اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
في قلبي شعور صادق وحديث موجع وطويل..
حديث يأبى أن يكتمل! يحمله لك الفرح المؤجل، وأخبرك فيه أني نسيت بعدك كيف كان شكل الإنسان فيني!
أن يهاود الحنين فيني الفرح، أن يحضرك من الغياب، أن أزرع اليقين في أصابعي العشرة.. أنك ستمرّ من هنا، أن أتصور أن الأيام ستعود بك.. معناه أنّي أشعر بالفقر في غيابك!
قطع النور تتساقط من بين أيدينا، وكأن تلك الحياة التي ألفناها غدت مظلمة، والأشياء التي اعتدنا عليها أصبحت لا تُرى! وأصبح الهمس في أذنك أصعب مما أقدر! فبيني وبينك كلّ الذين أعرف والذين لا أعرف! وكلّ أولئك الذين أحب والذين أكره، فكيف أصلك؟!
أنا أخاف إن حدثتك بكلّ ما سيكون ذلك الصباح أن لا تكون قد مررت فيني في حياة، أن تكون كأحد أولئك الآباء المتخيّلين الذين يقسم الأيتام أنّهم يشتمّون رائحتهم، أحد الأصدقاء الأوفياء الذين تترك أيديهم في قلوبنا نوراً..
ذلك أنّ الحياة التي كانت مليئة بك كانت قصيرة وبعيدة! وأنّ كلّ أصدقائي في تلك الحياة رحلوا إلّا أنت..
وأنا متّ بعدها ألف مرة، أدركت حيوات أخرى كثيرة، وفي كل حياة تعود إليّ وجوه أكاد أميّزها من حيث لا أدري! إلّا وجهك وحده لا يعود! شكل فمك وعينيك وملامحك أصبحت أشبه بضباب يصيبني بالحيرة، ولفرط ما بكى الفرح أمامي صرت أخالك شيئاً من رائحة الأعياد لا أكثر! يد خفيّة تلمس يدي كل يوم لتخبرني: أني وطن..
الكتابة إليك تغدو أكثر إيلاماً في كلّ مرة، وكأنّ الأيام دون رسائلي الطويلة إلى صاحبي الذي أظنه متخيّلاً ليست سوى فرح، الفرح الذي يأخذ منا الكثير، ولا يمنحنا إلّا انحناءة زائفة على شفاهنا!
الكتابة إليك تعني أنّي لا زلت وطنك، تعني أنّ الحياة التي جاءت بك لم تكن متخيّلة، تعني أنّ أصابعي العشرة ستكون باردة هذا اليوم أيضاً، وأنّك ستمرّ من خلالها، أنّ قطعة فرح بحجم السكّر ستنبت في قلبي، وإن كنت راحلة.. لعلّ هذا الحديث يبقى ويصل...
جنان العلي