اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
سطع نجم الأسير الفلسطيني الشهير مروان البرغوثي مجدّدًا، ليس من باب إطلاقه من غياهب السجون الإسرائيلية، بعدما رفضت تل أبيب إدراجه ضمن لائحة المحكومين بمؤبّدات، المُفرج عنهم في صفقة التبادل الأخيرة مع حركة حماس، بل من باب تداول اسمه كقياديّ فلسطيني بارز يحظى باحترام وإجماع كبيرين في صفوف حركتي فتح و حماس على حدّ سواء، ويمكن أن يُعيد اللحمة بين قطاع غزة المنكوب والضفة الغربية المقطّعة الأوصال، وأن يؤدّي دورًا قياديًا محتملًا في إعادة الوحدة إلى النسيج الفلسطيني، ورأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية، والسير بها ربّما على طريق الدبلوماسية الطويل، وصولًا إلى إبرام اتفاق سلام عادل وشامل مع الدولة اليهودية، خصوصًا في ظلّ المتغيّرات التي عصفت بالشرق الأوسط بعد هجمات 7 أكتوبر، والتي ستعيد رسم وجه المنطقة من جديد.
رفض حكومة نتنياهو اليمينية الإفراج عن البرغوثي، الذي بات يُعرف بـ مانديلا فلسطين، يظهّر البعد السياسي العميق للقرار، أكثر من أيّ بعد أمني آخر، وخير دليل على ذلك، إفراج الدولة العبرية عن بعض حَمَلة أحكام مؤبّدات، يُعَدّون أخطر من البرغوثي نفسه. ويعتقد المراقبون أن رفض تل أبيب المزمن إدراج اسم البرغوثي في أي صفقة تبادل منذ سنين، إنما يؤكّد خشيتها من عودته إلى قلب المشهد السياسي في الضفة الغربية، ومن امتداد تأثيره إلى قطاع غزة، وبالتالي قدرته على إعادة رسم المشهد الفلسطيني والخريطة السياسية، كما سعيه الدؤوب إلى توحيد الصف الفلسطيني، وهو أمر لا يطيب طبعًا لصناع القرار في تل أبيب، الذين لطالما لعبوا على وتر التناقضات الفلسطينية وتمتعوا بمشهد الاقتتال الداخليّ. وما يؤرق الإسرائيليين أيضًا الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها البرغوثي، والتي تؤهّله للظفر بأي انتخابات فلسطينية مقبلة، خصوصًا أن استطلاعات الرأي لطالما أظهرت تقدّمه على سواه، رغم وجوده خلف القضبان الإسرائيلية، كيف لا وهو القياديّ الفتحاوي الحاضر أبدًا في الوجدان الفلسطيني، كأحد أبرز رموز الحركة الوطنية، وأحد قادة الانتفاضات الشعبية في الضفة.
بيد أن إشارة لفظية واحدة أطلقها قائد سفينة العم سام كانت كفيلة بإحياء آمال ملايين الفلسطينيين بإمكان إخراج البرغوثي من أقبية السجون الإسرائيلية، وهم الذين يكنون مودّة كبيرة له، ويتعاطفون معه بحكم قضائه أكثر من عقدين في تلك السجون، وهو الذي اشتهر منذ سنين بمقارعته باللغة العبرية سجّانيه والسلطات القضائية الإسرائيلية داخل جلسات محاكمته.
إشارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمثلت بتصريحات أدلى بها لمجلة تايم الأميركية، وأسَرّ فيها لدى سؤاله إن كان يدعم إطلاق البرغوثي، بأنه سيتخذ قرارًا في هذا الشأن. لذا يرنو الفلسطينيون إلى تدخل قائد العالم الحر لدى بيبي لإرغامه على الإفراج عن مانديلا فلسطين، كما تدخل سابقًا لإجباره على التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس في قطاع غزة.
وهنا يعزو المراقبون حماسة ترامب للبرغوثي، إلى إدراكه أن:
- الداخل الفلسطيني بأمسّ الحاجة إلى قائد يوحّد ولا يفرّق، وباستطاعته تشكيل هيئة إدارة موحّدة بالحدّ الأدنى في القطاع والضفة.
- البرغوثي لطالما تصدّر استطلاعات الرأي الفلسطينية، ما يخوّله أن يكون الأكثر شرعية لتمثيل الفلسطينيين في أي عملية سياسية.
- البرغوثي هو أحد المشاركين البارزين في كتابة وثيقة الأسرى عام 2006 التي تدعم حلّ الدولتين.
- الرئيس محمود عباس غير قادر على قيادة غزة بعد الحرب، خصوصًا في ظلّ رائحة الفساد التي تفوح من مؤسّسات السلطة في الضفة، ورفض تل أبيب المطلق تسلّمه زمام السلطة في القطاع.
يُذكر أن البرغوثي يبلغ 66 عامًا، وحكمت محكمة إسرائيلية عليه عام 2004 بخمسة أحكام بالسجن المؤبّد و 40 عامًا، بعدما أدانته بتدبير كمائن وهجمات انتحارية على إسرائيليين خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وفيما تصنف الدولة العبرية البرغوثي قياديًا إرهابيًا، ينفي مانديلا فلسطين كل التهم الإسرائيلية جملة وتفصيلًا.











































































