اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتب ناصر قنديل في 'البناء'
كما هي العادة دائماً عند الذين يعبدون العجل الأميركي، تحليلات ننطلق من رؤية قاصرة لا ترى إلا القوة الأميركية أمامها قدراً لا يُرد، وفي مناخ التصعيد الأميركي ضد فنزويلا ينشغل هؤلاء بالتمهيد للحديث عن سقوط فنزويلا بالضربة القاضية لمجرد اتخاذ قرار الحرب في البيت الأبيض، ويكتفي هؤلاء المطبّلون بنفي فرضية انخراط روسي وازن تنتج عنه أزمة شبيهة بأزمة الصواريخ السوفياتية إلى كوبا المعروفة بأزمة خليج الخنازير التي كادت تشعل حرباً عالمية، وانتهت بسحب الصواريخ السوفياتية يومها مقابل إلغاء قرار الحرب الأميركية على كوبا، ويستخلصون من الانشغال الروسي بحرب أوكرانيا عدم وجود ظرف مشابه لمناخات أزمة خليج الخنازير، وتصبح فنزويلا بنظرهم فريسة سهلة ولقمة سائغة.
– عندما اتخذت السعودية قرار الحرب على اليمن، وتضامنت معها الإمارات ودول الخليج كان هؤلاء المطبّلون أحد أسباب التورط الخليجي بالحرب، بعدما صوّروا اليمن فريسة سهلة ولقمة سائغة، لكن الرياض اكتشفت بعد ثماني سنوات من الحرب أنها تورطت بحرب لن تنتهي، وأن الخيار الأمثل هو البحث عن تسوية، وكانت السعودية قد تيقنت خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى أن واشنطن التي شجّعتها على الحرب تحت شعار ضرب أذرع إيران هربت من ساحة الإسناد الذي طلبته السعودية بعد ضربة أرامكو، وعندما وقع طوفان الأقصى وتولى اليمن فتح جبهة إسناد غزة هرعت واشنطن للتدخل لأن “إسرائيل” هي المعنية وليس السعودية أو أي بلد عربي، وعندما طلبت واشنطن من الرياض المشاركة في حلف حارس الازدهار لمواجهة اليمن، وسعي أميركا لإشراك دول البحر الأحمر في الحرب للحصول على الشرعية الإقليمية بغياب الشرعية الدولية لحربها، رفضت الرياض وكانت النتيجة بعد سنة ونصف أن واشنطن انسحبت من الحرب مفضلة الهزيمة على حرب استنزاف بدا أن اليمن يسيطر على مسارها، ويستطيع إغراق سفن وربما حاملات طائرات خلالها.
– نجح اليمن بإنتاج موازين قوى جديدة حجز خلالها مكانة إقليمية ودولية، عندما قام بتطوير سلاح الصواريخ والطائرات المسيّرة مستفيداَ من التطور الإيراني التكنولوجي، لكن مستنداً إلى كفاءة يمنية عريقة في ميدان تصنيع السلاح النوعي والصاروخي خصوصاً، وما كان في البدايات بعد أربع سنوات من الحرب، وظهرت كفاءته في ضربة أرامكو، ظهر بصورة أشدّ قوة خلال المواجهة اليمنية الأميركية ولاحقاً اليمنية الإسرائيلية، ويكفي أن نعلم أن معهد حروب البحر الأميركي استخلص أن البحر الأحمر غير مناسب لخوض مواجهة بحرية لأميركا ناصحاً بعد إرسال حاملات طائرات وسفن ثقيلة إليه في حال مواجهة مع اليمن، بعدما فشلت الرادارات والدفاعات الجوية في ضمان الحماية اللازمة للسفن والحاملات من صواريخ اليمن وطائراته المسيرة التي أصابت أهدافها مراراً، فيما نجح اليمن ببلوغ مطار بن غوريون مراراً بطائراته المسيّرة وصواريخه المجنحة، وفشلت الدفاعات الجوية الإسرائيلية المستندة كلها إلى تقنيات ومنصات ورادارات وذخائر أميركية.
– فنزويلا الدولة العالمية الأولى باحتياطيات النفط ورابع احتياطي غاز في النصف الغربي للكرة الأرضية، تبعد عن السواحل الأميركية المسافة ذاتها التي تفصل اليمن عن فلسطين المحتلة، ومثلما اعتمد اليمن على الصمود في أيام وسنوات الحرب الأولى، ستفعل فنزويلا، ومثلما نجح اليمن بالصمود بينما علماؤه يطوّرون الصواريخ والطائرات المسيّرة حتى امتلك سلاح الردود وأمسك بالبحار بصواريخه وطائراته المسيّرة سوف تفعل فنزويلا، وخلال وقت قصير سوف تصبح فنزويلا يمن البحر الكاريبي الذي سوف يصبح محرّماً على السفن وناقلات النفط الأميركية، وحاملات الطائرات والسفن الحربية الأميركية سوف تضطر إلى الابتعاد ألفي كيلومتر عن فنزويلا، وسوف تكون المدن التي تقع ضمن دائرة شعاعها 2500 كلم معرّضة للاستهداف ومن ضمنها واشنطن العاصمة وأجزاء من نيويورك وميامي وولايات نيو جيرسي وبنسلفانيا وديلاوير وميريلاند وفيرجينيا وجورجيا وساوث كارولينا، ولن تجدي الدفاعات الجوية لحمايتها، مثلما فشلت الدفاعات نفسها في حماية حاملة الطائرات هاري ترومان، وفشلت الدفاعات المماثلة بحماية مطار بن غوريون.
– لا شيء يضمن أن لا يرتكب دونالد ترامب حماقة شن حرب على فنزويلا، لكن الأكيد أن الحرب لن تقف بعد الضربة الأولى، وأن التفكير بالغزو البرّي حماقة أكبر، وأن مسار هذه الحرب يشبه كثيراً مسار عاصفة الحزم التي استهدفت اليمن، وسرعان ما تصبح فنزويلا يمن البحر الكاريبي، الذي سوف يكون على أميركا تجنّب الإبحار فيه دون اتفاق مع فنزويلا.











































































