اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ١٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يقف لبنان اليوم عند مفترق حاسم يحدد مستقبله الأمني والسيادي، مع تصاعد الضغوط الأميركية والدولية التي تطالب بخطوات ملموسة لنزع سلاح حزب الله وتجفيف مصادر تمويله. وتشير مصادر دبلوماسية أميركية لصحيفة نداء الوطن إلى أن التراخي الرسمي في مواجهة نفوذ الحزب وحلفائه أدى إلى اهتزاز الثقة الدولية بقدرة الدولة على تنفيذ التزاماتها، ما جعل استمرار الدعم الخارجي مشروطًا بقرارات حاسمة تعيد تثبيت سلطة الدولة على أراضيها.
وفي هذا الإطار، وضع الوفد الأميركي الذي زار بيروت قبل أيام رئيس الحكومة أمام معادلة دقيقة: ربط المساعدات بإنجاز معالجة ملف السلاح قبل نهاية العام، واعتماد إجراءات صارمة لوقف تدفق الأموال إلى حزب الله. وتضع هذه الشروط بيروت أمام اختبار أمني وسياسي معقد، بين ضرورة الالتزام بالقرارات الدولية ومتطلبات الداخل السياسي، في وقت تتزامن فيه التطورات مع إعلان الولايات المتحدة انضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، خطوة تحمل أبعادًا إقليمية قد تعيد رسم موازين القوى في المنطقة وتنعكس مباشرة على الساحة اللبنانية ومسار مواجهة الميليشيات المسلحة.
سيادة الدولة في مواجهة النفوذ المسلح
تفيد مصادر أميركية رفيعة لصحيفة نداء الوطن بأن التراخي اللبناني في التعامل مع ملف حزب الله، أسهم بشكل مباشر في تراجع الثقة الدولية بقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، رغم استمرار الدعم الخارجي. وتشير هذه المصادر إلى أن السلطات اللبنانية تمتنع عن اتخاذ أي إجراءات مباشرة للضغط على الحزب، بما في ذلك رفض تنفيذ المداهمات أو التفتيش في المنازل الواقعة في جنوب لبنان، والتي يزعم الجيش الإسرائيلي أنها تحتوي على مخازن أسلحة. ويرى التقييم الأميركي أن هذا النهج أصبح عقبة أساسية أمام تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، ويضع الحكومة اللبنانية أمام معضلة مصيرية: إما الالتزام بالقرارات الدولية أو مواجهة تداعيات سياسية وعسكرية بالغة الخطورة.
تدخل محتمل لسوريا في الحدود اللبنانية
وتؤكد المصادر أن واشنطن لا تتعامل مع الملف اللبناني بمعزل عن التطورات السورية، معتبرة أن أي تردد لبناني في معالجة ملف السلاح غير الشرعي قد يفتح المجال أمام تدخلات أوسع تشمل تكليف سوريا، ضمن تعاون مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، بتنفيذ عمليات أمنية على الحدود السورية -اللبنانية لاستهداف البنية العسكرية لـ حزب الله ومنع تمدده. ويشير المراقبون إلى أن هذا السيناريو قد يصبح مطروحًا بجدية في حال فشل الحكومة اللبنانية في اتخاذ خطوات واضحة لضبط السلاح خارج سلطة الدولة.
سوريا تدخل التحالف الدولي وتعيد رسم التوازنات الإقليمية
تشير المصادر إلى أن المباحثات السورية - الأميركية أفضت إلى اتفاق يقضي بانضمام دمشق إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، بما يشمل مواجهة تنظيم داعش والحرس الثوري الإيراني، إلى جانب حزب الله وحماس على الأراضي السورية. وبدأت دمشق المضي قدمًا نحو تدقيق أمني شامل لأسماء عائلات وأفراد لبنانيين وعراقيين مقيمين في سوريا، تحسبًا لارتباطهم بـ حزب الله أو بالمليشيات الإيرانية، خاصة بعد القبض على خلية إرهابية خطيرة مرتبطة بفلول النظام وذات صلات بالحرس الثوري الإيراني.
ونتيجة لهذا المسار، أصبحت سوريا لاعبًا محوريًا في ضبط الحدود ومراقبة تحركات حزب الله داخل الأراضي السورية وعلى طول الحدود السورية - اللبنانية، ما يزيد الضغط على الحزب ويفرض على لبنان التزامات أمنية دقيقة وجديدة.
ويعكس هذا التحوّل، انتقال سوريا من عزلة دبلوماسية إلى شراكة فعّالة مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي، بما يقلص النفوذ الإيراني ويفصل خطوط الدعم العسكري لـ حزب الله نحو لبنان والعراق. كما يسهم الاتفاق في إعادة رسم التوازنات الإقليمية عبر محور جديد يضم دمشق وواشنطن، في محاولة للحد من النفوذ الإيراني وضمان استقرار الحدود السورية المشتركة، مع تعزيز قدرة التحالف الدولي على مواجهة الميليشيات المسلحة داخل سوريا وخارجها.
لبنان بين التحديات الداخلية والرهانات الإقليمية
يبقى لبنان أمام تحديات مزدوجة: الحفاظ على سيادته ومواجهة نفوذ ميليشياته الداخلية، وفي الوقت نفسه التكيّف مع التحولات الإقليمية التي تعيد رسم ملامح القوة في المنطقة. الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب الضغوط الدولية، تجعل الحكومة مضطرة لاتخاذ قرارات حاسمة وسريعة، خصوصًا في ملفات الأسلحة والالتزامات الأمنية.
وتحتاج الدولة اللبنانية إلى رؤية واضحة واستراتيجية متكاملة توازن بين حماية مؤسساتها، والحفاظ على الأمن الداخلي، ومواجهة التحولات الإقليمية التي قد تؤثر مباشرة على مستقبل لبنان السياسي والعسكري. وأي تأجيل في اتخاذ هذه القرارات، قد يعرّض البلاد لمخاطر متعددة ويضع السيادة الوطنية على المحك، ما يجعل المرحلة الراهنة مرحلة فاصلة تتطلب جرأة سياسية ومهنية على مستوى القيادة الحكومية.











































































