اخبار لبنان
موقع كل يوم -نافذة العرب
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
كتبت لارا يزبك في نداء الوطن:
تدرس الدولة اللبنانية الرد الأميركي على الورقة التي قدّمتها للموفد الرئاسي توم برّاك الأسبوع الماضي. في الأيام القليلة التي تلت زيارة الرجل لبيروت، ارتاحت إلى إيجابية الدبلوماسي الأميركي الذي بدا مرنًا جدًا في تعليقه على ما سمعه مِن المسؤولين اللبنانيين. غير أن ارتياحها هذا لم يدم طويلًا، مع رفع برّاك، غداة مغادرته، سقفَ تحذيراته للدولة اللبنانية، منبّهًا إياها من مغبّة عدم لحاقها بركب التطورات الإقليمية. وازداد ارتباكها أكثر، مع تسلّمها الإثنين، الرسالة الجوابية الأميركية، والتي تحدّثت من جديد، عن ضرورة تقيّد الحكومة بمهلة زمنية لحصر السلاح بيدها.
معادلة متناقضة
الدولة اللبنانية تنتظر إذًا معرفة حقيقة موقف الولايات المتحدة مِن ملف نزع السلاح غير الشرعي، لتبني على الشيء مقتضاه، وكانت تنفّست الصعداء ظنًّا منها أنها تخلّصت من عبء الجدول الزمني، بحسب ما تقول مصادر نيابية سيادية لـ “نداء الوطن”. في الوقت نفسه، هي تعرف جيّدًا ما يريده “حزب الله”، المعنيُ الأول بملف السلاح، حيث يرفض تسليمَه ويهدّد بـ”نزع أرواح” مَن يطالبون بنزعه. هذه المعادلة المتناقضة، بالذات، هي التي جعلت الدولة في حيرة مِن أمرها: فهل تُرضي واشنطن أم تُرضي “الحزب؟” وكيف يمكنها أن تجمع بين المطلبين؟
ماذا تريد الدولة؟
وبينما التوفيق بينهما مستحيل، تتابع المصادر، يبدو أنه فات الدولة أمرٌ واحد وأساسي، هو أنها “دولة” أي عليها أن تتصرّف وتقرّر من تلقاء نفسها وأن تحزم أمرها وتنفّذ، من دون مسايرة أي طرف، محليًا كان أم خارجيًا، ككل الدول الحقيقية الفعلية والمستقلّة. والسؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسها هو “ما الذي تريده هي؟ بغضّ النظر عن مطالب الحزب أو واشنطن أو باريس”.
هل تملك الجواب؟ أهل الحكم يذكّرون دائمًا بأن هذا الجواب وارد في خطاب القسم وفي البيان الوزاري، فما الذي ينتظرونه إذًا لينفّذوا مضامينهما؟ وإذا سلّمنا جدلًا أن المجتمع الدولي لا يعير أهمية لـ “الحزب” أو لسلاحه، هل كانت الحكومة تنوي وضعه على الرف وتَجاهل وجودِه خوفًا من حرب أهلية مزعومة؟
إرادة غالبية اللبنانيين
وما يجب ألًا تنساه، تضيف المصادر، هو أن الدولة اللبنانية، ممثلة برئيسها العماد جوزاف عون والحكومة التي يرأسها رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، نالت ثقة اللبنانيين ممثلين بنوابهم، لأنهما تعهّدا حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. أي أن غالبية الشعب اللبناني وغالبية البرلمان، مع هذا التوجُه، وقد ظهر هذا الأمر مجددًا أمس في مجلس النواب. فلماذا تتجاهله وتساير في المقابل فريقًا سياسيًا واحدًا؟ وهل مِن المنطق أن تضرب بعرض الحائط إرادة اللبنانيين السياديين وتلتفت فقط إلى ما يريده “حزب الله”؟
تهاوي الآمال والكيان
أمام الحكومة اليوم، فرصة ذهبية لتُثبت للعالم أنها تريد أن تكون جزءًا من النهضة التي ستشهدها المنطقة، ولتعيد ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، بالدولة. إذا لم تقتنصها، قد تعود الحرب الإسرائيلية أو قد لا تعود، وقد تعيد واشنطن تفعيلَ سياسة القطيعة مع بيروت، أو قد لا تعود إليها.
لكن الأكيد والأخطر هو أنها ستقضي على آمال شعبها، وستعرّض الكيان اللبناني المستقلّ الذي انتزعه الأجداد من “بلاد الشام” عام 1920 للسقوط والهلاك، بحيث تسهل على جيرانه استباحتُه، كما أنها ستحكم على البلد، بناسه واقتصاده، بالبقاء في انهيارهما بينما المحيط كلّه يتقدّم ويزدهر. فهل يريد المسؤولون أن يدخلوا التاريخ من بابه الأسود أو الذهبي؟
المصدر: imlebanon