اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٤ حزيران ٢٠٢٥
هل صرت مشتتًا كثيرًا في الآونة الأخيرة؟ تبحث عن شيء فقدته فلا تجده بسهولة، تنسى مواعيدك، تتردّد في اتخاذ قراراتك، ولا تدري السبب؟!، بحسب الرجل.
قد لا يكون ذلك ضعفًا في التركيز، ولا إرهاقًا ذهنيًا كما قد تظنُّ، بل ربّما انعكاس لقلقٍ دفين في أعماقك، يجول باستمرار في عقلك الباطن، ورغم أنك لا تشعر به، ولكن أثره واضح عليك في التشتت والتردد المستمر في قراراتك، فكيف ترصد هذا 'القلق اللاواعي'؟ وكيف تتعامل معه وتستعيد زمام أمورك؟
القلق اللاواعي
القلق اللاواعي، هو قلق يراودك دون أن تكون واعيًا به؛ إذ تظهر عليك أعراض شبيهة باضطراب القلق، لكنّك لا تتعرّف على هذه الأعراض على أنّها قلق.
بمعنى أنّك قد تجد نفسك تشعر بالتوتر أو صعوبة التركيز أو بالعصبية طوال اليوم، دون تفسير معقول أو واضح لهذه الأمور؛ إذ لا تقدر على تحديد مصدر قلقك هذا، بينما تكون العمليات اللاواعية التي تجري في الدماغ هي السبب في هذه الاضطرابات النفسية.
يُؤيِّد ذلك بحثٍ نشر عام 2020 نُشِر في دورية 'Frontiers in Neuroscience'، يقول أن العمليات اللاواعية، يمكن أن تكون منشأ اضطرابات المزاج والقلق والتفكير، وحتى الاضطرابات المرتبطة بالضغوط.
هل هناك أسباب واضحة للقلق اللاواعي؟
لا نشعر بكلّ ما يفعله الدماغ باستمرار، فهُناك عمليات خفية لاواعية تجريها أدمغتنا باستمرار، وقد أشار بحث نشر عام 2018 في المجلة الأمريكية للعلاج النفسي، أنّ العقل اللاواعي قد يكون مليئًا بأفكارٍ غير منطقية لا تعي عنها شيئًا، بل قد تكون الأفكار التي تحدث في اللاوعي أكثر بكثير من تلك التي تدرِكها!
والقلق عمومًا يحدث عندما تقلق بشكل مفرط بشأن تهديد حقيقي أو تتخيّل أنّه تهديد بالنسبة لك، فهو حالة ذهنية تعتري الإنسان، لكنّها بهدف الوقاية من أمرٍ ما مستقبلًا، ومِنْ ثمّ فقد تكون أسباب القلق اللاواعي مشابهة لما يُسبِّب القلق العادي.
ومن العوامل التي قد تُسبِّب القلق، حسب موقع 'Psychcentral':
تجارب الطفولة.
التعرّض لصدمة.
بعض الأدوية.
العيش باضطراب الهلع.
إدمان المواد المخدرة.
علامات خفية تكشف عن وجود قلق دفين
إذا كان هذا القلق في 'اللاوعي'، فكيف يمكنك أن تشعر به؟
الحقيقة أنّه قد يكون لهذا القلق علامات غير مرئية، خاصةً إذا لم تجد نفسك متوترًا أبدًا بشأن أي شيء، فقد تعتقد أنّك لا تعانِي أي قلق.
لكن القلق قد يظهر بصور مختلفة، وإذا لاحظت عددًا قليلًا على الأقل من العلامات الآتية بشكلٍ منتظم، فقد تحتاج إلى التركيز معها بشكلٍ أكبر، ومن هذه العلامات، حسب 'Healthline':
1. التشتت والفوضوية:
ربّما تواجهك صعوبة في كثير من الأحيان في التركيز في عملك، وربّما يصفك من حولك بأنّك مشتت الذهن؛ إذ لا تعثر على الأشياء التي تريدها بسهولة أو لا تتذكّر الخطط التي وضعتها، فأنت مُشتت أغلب الوقت.
لكن ما الذي يدلّ على ارتباط القلق بهذه الأمور؟
أشارت دراسة منشورة عام 2017 في دورية 'Basic and Clinical Neuroscience'، إلى أنَّ القلق قد يؤثِّر بالفعل في القدرة على التركيز ووضع الخطط، ومعالَجة المعلومات الجديدة في الدماغ، حتى عندما لا تعرف بوضوح ما الذي يُسبِّب لك القلق.
اقرأ أيضًا:'الإرهاق من اتخاذ القرارات'.. أسبابه وكيفية التعامل معه
2. صعوبة اتّخاذ القرارات:
ربّما يمنعك القلق من التفكير بوضوح، خاصةً عندما تحاول حل مشكلات أو اتخاذ قرارات، ومن الطبيعي أن تتردد في بعض القرارات من وقت لآخر، لكن إذا بلغ الحال أنّك تعانِي مع اتخاذ القرارات باستمرار، بما قد يكون له آثار بعيدة المدى، فهُنا قد تعانِي قلقًا لا تشعر به على الحقيقة.
