اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٣٠ نيسان ٢٠٢٥
قال رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في حديث خاص إلى 'النهار' أن مفاوضات رفع الحد الأدنى للأجر لا تزال تراوح مكانها، رغم إصراره على أن 'الراتب المقبول يجب ألا يقل عن 900 دولار، وهو رقم يستند إلى دراسات علمية أُجريت أخيراً. أما في العاصمة، فيُقدَّر الحد الأدنى للعيش الكريم بأكثر من 1200 دولار شهرياً، نتيجة الغلاء الفاحش وكلفة الإيجارات. مع ذلك، تصطدم هذه الأرقام برفض قاطع من الهيئات الاقتصادية التي تدّعي عدم القدرة على الدفع، رغم أنها استفادت من الدعم الحكومي، من قروض على سعر صرف 1500 ليرة، ومن منصة صيرفة، ومن سياسات نقدية لم تَصب في مصلحة العمال'.
ويشير إلى أن 'الزيادات التي حصلت في القطاع الخاص منذ بداية الأزمة لم تكن عادلة ولا شاملة، واقتصرت بمعظمها على بعض موظفي الشركات الكبرى أو المراكز الإدارية، بينما تُركت الغالبية من العمال في المصانع، والزراعة، وسائقي النقل، والمياومين، من دون أي تصحيح يلحظ حجم الكارثة التي يعيشونها'. ويضيف: 'هناك اليوم من لا يزال يتقاضى أقل من خمسة ملايين ليرة شهرياً، وهو مبلغ لا يكفي حتى لكلفة التنقّل اليومي'.
ويكشف الأسمر أن 'نحو 60% من أصحاب العمل لا يصرّحون عن الأجر الفعلي لصندوق الضمان الاجتماعي، بل يكتفون بالإفصاح عن الحد الأدنى، ما يشكّل تهرّباً من المسؤوليات، ويُضعف وضع الصندوق'. وفي هذا الإطار، يشير إلى أن 'الضمان الاجتماعي بدأ أخيراً يستعيد بعضاً من ملاءته المالية بعد زيادات طرأت على الحد الأدنى، بما قد يمكّنه من استعادة دوره على الساحة الصحية والطبية'.
أما في ما يخص الاتهامات بتماهي الاتحاد مع السلطة، فيرفضها بشدة، مشيراً إلى أن 'الاتحاد نفسه عاجز عن دفع رواتب عدد من موظفيه، وأن رئيسه رفع دعوى لدى مجلس شورى الدولة لإبطال المادة الثانية من مرسوم رفع الحد الأدنى للأجر، الذي صدر العام الماضي، والتي حُذفت منها الزيادة الخاصة بغلاء المعيشة. هذا الطعن تسبّب بتوتر مع الحكومة، وهو دليل على أن الاتحاد لا يساوم على حقوق العمال'.
ويشدد على أن 'العمل النقابي الحقيقي يجب أن يُبنى على التضامن، لا على التبعية للأحزاب أو الزعامات الطائفية. ففي حين تنجح بعض القوى السياسية في إنزال مئات الآلاف إلى الشارع، يعجز الاتحاد عن حشد تظاهرة، لأن العامل لا يملك حتى كلفة التنقّل من الجنوب إلى بيروت أو من أي منطقة أخرى، ولا يستطيع التخلي عن عمله للنزول إلى الساحات'.
في الختام، يدعو الأسمر إلى واقعية جديدة في مقاربة ملف الأجور، 'ترتكز على العدالة لا على الشعارات'، مؤكداً أن 'غياب الدولة عن مسؤولياتها وتهرّب أصحاب العمل من التصريح الحقيقي، يُهدّدان ما تبقى من الضمان الاجتماعي ومن كرامة العمل في لبنان'. وهو إذ يعترف بصعوبة المرحلة، يؤكد أن 'النضال سيستمر، ضمن حدود الممكن، لحماية ما تبقى من الحقوق، في انتظار أن تستفيق الدولة وتعود إلى دورها الحقيقي في حماية الفئات الأكثر هشاشة'.