اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٢ شباط ٢٠٢٥
مع سقوط نظام بيت الأسد في سوريا البعثية زال شبح تهديد جماعات وشخصيات وعائلات وبيوتات سياسية اعتاشت سياسياً لعقود من خلال تقديم فروض الطاعة والولاء المطلق لهذا النظام. كان نظام الأسد مرتاحاً للساحة اللبنانية لما كانت له من امتيازات لدى هؤلاء. وطبعا، من هؤلاء موارنة لعبوا أدواراً في الحياة السياسية اللبنانية، لكنهم مع الوقت لمسوا وجع الجزية التي سددوها والتي نهشت لحمهم وأفقدتهم جزءاً كبيراً من مصداقية حضورهم العام. علماً أن هؤلاء تمكنوا من مراكز ومناصب وكراسٍ ووظائف فربحوا سلطة في مرحلة، لكنهم خسروا هالة الحضور وهيبة الموقعية التي يشغلونها. فما نفع أن تربح سلطة وتخسر الحرية. فالسلطة بدون حرية، هي شكل من أشكال العبودية. وهي تقييد للحركة لا بل أشبه بحالة اغتصاب الذات لكن طوعياً.
عرف لبنان نماذج متعددة منذ 'السلطان' سليم شقيق بشارة الخوري وصولاً إلى عهد الأصهرة في أيامنا هذه. ونخرت تلك التجارب جسم الجمهورية فنتجت عنها أمراض سياسية لم تُداو، لكون سياسة الترقيع والمساومات والمسايرات طبعت العهود.
خلال السنوات الماضية، ابتدع أحدهم أفكارا وأطروحات. منها على سبيل المثال لا الحصر، فكرة تحالف الأقليات مصطحباً معه باستمرار أكذوبة حقوق المسيحيين، وبأنه الموكل والمكلّف تحصيل تلك الحقوق ومن خلال هذه الأفكار المدمّرة. فنجح بنقل الناس إلى جهنّم ليعتلي العرش ويحترق الناس...
المهم ، أن الكرسي فضحت 'خديعة العصر' فسقطت إلى غير رجعة تلك الأفكار - البدَع التي كانت لعقود عدّة الشغل. نجح الساحر في أكبر عملية تنويم مغناطيسي للناس، أو بمعنى أصحّ لبعض الناس الذين وقعوا في جحر الأفعى، التي وبرغم أنها تلدغهم في كل لحظة، إلا أنهم باتوا عبيداً لأفكار بالية. تماماً، كما هي حال البِدَع التي تعمي بصيرة الأتباع لدرجة أنهم يتحولون إلى عميان في وضعية استعصاء على الشفاء .
ورشة إعادة الإعمار مهمة. لكن الأهم، ورشة إعادة تكوين رأي عام لبناني بدل قطعان الغنم التي تتبع وتخضع لدرجة أنها فقدت كل قيمة إنسانية للذات البشرية. وعليه، نحن أمام ورشة من نوع آخر، يقودها مفكّرون ومبدعون وفلاسفة يعيدون الكتاب إلى المجتمع الذي ما عاد يفقه القراءة لكونه سلّم الساحر واستسلم لأفكاره وللزندقة التي اخترعها لهم على مدى عقود.
والحرية لا تكون بكثرة الكتّاب والصحف، إنما بقدرة الناس على قراءة تلك المنشورات. فما نفع عشرات الصحف والمطبوعات والناس لا تقرأ.