اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٣ أيار ٢٠٢٥
رحل عدنان القصار، صاحب المسيرة الطويلة من الكفاح والنجاح، التي إمتدت لحوالي سبعين عاماً على صعيد العمل الإقتصادي والمصرفي، إنطلاقاً من لبنان، مروراً بالدول العربية، وصولاً الى المحافل الدولية.. هكذا يمكن توصيف «الريس» عدنان القصار، أبرز رئيس لغرفة التجارة والصناعة في بيروت ومن ثم ترشحت في انتخابات الغرفة التي جر (منذ عام 1972 لغاية عام 2005)، ومن ثم للهيئات الإقتصادية (أسسها الشيخ بطرس الخوري عام 1965)، على مدى عشرات السنوات، حيث كان شاهداً على كثير من المحطات والتقلبات الإقتصادية في تاريخ لبنان، بكل تحولاتها بين حرب تُردي المشاريع وسلم يحييها.
وتذا ما مكنه من أن يكون خير سفير «فوق العادة» للإقتصاد الوطني في الاتحاد العام للغرف العربية، الذي ترأسه على مدى عشر سنوات، وكذلك ورئيسا في غرفة التجارة الدولية الذي تولى رئاستها كأول عربي...
كان في التاسعة عشرة حين بدأ العمل التجاري في عام 1949 في مكتب صغير من مبنى القصار في مقابل الجامع العمري. ومن ثم كانت النقلة النوعية عام 1954، حين قام برحلة إلى الصين ودخل من خلالها إلى عالم التجارة الدولية، ثم تلا ذلك التوسّع في الأعمال وحيازة مصرف «فرنسبنك» مع شقيقه عادل عام 1980 والذي أصبح مجموعة فرنسبنك» المصرفية، حيث عملا على تطوير المجموعة ونموها في لبنان وتوسيع عملها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
منذ البدايات أدرك أن الرؤية والتخطيط والعمل الدؤوب، هم أساس النجاح، فإعتمدها منهجاً له، حتى تمكن من خلال عالم المال والأعمال أن يكون علامة وسمة بارزتين في مجالهما، ليتحول إلى رجل إقتصادي إستثنائي وريادي، بفضل الجسور التي مدها بين الاقتصاد اللبناني وبين الإقتصاديات العربية، ومنها الى العالم أجمع، ليدون إسمه بأحرف مذهبة على لائحة شرف إقتصاديات العالم.
وكان يعتبر القصار أنه إستخلص من إنجازاته التي حصدها بالتعب والصبر والمثابرة، عبرتين أساسيتين:
-الأولى، أنه ليست هناك طريق طويلة ولا صعبة لمن يعرف ماذا يريد ويتقدم ببطء من دون إستعجال لتحقيقه، متسلحا بالقدرة والاستقامة والعلم والخبرة وطول البال.
-الثانية، هي أن النجاح الحقيقي والقابل للدوام لا يعبر في المسالك الموجودة أصلا، بل إنه في الرؤية لفتح الطرق والدروب الجديدة وتحقيق القيمة المضافة والزيادات النوعية.
بالرغم من أنه كلف بتولي مناصب وزارية من «البوابة» الإقتصادية، وإعتزازه بأنه تمكن من تحقيق مشاريع تعزز مشاركة القطاع الخاص في تنشيط وتزخيم الإقتصاد الوطني، من خلال إعتماد الأسلوب البراغماتي لمقاربة الشؤون الاقتصادية بفعالية، فإنه لم يكن يخفي سراً أنه وجد نفسه خلال تجربته في السلطة في أجواء مثقلة بالبيروقراطية، مقارنة بالمنهجية العملية التي تعوّد عليها في عالم الاقتصاد والأعمال.
مع رحيل «الريس» عدنان القصار، يخسر لبنان علماً إقتصادياً بارزاً، عمل خلال عقود من الزمن للمحافظة على الإقتصاد الوطني اللبناني، وعلى مد أمتن الجسور الإقتصادية بين لبنان والعالمين العربي والغربي، فآستحق عن جدارة أن يكون «وزير خارجية لبنان الإقتصادي» من خارج الحكومات.