اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
تشكل قضية الصحراء المغربية إحدى أبرز القضايا الاستراتيجية التي تحظى باهتمام واسع على المستويين الإقليمي والدولي، سواء من حيث تعقيداتها القانونية أو تشعباتها السياسية، وبينما تتغير السياقات الدولية وتتبدل موازين القوة، يظل هذا الملف محكًّا حقيقيًا لاختبار مدى قدرة الدول على الدفاع عن سيادتها عبر أدوات القانون الدولي وشرعية التاريخ والواقع الميداني.
ومن هذا المنطلق، فإن فهم الطبيعة القانونية والسياسية للنزاع يُعد شرطًا أساسيًا لأي تحليل موضوعي أو موقف متزن إزاء هذا الملف الحيوي، لا يقتصر على سرد المعطيات التاريخية أو استعراض المواقف السياسية، بل يستند إلى منظور قانوني صارم يضع النزاع في إطاره الصحيح، بعيدًا عن الخطابات المؤدلجة أو الأجندات الإقليمية.
في هذا السياق، قدّم الخبير الأمني محمد الطيار، رئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية، رؤية قانونية واستراتيجية لفهم هذا النزاع المفتعل، مؤطرًا إياه في ستة مداخل رئيسية تشكّل حجر الأساس للدبلوماسية المغربية في معالجتها لهذا الملف داخل إطار القانون الدولي وضمن منطق السيادة الوطنية.
في مدخل أول، شدد الدكتور الطيار على الطابع الداخلي للنزاع، موضحًا أن المسألة لا تندرج ضمن النزاعات الدولية بالمعنى القانوني الدقيق، بل هي قضية ذات امتدادات إقليمية مرتبطة بشكل أساسي بالتدخل الجزائري في شؤون المغرب، في محاولة لخلق كيان انفصالي مصطنع على حساب وحدة المملكة الترابية، مما ينفي الطابع الدولي عن النزاع، ويغير جوهريًا من منهجية التعاطي معه قانونيًا وسياسيًا.
أما المدخل الثاني، فيتمثل، وفق ما أورده الطيار في تصريح توصلت به جريدة 'العمق المغربي'، في التأكيد على أن الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، وقد تم استرجاعها في سنة 1975 بموجب اتفاقية مدريد، التي أنهت الوجود الاستعماري الإسباني في المنطقة. وبذلك، لا يمكن تصنيف النزاع كصراع حدودي بين دول، بل يدخل في سياق استكمال السيادة الوطنية المغربية على كافة أقاليمها.
وفي سياق تشريح الدور الإقليمي، يوضح الدكتور الطيار في مدخل ثالث أن جبهة 'البوليساريو' لا تحظى بأية صفة قانونية مستقلة في القانون الدولي، ولا تُعد طرفًا شرعيًا في أي عملية تفاوض، بل تُستخدم كأداة من طرف الجزائر في صراعها الجيوسياسي مع المغرب، وهو ما يكشف الخلفية الحقيقية للنزاع.
المدخل الرابع يرتكز على مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب، والتي وصفها الطيار بأنها حل سياسي واقعي وذي مصداقية، يعكس رغبة المغرب في إنهاء هذا الوضع بشكل سلمي ودائم، دون أن يُشكل ذلك بأي حال من الأحوال اعترافًا بوجود نزاع دولي حول السيادة.
وفي خامس نقطة، أكد الدكتور الطيار أن انخراط المغرب في مسار التفاوض تحت إشراف الأمم المتحدة لا يعني فتح نقاش حول السيادة، بل هو تعبير عن التزام المغرب بالسعي إلى حل سياسي سلمي، دون التفريط في وحدة أراضيه.
ونبه المتحدث ذاته إلى إلى أن المواجهات المسلحة التي تقع في بعض الفترات لا ترقى إلى مستوى الحروب النظامية، بل هي عمليات أمنية محدودة النطاق، موجهة ضد ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون.