اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ٢٤ نيسان ٢٠٢٥
جاء في 'الراي الكويتية':
لم يحجب غبارُ الرياح الخماسينية التي هبّتْ على لبنان أمس، وأَلْهَبَتْ طقسَه في عز الربيع، «سوءَ الرؤيةِ» المتمادي حيال الملفات الأكثر حَساسية التي تنخرط بيروت في محاولةِ معالجتها على خطيْن متوازييْن هما، الإصلاحُ البنيوي المالي والمصرفي والإداري، والإصلاح الأمني الذي بات «تعريفاً» مُتعارَفاً عليه لسلاح «حزب الله»، وذلك بما يجنّبُ البلادَ إضاعةَ المزيد من الوقت وفرصةً قد لا تتكرر لاختصار طريق الخروج من الحفرة السحيقة، ويوفّر عليها «عاصفةَ نارٍ» جديدة من جبهتها الجنوبية المفتوحة «في كنف» اتفاق وقف الأعمال العدائية (27 تشرين الثاني).
وفي الوقت الذي يرتسم في الكواليس ما يَشي بأنه حوار تمهيدي غير مباشر بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون و«حزب الله» عبر ممثّلين عن الطرفين، في إطارِ استكشاف آفاق «أمْر العمليات» السياسي – الرئاسي الذي أُطلق تحت عنوان «القرار اتُّخذ بحصْر السلاح بيد الدولة ويبقى التنفيذ وظروفه»، بدا من الصعب التكهّن بمآلات هذا الملف الشائك خصوصاً في ضوء الشكوك العميقة التي سادتْ عقب «الهجوم المضاد» الذي شنّه الحزب تحت شعار «لن نسلّم السلاح» واشتراط بحْث سبل الإفادة منه «في الوقت المناسب» وعلى أن يكون جزءاً من إستراتيجية دفاعية يُستثمَر فيها ويَجْري حوارٌ حولها.
ولم تكن عابرةً جرعةُ الدعم والإشادة الكبيرة من نائبة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بالرئيس عون «الذي رأيتُ الشجاعةَ فيه، وشهدتُ قائداً مصمماً على اتخاذ القرارات الجريئة والضرورية لوضع لبنان على طريق التعافي».
وجاء موقف أورتاغوس خلال حفل استقبال في السفارة اللبنانية في واشنطن لمناسبة مشاركة وفد رسمي لبناني في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولييْن، حيث أكدت أن الرئيس دونالد ترامب سيزور الشرق الأوسط، في أول زيارة رسمية، لافتة الى أن «الإدارة الأميركية تولي أهمية لهذه المنطقة (…) والرئيس ترامب مصمم على الوفاء بوعده بأن يكون رئيس السلام، وهذا تماماً ما نعمل عليه».
وإذ أشارت الى «نُدرة القادة الذين يتحلّون بالشجاعة الحقيقية والذين هم على استعداد لاتخاذ القرارات الصعبة لتغيير مسار بلادهم، ورأيتُ هذه الشجاعة في الرئيس جوزف عون (…)»، قالت «كثيراً ما أتحدث عن الجالية اللبنانية، وخصوصاً هنا في الولايات المتحدة، كواحدة من أكثر الجاليات نجاحاً وثقافة وتعليماً في العالم. وسواء كنا مقيمين هنا أو في لبنان، فإن هدفنا واحد: ليس فقط إصلاح لبنان، بل إعادة إحيائه، ولا أتحدّث عن العودة إلى عام 1975 أو ما يسمى – أيام المجد – بل عن بناء مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً مما شهده لبنان في تاريخه، لأنني أعلم أنه يملك هذه الإمكانات».
ولفتت أورتاغوس إلى أن «لبنان لن يتمكن من بلوغ هذا المستقبل من دون قيادة شجاعة وجريئة، فأنتم بحاجة إلى قادة مثل الرئيس عون، ورئيس الحكومة (نواف سلام)، والسادة الواقفين هنا بجانبي، قادة مستعدون لاتخاذ الخطوات الصعبة والضرورية: الإصلاح، إعادة بناء الاقتصاد، استعادة الدولة، وضمان احتكارها للسلاح وتقديمها الخدمات الأساسية للمواطنين».
وأضافت «أنا مؤمنة حقاً بأن لبنان يقف على أعتاب مرحلة جديدة وأعظم من كل ما سبق. وإذا قررتُم أن تسلكوا هذا الطريق، وإذا اتخذتم القرارات الصعبة التي أتحدث عنها دائماً في الإعلام، فأعدكم أن الرئيس ترامب وإدارته سيكونون إلى جانبكم في كل خطوة من الطريق، لكن لا يمكننا العودة إلى الوراء ولا يمكننا تكرار أخطاء الماضي. السبيل الوحيد للتقدم هو من خلال تقوية الدولة، والمضي قدماً في الإصلاح، وإعادة إحياء الوطن بشكل كامل».
