اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٨ شباط ٢٠٢٥
مع انتهاء الحرب في النبطية، خرحت إلى العلن عشرات الجمعيات التي لم يسمع أحد بها سابقاً، ودار نقاش كبير حول أهدافها، ومن هي، ومن يقف خلفها؟ لكن سرعان ما توسّع الخلاف حولها داخل بيت الجمعيات نفسها. ووضع البعض تحرك هذه الجمعيات في خانة الاستعداد للانتخابات البلدية، فيما البعض الآخر وضعها في إطار أهداف مريبة.
على ما يبدو أن الطامحين لخوض الانتخابات البلدية كثيرون، وبخاصة في ظل الفساد الكبير الذي أصاب بلديات محافظة النبطية، والتي عجزت عن حل أزمة النفايات التي رافقت عهدهم، وما زالت. ناهيك عن باقي المشاكل الخدماتية وحتى الإنمائية.
من النادر جداً أن ترى إنماء في القرى بعدما تنصل بلديات كثيرة من واجباتها، إما بسبب الخلافات داخلها واعتزال أعضائها العمل، وإما بسبب غياب الموارد المالية، وإما بسبب التجاذبات الحزبية. فكان أن دفع الناس ثمن هذه الأزمات.
كانت غالبية البلديات في النبطية قبل الحرب الأخيرة تغط في غيبوبة. وكان رؤساؤها ينتظرون انتهاء ولايتهم لإزاحة 'هذا الحمل' عن ظهورهم، وبخاصة بعدما أفلست صناديقها، وساد بعضها تجاذبات من داخل البيت الواحد، ما عطّل عملها.
لم يختلف المشهد كثيراً بعد الحرب. وتقف بلديات المنطقة بمجملها عاجزة عن إدارة أزمات ما بعد الحرب. قد تكون أزمتا المياه والنفايات أبرزها وربما الأكثر تعقيداً.
لم تدخل التنمية إلى القرى منذ زمن طويل، وتعد البلديات التي عملت وفق خط إنمائي قليلة العدد. وقد تكون بلدية النبطية الفوقا الأكثر نجاحاً في هذا السياق. وقد نجح رئيسها ياسر غندور في تنفيذ عشرات المشاريع الإنمائية في البلدة من مشاريع مائية إلى تنموية وغيرها، في وقت فشلت البلديات المجاورة له. وربما هذا ما شجع كثير من الجمعيات على البدء بالتحرك على خط الانتخابات البلدية، من بوابة الخدمات الوهمية التي تقدمها.
ينتظر الجميع إجراء الانتخابات البلدية، للتخلص من صورة البلديات الفاشلة. وسيحاسب الناس هذه المرة كل من أقصى الإنماء عنهم، وهذا يدفع الأحزاب إلى إعادة النظر وإجراء محاسبة شاملة حول سبب فشل بلديات محافظة النبطية في دورها.
كبرت النقمة على أداء رؤساء البلديات وحتى على اتحاد البلديات الغائب الأبرز عن المشهد. ومنذ سنوات وخدمات الاتحاد مفقودة. ولا يوجد مشروع حيوي بارز نفذه. وقد يكون مشروع معمل فرز النفايات الأبرز، غير أن المشروع معطّل منذ أكثر من تسع سنوات، ومعه تعطلت كل حلول أزمة النفايات في النبطية.
يسجل على بلديات النبطية المقسمة بين 'ثنائي أمل وحزب الله' عتب كبير. فهي لم تقم بأي إنماء متوازن ينهض بالقرى. بل على العكس، كل شيء غائب بما في ذلك الزفت غائب عن طرقات القرى منذ سنوات طويلة. وقد تكون بعض البلديات نجحت في تجارة النفايات، وما عدا ذلك فشلت.
حاول الأهالي محاسبة التركبية الحزبية في انتخابات 2016 حيث انتخبوا لائحة مناهضة للائحة 'الثنائي'، ونجحوا في إبعادهم، غير أن خيارهم لم يجر احترامه، فحلّت الأحزاب البلديات، وأبقتها في عهدة محافظ النبطية. وعاد الحديث اليوم عن دور الأهالي في تغيير نمطية الانتخابات البلدية. فهل سيطيح الناس بالحزبية البلدية التي حكمت البلديات وعطلت دورها، وحولتها في كثير من الأحيان إلى دكاكين تقدم خدمات حزبية وليس إنمائية؟
تقول مصادر متابعة إن خيار الأهالي هذه المرة سيكون الحكم، فالنفايات التي تتحلل في الطرقات وتسبب الأمراض ستكون الدافع الأبرز لمحاسبة الأحزاب. وتأتي في المرتبة الثانية محاسبة الفساد المستشري. ومن عينات الفساد تقول المصادر إن المحافظ شكل لجنة تدقيق مالي في إحدى البلديات بعدما تبين وجود أكثر من ملياري ليرة في خزينة البلدية بعهدة أحد الموظفين، وهو أمر مخالف للقانون. لكن الأحزاب دخلت كي لا تتم محاسبة الموظف الفاسد .
وبحسب المعلومات فإن حاروف واحدة من البلدات التي حُلت بلديتها لأن أهلها اختاروا أشخاصاً من خارج اللائحة. وقد غرقت في أزمة نفايات تتكدس في كل طرقاتها.
بالمحصلة، تنتظر بلدات النبطية وقراها الانتخابات البلدية بفارغ الصبر لتغيير مصيرها الإنمائي. وما يخشاه الأهالي هو أن تتسلق بعض الجمعيات على حسابهم. فهل ستحصل الانتخابات لتغيّر الناس نهج بلدياتها؟ وهل يسمح لها 'الثنائي' بالتغيير؟