اخبار لبنان
موقع كل يوم -الصدارة نيوز
نشر بتاريخ: ٦ تموز ٢٠٢٥
كتب محمد شمس الدين في لبنان الكبير…
بعد أيام من الترقب حسم “حزب الله” خياره، لا سلاح سيسلّمه، لا الآن ولا في المدى المنظور، حتى لو أُغلق الباب أمام أي تفاهم دولي أو لبناني، وحتى لو تحوّل الرفض إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل أو إلى عقوبات أميركية خانقة.
موقف الحزب جاء حاسماً بعد فترة من الانتظار: السلاح ليس موضوع تفاوض ولا خاضعاً لأي مقايضة، خصوصاً في ظل استمرار الاعتداءات الاسرائيلية واحتلال أراضٍ لبنانية.
لا اتفاق جديد.. والتنفيذ يبدأ من إسرائيل
برأي الحزب، لا حاجة الى اتفاق جديد. فالاتفاق موجود أصلاً، وهو اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن وباريس في تشرين الثاني الماضي. وفق مقاربة الحزب، هو التزم الانسحاب من جنوب الليطاني وعدم التصعيد، بينما إسرائيل لم تلتزم شيئاً: لا انسحبت من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها، ولا أوقفت خروقها الجوية والبرية، ولا أفرجت عن الأسرى اللبنانيين المحتجزين لديها.
من هنا، يعتبر الحزب أن من العبث الحديث عن تسليم أي جزء من سلاحه بينما العدو الاسرائيلي لا يحترم أبسط التزاماته، ويرى في ذلك دعوة صريحة إلى “ذبح” المقاومة.
خيار الحرب حاضر ولو كان ثمنه الخسارة
الأخطر في موقف الحزب هو وضوحه الكامل بأن خيار الحرب ليس مستبعداً، بل مفضّل على الاستسلام. تقول مصادر قريبة من الحزب إن القناعة راسخة بأن تسليم السلاح طوعاً هو الطريق إلى المذبحة، وإن اندلاع حرب تُخسر فيها مواقع أو قدرات أو حتى نفوذ، يبقى خياراً مشرّفاً مقارنة بتسليم السلاح مجاناً.
وما يزيد من جدية هذا الموقف، الحديث عن تحضيرات عسكرية واسعة النطاق، واستعدادات لكل السيناريوهات، حتى أن البعض ربط بين توقف الحزب عن دفع تعويضات لبعض الأضرار في الجنوب وبين احتمال تخصيص هذه الأموال لتمويل الجبهة في حال اندلاع الحرب.
نعيم قاسم يصعّد الخطاب
في موازاة ذلك، يستعد الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم لإطلاق مواقف تصعيدية في مقابلة مرتقبة مع قناة “الميادين”، حيث سيجدد تأكيد خيار المواجهة، ويرد على الضغوط الأميركية والاسرائيلية.
قاسم كان قد أوضح سابقاً أن الحزب لا يناقش سلاحه إلا ضمن استراتيجية دفاعية داخلية، قائلاً: “لدينا قرار بالمواجهة، ولن ننتظر إذناً من أحد لحماية لبنان”.
هل القرار ذاتي أم إيراني؟
على الرغم من أن البعض يسأل عما إذا كانت طهران هي التي تمسك بقرار الحزب النهائي، تؤكد مصادر مطلعة على أجواء “حزب الله” أن القرار لبناني بحت، ويخص الحزب وحده. فالسلاح، في رؤية الحزب، هو جوهر مشروعه السياسي والأمني، وأي تنازل فيه يعني إنهاء وجوده، وهو أمر لا يحتاج إلى قرار خارجي، بل هو من صلب عقيدته.
إسرائيل تفتح جبهة الجنوب
على الأرض، لم تنتظر إسرائيل طويلاً لتترجم رسائلها العسكرية. فخلال 48 ساعة، شنت طائراتها المسيّرة أربع غارات على أهداف في جنوب لبنان، في تصعيد هو الأعلى منذ شهرين على الأقل.
الجيش الاسرائيلي أعلن عن اغتيال أحد عناصر “قوة الرضوان” في بلدة عيناتا، بغارة استهدفت سيارة في منطقة صف الهوا قرب بنت جبيل. وزارة الصحة تحدثت عن مقتل شخص وإصابة ستة آخرين في غارات متفرقة طالت بنت جبيل وشقرا وشبعا، حيث استُهدف منزل أيضاً.
وبحسب إذاعة الجيش الاسرائيلي، فإن الطائرات الاسرائيلية حاولت استهداف أربعة عناصر من “حزب الله” في عمليات دقيقة، تأكد مقتل أحدهم فيما لا تزال حالة الثلاثة الآخرين قيد التحقق.
الضغط العسكري لتسريع التفاهم السياسي
هذا التصعيد الاسرائيلي يأتي في توقيت حساس: في الوقت الذي تسعى فيه الدولة اللبنانية، عبر اللجنة الثلاثية التي تضم رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، إلى بلورة رد رسمي على الورقة الأميركية التي تطالب بنزع سلاح “حزب الله” وإطلاق ورشة إصلاحات سياسية واقتصادية، يفترض أن يُسلَّم الى الموفد الأميركي توماس باراك الاثنين.
يرى كثيرون أن إسرائيل تسعى من خلال هذا الضغط الميداني إلى التأثير على المفاوض اللبناني، ودفعه الى تقديم تنازلات في ملف السلاح.
ماذا ينتظر الاثنين؟
الأنظار تتجه إلى الاثنين المقبل، حيث يُنتظر أن يحمل باراك الجواب اللبناني الرسمي إلى واشنطن، أو يعلن عن مرحلة جديدة من الضغوط إذا تعذر التفاهم.
السؤال الأهم الآن: هل سيكتفي الأميركيون برفع العصا الاقتصادية والسياسية، أم يُفتح الباب أمام تصعيد إسرائيلي أوسع؟