لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ٩ أيار ٢٠٢٥
يُصنف الجدري من بين أخطر الأمراض المعدية التي تسببت في وفاة ما لا يقل عن نصف مليار شخص، وذلك بسبب انتقاله السريع من شخص إلى آخر.
ولحسن الحظ، نجح العلماء في تطوير لقاحات للحد من انتشار المرض والسيطرة على أعراضه؛ ما ساعد على تعافي معظم المصابين. ومع ذلك، توفي 3 من كل 10 مصابين بالجدري، بينما ترك المرض ندوبًا دائمة على أجسام الناجين، خاصة على الوجه.
وبفضل نجاح حملات التطعيم، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن القضاء على الجدري في العام 1980، حيث لم تسجل أي إصابات منذ العام 1977.
ما هو الجدري؟ ومتى اكتشف المرض؟
الجدري هو مرض خطير تسببه عدوى فيروسية، ويمكن أن يكون مميتًا في بعض الحالات. ينتقل المرض من شخص لآخر ويُسبب طفحًا جلديًا مُتقرحًا، وغالبًا ما يترك ندوبًا مشوهة على الجلد.
أصل الجدري غير معروف بشكل دقيق، ولكن يُعتقد أن المرض كان موجودًا منذ حوالي 3000 عام، بناءً على اكتشاف طفح جلدي مشابه للجدري على مومياوات مصرية.
وظهر أقدم وصف مكتوب لمرض الجدري في الصين في القرن الرابع الميلادي، كما ظهرت أوصاف مكتوبة مبكرة في الهند في القرن السابع وفي آسيا الصغرى في القرن العاشر.
يُرجع المؤرخون انتشار الجدري عالميًا إلى نمو الحضارات والتوسع في طرق التجارة عبر العصور؛ ما سهل انتقال المرض إلى مختلف أنحاء العالم.
ما هي أعراض الجدري؟
تظهر أعراض الجدري على مراحل متعددة، وقد أوضح مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن هذا المرض القاتل الذي أودى بحياة نصف مليار إنسان يبدأ بأعراض مبكرة تشمل:
حمى شديدة.
صداع شديد.
ألم في الظهر.
ألم في المعدة.
تعب وضعف شديدين.
تقيؤ.
وبعد المرحلة الأولى من الأعراض، يبدأ الطفح الجلدي بالظهور، عادةً داخل الفم أولًا، ثم ينتشر إلى الوجه، ومنها إلى باقي أنحاء الجسم. ويتحول هذا الطفح تدريجيًا إلى تقرحات، ثم بثور صلبة مملوءة بالسوائل.
تستمر الأعراض الأولية، مثل الحمى والصداع والتعب، من يومين إلى أربعة أيام، مع ملاحظة أن الحمى قد تختفي مؤقتًا ثم تعود مجددًا عند بدء الطفح الجلدي. أما الطفح الجلدي، فيمر بعدة مراحل، وتستغرق كل مرحلة منها بضعة أيام.
وفيما يتعلق بفترة الحضانة أي المدة التي يبقى فيها الفيروس داخل الجسم قبل ظهور الأعراض فهي تتراوح بين 7 و19 يومًا، بمتوسط شائع من 10 إلى 14 يومًا.
كيف ينتشر الجدري؟
ينتقل الجدري بسهولة من شخص إلى آخر، ويُعد الاتصال المباشر وجهًا لوجه هو الوسيلة الأكثر شيوعًا لانتقال العدوى. فعلى سبيل المثال، يمكن لشخص مصاب أن ينقل الفيروس عبر السعال أو التحدث إذا كان الشخص الآخر قريبًا بما فيه الكفاية.
ولا يقتصر الأمر على الرذاذ التنفسي فقط، بل يمكن أن ينتشر أيضًا من خلال ملامسة الأدوات أو الأسطح الملوثة، مثل:
ملاءات السرير.
الملابس.
المناشف.
الأدوات الشخصية للمصاب.
وتبقى هذه الأشياء مصدرًا ناقلًا للعدوى إذا لامسها شخص سليم قبل تنظيفها وتعقيمها جيدًا.