«نصف خطوة»
وفي حين كررت الموفدة الأميركية في تصريح تلفزيوني أن إدارة ترامب «تحكم على الأفعال وليس الأقوال»، في إشارة إلى متابعة لصيقة من واشنطن لمساريْ الإصلاح والسلاح الذي سبق أن حدّدت له اورتاغوس نفسها مدى زمنياً سقفه «أسرع وقت ممكن»، وسط ترقُّب احتمال عودتها إلى بيروت خلال أسابيع قليلة، تم التعاطي مع الموقف الذي أطلقه السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني حول أن«طهران تلتزم بما يتفق عليه اللبنانيون في شأن سلاح حزب الله» على أنه «نصف خطوة تَراجعية» و«نصف خطوة إلى الأمام».
فكلام أماني أتى بعدما اختارَ «الاستعاضةَ» عن عدم تلبية استدعائه من الخارجية اللبنانية أمس، على خلفية تصريح له حول أن «سحب السلاح مؤامرة»بحجةِ أنه «مشغول» بما يشبه «المشاغَلة الدبلوماسية»إذ أطلّ عبر قناة «الجديد» في حوار تلفزيوني، في الوقت الذي حَمَلت إحالتِه ملف السلاح على ما يتّفق عليه اللبنانيون «تَصحيحاً شكلياً» في الطريق إلى موعد آخر حدّدته له الخارجية اللبنانية حيث كان يفترض أن يلتقي في «الاستدعاء الذي لم يكتمل» أمينها العام السفير هاني شميطلي.
وفي إطلالته، أوضح أماني أنّه «لا يوجد استدعاء» من الخارجية اللبنانية بل دعوة، مضيفاً «نقوم بترتيب الموعد»للزيارة، التي سيتبلّغ فيها احتجاج بيروت على «التدخل في الشأن اللبناني» ربطاً بتصريحه عبر منصة «أكس».
وحول موقف إيران من تسليم سلاح «حزب الله»، شدد على «أننا نلتزم بما تتفق عليه المؤسسات اللبنانية'.
وقال 'في لبنان هناك احتلال وهناك فئة تريد الدفاع عن نفسها وتطالب بالعَون»، مشيراً إلى أنّ بلاده لا تعارض التوافق بين الأحزاب اللبنانية.
وذكر أنّ «المقاومة تصنع كل الأمور التي تحتاج إليها»، مشيراً إلى أنّ «موضوع المقاومة وسلاحها مرتبط بالحكومة والتوافق ولا يحتاج إلى الرأي الإيراني».
وشدد على أنّ «حزب الله لم يُهزم وحركة حماس لم تُهزم»، موضحاً أنّ «عدد الشهداء يعطينا القوّة وستخرج المقاومة بعد هذه الحروب قوية ولا أتحدث فقط عن لبنان».
وتابع أن «إيران مصرّة على نصرة المظلوم ولا ننسحب من هذا الموضوع الإنساني».
وأوضح السفير الإيراني أن جهاز «البيجر» الذي انفجر بين يديه وأدى إلى إصابته بجروح بليغة في عينه اليمني ويده اليسرى (في 17 أيلول) «كان في مكتبي ولم أكن أحمله، وفي ظل جو الحرب فإنّ الجهاز كان يمكن أن يساعد للتحذير»، مشيراً إلى أنّ الجهاز كان موجوداً من أجل الدفاع في حال التعرّض لهجوم.
سياسة واضحة
في موازاة ذلك، كان وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يؤكد في كلمته خلال اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في دورته الـ163 في القاهرة «أن الحكومة اللبنانية الجديدة تنتهج سياسة واضحة ترتكز على فرض سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وحصْر السلاح بيدها، وامتلاكها وحدها قرار السلم والحرب».
وإذ شدد على «الالتزام بالميثاق الوطني ووثيقة الوفاق الوطني، والمناصفة الحقيقية بين مكونات المجتمع اللبناني، بما يعزز الوحدة الوطنية والمشاركة الفاعلة»، تطرق إلى «العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان»، مشيراً إلى أن «العالم شهد على التزام لبنان الكامل ببنود إعلان وقف الأعمال العدائية، إلا أن إسرائيل تصر على تقويض هذا الاتفاق ومواصلة انتهاكاتها اليومية لسيادة لبنان وحرمة أراضيه».
وأكد «التزام لبنان بالحلول السلمية والدبلوماسية، وبتنفيذ القرار 1701 بكل بنوده ومندرجاته تنفيذاً كاملاً وشاملاً»، مشدداً على «أن المؤسسات الأمنية اللبنانية الشرعية، لا سيما الجيش اللبناني، مصممة على تحقيق هذه المهمات الوطنية».
ودعا الوزير، المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل من أجل وقف اعتداءاتها، وإلزامها بالانسحاب الفوري والكامل وغير المشروط من كل الأراضي اللبنانية، والعودة إلى اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949.
وعبّر رجي عن رفض لبنان لأي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية، مؤكداً التزامه بسياسة الحياد الإيجابي، والاحترام المتبادل للسيادة والمصالح العربية المشتركة، والسعي لبناء شراكات استراتيجية مع الدول العربية ومنع أي تآمر على أنظمتها وسيادتها.