اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ١٦ شباط ٢٠٢٥
بدعوة من 'منتدى جنوبية'، عُقدت ندوة حوارية بمقره في بيروت عصر يوم الجمعة في 14 شباط 2025 بعنوان 'من فدرالية الطوائف إلى دولة المواطنة.. هل انتهى لبنان الرسالة'؟ حاضر خلالها المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصايغ.
حضر الندوة عدد من الوجوه الإعلامية والثقافية، منهم، الى رئيس تحرير 'جنوبية' الصحافي على الأمين، الدكتور حارث سليمان، الشاعرة نوال الحوار الصحافي بشارة خيرالله والصحافي احمد عياش والدكتور مجيد مطر والناشط نضال ابو شاهين، العميد المتقاعد محمد خلف، يوسف الزين وحنان جواد.
خليفة
قدم الندوة الدكتور علي خليفة، الذي لفت الى 'ان لبنان يشكل نموذجا فريدا غنيا بتنوعه وتاريخه، في منطقة عرفت بسيادة الحرية والتفاعل الايجابي بين الثقافات والاديان، ومع ذلك فان هذه الميزات واجهت اكثر من مرة تحديات، حملت التنوع اللبناني الى التشظي والتصادم والتنافر والتنازع حتى بلوغ شفير الانهيار'.
وتابع 'لذلك فان دولة المواطنة هي الهدف المنشود، وهي شرط مسبق لنضوج العناصر الوحدة الوطنية، ووحدة الشعب، دولة المواطنة وحقوق الإنسان محملة بمصطلحات مرجعية، كالمواطنة والديموقراطية وسيادة القانون وغيرها، نحن نصبح مواطنين بقدر التزامنا بالحقوق والواجبات'.
خليفة: دولة المواطنة هي الهدف المنشود، وهي شرط مسبق لنضوج العناصر الوحدة الوطنية، ووحدة الشعب
ثم قدّم خليفة المحاضر واضعا هذه الأفكار على طاولة النقاش أمام 'المحاضر الباحث زياد الصايغ المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني، وهو خبير في قضايا اللاجئين الفلسطينيين، والنازحين من سوريا، وسياسات العمل والحماية الاجتماعية، وعضو استشاري في لجنة التنسيق اللبنانية الاميركية واللبنانية الفرنسية واللبنانية الكندية، ومنسق مبادرة لبنان الاخضر ومستشار في وزارة الدولة لشؤون النازحين'.
الصايغ
بدوره شكر الصايغ 'منتدى جنوبية' والقيّم عليه الأمين، لافتا في البداية ان 'لبنان هو فدرالي بتكوينه وليس بحاجة لفدرلة، فالوحدة الوطنية تعرضت لشيطنات، منها تصوير لبنان أنه خطأ تاريخي، ومنها من يسخر من فكرة لبنان الرسالة'.
ثم طرح صايغ اسئلة، اجاب عنها لاحقا منها: هل قامت الدولة بتحصين الهوية الوطنية؟ والجواب برأيه انه 'لم تكتمل عناصر بناء الدولة، خصوصاً مع تخلي الدولة عن سيادتها عام 1969 بتوقيع اتفاق القاهرة، الذي اجاز لمنظمة التحرير الفلسطينية، السيطرة على جزء من جنوب لبنان، للقيام بعمليات عسكرية عبر حدوده ضد الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين'، وهو برأيه 'ما جعل هوية المواطنة 'شبه غائبة'، وما سمح لاحقا للأحزاب بتشكيل هويتها الخاصة، وبهذا جرى الانقضاض على الهوية السيادية'.
الصايغ: لم تكتمل عناصر بناء الدولة، خصوصاً مع تخلي الدولة عن سيادتها عام 1969 بتوقيع اتفاق القاهرة، الذي اجاز لمنظمة التحرير الفلسطينية السيطرة على جزء من جنوب لبنان
ثم سأل الصايغ :هل تملك هوية وطنية جامعة؟ وما هو الخط الفاصل بين الحرية والعيش المشترك؟ ليوضح 'ان الحرية يجب أن تكون مرتبطة بالعيش المشترك، فالدستور اللبناني يضمن الحرية للأفراد وليس للطوائف أو للجماعات، والطائف أعطى ضمانات للطوائف، في حين أن النائب يمثل الأمة كلها، الواقع أنه لا يوجد تناقض بين الحرية والعيش المشترك، إذ تجمعهما المواطنة'.
وأردف الصايغ 'هل انتهى اتفاق الطائف؟ 'أن هناك بنوداً في اتفاق الطائف لم تنفذ، وخصوصاً ما يهتم منها بالتنوّع، منها اللامركزية الإدارية الموسعة المنصوص عليها بالطائف، وتشكيل لجنة إلغاء الطائفية السياسية يجب أن تشملها الإصلاحات ويجب وضعها على الطاولة، وكذلك نص الطائف على إنشاء مجلس شيوخ على قاعدة التشاركية وليس المحاصصة، اضافة لقانون بالانتخاب يجب أن يشمله الإصلاح، الى جانب انشاء مجلس الشيوخ وتحديد مفهومي الميثاقية والديموقراطية التوافقية والسلوك السياسي'.
ولفت الصايغ ان 'الرئيس جوزاف عون تحدث عن استراتيجية الأمن القومي، وعن الحياد الإيجابي، وهي سياسة جوار وليس سياسة عزل'.