ما هي مضاعفات الجدري؟
بحسب موقع Cleveland Clinic، فإن الجدري لا يقتصر فقط على الطفح الجلدي والحمى، بل قد يؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفات صحية خطيرة، خصوصًا إذا لم يُعالج بالشكل المناسب. ومن أبرز هذه المضاعفات:
التندب الشديد.
العمى.
التهاب الدماغ.
التهاب الأكياس الهوائية الصغيرة في الرئتين (الالتهاب القصبي الرئوي).
العدوى البكتيرية.
التهاب المفاصل.
هل هناك علاجات للجدري؟
تتوفر بعض الأدوية المضادة للفيروسات التي تم اعتمادها كخيارات علاجية محتملة في حال عودة ظهور الجدري، وتشمل:
تيكوفيريمات (TPOXX®).
برينسيدوفوفير (TEMBEXA®).
سيدوفوفير (Vistide®).
ورغم أن هذه الأدوية طُوّرت بعد الإعلان عن القضاء على الجدري، ولم تُختبر مباشرة على مصابين بالمرض، فإنها خضعت لاختبارات علمية صارمة أثبتت سلامتها عند الاستخدام البشري، ويُعتقد أنها ستكون فعالة استنادًا إلى نتائج تجارب على نماذج فيروسية مشابهة.
ويؤكد الخبراء أن هذه الأدوية قد تكون خط الدفاع الأول في حال حدوث تفشٍّ جديد للفيروس، رغم عدم توفر بيانات سريرية كاملة حول فعاليتها الفعلية ضد الجدري نفسه.
ما هي طرق الوقاية من الجدري؟
يمكن الوقاية من الجدري عن طريق لقاحات الجدري، التي تُصنع من فيروس يُسمى الجدري، وهو مشابه للجدري الحقيقي لكنه أقل ضررًا.
يمكن أن يحميك لقاح الجدري من الجدري لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات. بعد ذلك، تقل قدرته على الحماية. لذا، إذا كنت بحاجة إلى حماية طويلة الأمد، فقد تحتاج إلى تلقي جرعة مُعزِّزة.
كيف تم القضاء على الجدري؟
بفضل جهود التطعيم المبكر، بدأت أولى خطوات القضاء على الجدري في العام 1796 على يد الطبيب الإنجليزي إدوارد جينر، الذي طوّر أول لقاح باستخدام فيروس الجدري البقري. وسرعان ما انتشرت فكرة التطعيم، لتُحدث تحولًا في مسار مقاومة المرض.
لكن وعلى الرغم من إطلاق منظمة الصحة العالمية خطةً للقضاء على الجدري العام 1959، فإنها لم تنجح بسبب نقص التمويل والكوادر؛ ما سمح للمرض بالاستمرار والتفشي حتى العام 1966 في مناطق واسعة من أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا.
وفي العام 1967، أطلقت المنظمة برنامج الاستئصال المكثف، الذي شهد تصنيع لقاحات عالية الجودة وتنفيذ حملات تطعيم جماعية. وبفضل هذه الجهود العالمية، نجحت معظم الدول في القضاء على الجدري، حتى أعلنت المنظمة رسميًا في العام 1980 أن الجدري قد تم القضاء عليه تمامًا من العالم.
هل لا يزال الجدري موجودًا؟
لم يعد الجدري موجودًا لدى البشر أو ينتشر بشكل طبيعي، ولم تُسجل أي حالات إصابة بالجدري خلال السنوات الـ48 الماضية، تحديدًا منذ العام 1977؛ لتعلن منظمة الصحة العالمية انتهاء عصر هذا المرض اللعين بحلول العام 1980.
هل يدوم لقاح الجدري مدى الحياة؟
تشير بعض الدراسات إلى أن لقاح الجدري يمكن أن يوفر الحماية لعقود. بالنسبة لمن يحتاجون إلى لقاح الجدري لعملهم، توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بتلقي جرعة مُعزّزة كل ثلاث سنوات.
وتستخدم لقاحات الجدري فيروسًا حيًا غير مُعدّل، وعند التلقيح به تصاب بعدوى الجدري في موضع التطعيم، وبسبب العدوى تكوّن بثرة، تترك ندبة لاحقًا.