هذه الأجزاء.
لماذا لا يكفي المنطق؟
الكثيرون يسألون: “لماذا لا تبتعد ببساطة؟”
لكن الصدمات لا تُشفى بالمنطق.
التعلق العاطفي في هذه الحالات يشبه “إدمانًا عصبيًا” على جرعات متناقضة من الحب والإيذاء حيث يطلق الدماغ مواد كيميائية (كالدوبامين والكورتيزول) تجعل الانفصال مؤلمًا جسديًا ونفسيًا.
????الخلاصة
العلاقات السامة، مثل تلك التي تعيشها شيرين، ليست مجرد دراما إعلامية، بل مرآة لصدمات لم تُعالج بعد.
العودة المتكررة للشريك المؤذي تمثل محاولة داخلية – غير واعية – لإصلاح الجرح القديم عبر الشخص الخطأ.
ما تحتاجه مثل هذه الشخصيات ليس نصائح سطحية، بل:
علاج صدمات متخصص لإعادة بناء الإحساس بالأمان الداخلي.
فهم أجزاء الذات المتصارعة ومساعدة “الذات الحقيقية” على قيادة التجربة.
إعادة تعريف الحب بعيدًا عن الألم والاعتياد على الفوضى العاطفية.
قصة شيرين ليست حكاية فردية فقط، بل صورة عامة للكثير من النساء والرجال الذين يجدون أنفسهم في دوامة مشابهة: يعرفون أن العلاقة مؤذية، ومع ذلك يعودون إليها.
إنها دعوة لنا جميعًا لنسأل:
أي جروح داخلية تجعلنا نقبل القليل أو نتحمل الإيذاء؟
وأي رحلة شفاء نحتاج أن نخوضها لنستعيد حريتنا الداخلية؟