الصايغ: ان الحرية يجب أن تكون مرتبطة بالعيش المشترك، فالدستور اللبناني يضمن الحرية للأفراد وليس للطوائف أو للجماعات
وخلص الصايغ الى سؤال: هل نحتاج إلى تغيير في النظام السياسي في لبنان؟
وإذ اكد الصايغ جوابا على سؤاله انه 'لا يوجد دستور او نظام سياسي مقدّس، وكان يجب تطبيق الدستور كما أسلف'، كما لفت 'انه يوجد عين عربية ودولية على لبنان، لأنه يملك ميزات تفاعلية، فلبنان ركيزة تفاضلية، كونه رسالة تنوع وأخوة، ولكنه واجه هجوم اللادولة، هناك مجموعة جريمة منظمة مشتركة مع بعضها البعض، فالطائفية ليست هي المرض، ولكن السلوك اللاأخلاقي السياسي في التمثيل الطائفي هو السبب وهو المرض'.
مداخلات
رأى سليمان في مداخلته ان 'الهوية اللبنانية مسألة غير منجزة وهي تتشكل باستمرار، وهو مفهوم على المستوى العالمي خصوصاً في عصر العولمة التي تؤدي إلى تغييرات يومية، الهوية معطى غير منجز'.
واضاف 'مسألة لبنان هي أن تكون هوية أفراد أم هوية جماعات، ولكن الممارسة السياسية تجعل من الجماعات مكوّن أساسي للدولة، وبالتالي أصبح هناك مفارقة كبيرة، فهذه الجماعات تسعى لتقاسم المغانم في الدولة، هناك عدة دول في لبنان، والإشكال يبقى في السيادة.كلنا ننتهك السيادة، الأحزاب والمجموعات جميعاً، عندما نفشل بإنسان دولة جامعة ذات سيادة تنفجر الهويات'.
سليمان: لا أزمة هوية في لبنان، الأزمة الحقيقية هي أن لا قرار بالتسليم للدستور وسيادة القانون، المشكلة هي بالثقافة التي ترفض سيادة القانون
وخلص سليمان الى ان 'العيش المشترك يكون بحرية الأفراد، وليس عيشا مشتركا بين الزعماء رؤساء الطوائف.وبالتالي، لا أزمة هوية في لبنان، الأزمة الحقيقية هي أن لا قرار بالتسليم للدستور وسيادة القانون، المشكلة هي بالثقافة التي ترفض سيادة القانون'.
من جهته، رأى الزين ان 'قدرة الشعب على النجاح سمح للدولة أن تكون فاشلة، فاللبنانيون راسخون في الوطنية'، مشيرا الى ان 'مدارس الإرساليات هي المدارس المهمة والناجحة في جنوب لبنان، وطلابها غالبيتهم الساحقة من الشيعة، ما يعني ان اللبنانيين ليسوا طائفيين، البلد الوحيد الذي يتزاوح فيه ابناء الطوائف هو لبنان، ولكن يجب أن يقرر اللبنانيون أن يكونوا لبنانيين'.
ولاحظت الحوار أن 'عدم التزاوج بين الطوائف، لا يمنع الوحدة الوطنية كما هو الواقع في سوريا، ولكن السؤال يبقى حول توطين الفلسطينيين ووضع اللاجئين السوريين في لبنان'.
اما أبو شاهين فقال ان 'الفكرة اللبنانية لا تسقط، فهناك مفكرون واعلام اسسوا لها، منهم ميشال شيحا ومثقفيه كمال جنبلاط الى سمير قصير ولقمان سليم، وقد صمد لبنان امام جميع المشاريع التي شكلت خطرا على كيانه، كالمشروع العربي في ستينات القرن الماضي، وبعدها الحرب الاهلية التي سببها الوجود الفلسطيني، ثم الهيمنة السورية والمشروع الايراني مع 'حزب الله' لاحقا'.
وفيما سأل خلف عن 'السياق الداخلي والخارجي الذي يتعرض له لبنان حاليا يساعد على تعزيز مفهوم المواطنة، عقبت جواد حول امكانية انتاج النظام اللبناني للمواطنة، وهو الذي قام باتفاق بين زعماء الطوائف، فاصبحت الدولة العميقة في لبنان، عبارة عن شركة محاصصة طائفية توزع المنافع والارباح، على المساهمين من هؤلاء الزعماء، ورأت ان في لبنان لا يوجد مساواة بين الافراد كما نصّ الدستور، فتسلم المراكز الحكومية والارتقاء فيها يتم على اساس طائفي وليس على اساس الكفاءة'.
وجرى بعده نقاش بين جواد وحارث سليمان حول المواطنة في لبنان بمفهومها الاجتماعي والسياسي.
وختاماً، ابدى عياش 'تفاؤله بمستقبل لبنان مع تشكيل الحكومة الاصلاحية برئاسة الدكتور نواف سلام، الذي اعلن في مقابلته قبل ايام، عن ترسيخ سياسة القانون وعدم افلات المجرمين من العقاب، فهذا عنوان برأيه لسياسة اصلاحية حقيقية، وكذلك فتح الاسواق التجارية امام الجمهور بعد اقفالها لاعوام من قبل حرس مجلس النواب، وهو ما يساهم مستقبلا بتعزيز المواطنة عمليا ومعنويا'.