بمعنى أنّك قد تكون مترددًا في قرارات لها أثر كبير عليك، وبصورةٍ أعمق، ينتهي بك الأمر إلى اتخاذ قرارات دون التفكير فيها جيدًا، مثل الإنفاق بما يتجاوز ميزانيتك أو الانتقال إلى مدينة مختلفة أو ترك وظيفتك الحالية دون خطط مُحدّدة حول ما يجب عليك فعله بعد ذلك!
فهو اندفاع مستمر في القرارات، يجعل حياتك أكثر تعقيدًا، وربّما يخلق لك مشكلات جديدة.
3. الانغمار العاطفي:
يمكن للقلق الذي يجوب عقلك الباطن كذلك أن يؤثر ببطء وبخفاء في قدرتك على التعامل مع الضغوطات العادية في الحياة، فالقلق حتى عندما لا تشعر به فعليًا، يستهلك قوة عقلك، ويجعل التحكم في مشاعرك أمرًا صعبًا، فتفيض ولا تستطيع إدارتها بسهولة.
فمثلًا قد تجد شعورك بالتوتر أو العصبية يتصاعد مع حدوث أمور صغيرة مزعجة، أو قد يظهر هذا الفيض العاطفي في صورة نوبات من الغضب أو الإحباط أو البكاء، حتى لو لم تصف نفسك حينها بأنّك غاضب أو حزين.
4. المثالية:
نعم قد يكون السعي للكمال (الكمالية) في كل شيء صورة من صور القلق الداخلي الذي لا تشعر به؛ فعادةً ما ينبع الميل نحو الكمال من المخاوف الداخلية بشأن ارتكاب الأخطاء أو التعرّض للنقد أو الرفض.
وقد تعتقد -سواء كنت على علم بذلك أم لا- أنّه لا يمكن لأحدٍ أن يجد خطأً فيك، والواقع أنّ تحقيق الكمال أمر عسير للغاية إن لم يكُن مستحيلًا، ومِنْ ثمّ فقد يضِيف مزيدًا من التوتر على المرء فوق قلقه.
5. التشاؤم الدفاعي:
هل تشعر بأنّك بحاجة للاستعداد لما هو أسوأ، حتى إذا كُنت لا تعرف ما هو هذا 'الأسوأ' في الواقع؟
هذا هو 'التشاؤم الدفاعي'، الذي يصفه الخبراء بأنّه استراتيجية يوميّة لإدارة القلق اليومي بطريقة أفضل.
فبدلًا من النظر إلى المستقبل نظرة آملة متفائلة، تفكِّر بدقة في كل ما يمكن أن يحدث بشكلٍ خاطئ، حتى تضع خطة احتياطية في حالة حدوث أي طارئ، فهو أسلوب يستخدمه بعض المصابين بالقلق لتخفيف قلقهم وتوترهم وإحساسهم بمزيد من التحكم في الأمور، التي قد لا يقدرون بالفعل على السيطرة عليها.
هل يمكن للقلق اللاواعي أن يظهر على الجسد؟
بالتأكيد للنفْس أثر على الجسم، صحةً ومرضًا، وإن لم تلحظ ذلك، فالقلق قد يكون جسديًا عند بعض الأشخاص أكثر من أي شيء آخر، ومن علامات القلق:
تسارُع ضربات القلب.
تعرّق اليدين.
توتر وألم العضلات.
الصداع المتكرر.
ألم في الوجه أو الفك (غالبًا بسبب الجز على الأسنان، وهو من أعراض القلق أيضًا).
ألم الصدر.
ضيق التنفس.
مشكلات النوم.
انخفاض الاهتمام بالعلاقة الجنسية.
التعب والشعور العام بالضعف.
كيفية علاج القلق اللاواعي
يتطلّب علاج القلق اللاشعوري استشارة اختصاصي الصحة النفسية، لمعرفة أفضل طرق التغلب على القلق أيًا كانت صورته، وفيما يلي بعض الخيارات العلاجية للتغلب على القلق اللاشعوري:
1. العلاج المعرفي السلوكي:
طريقة علاجية، تتضمّن تحديد الأفكار السلبية، وإعادة صياغة طريقة تفكيرك فيها؛ إذ يساعدك الطبيب على تحديد الأفكار القلقة في اللاوعي، التي تُؤدِّي إلى سلوكيات غير صحية، ثُمّ يعاوِنك في تحدي تلك الأفكار وتحويلها إلى أفكار أخرى أفضل.
2. العلاج النفسي الديناميكي:
يساعد هذا النوع من العلاج على اكتشاف التجارب السابقة، من خلال معرفة الصراعات الخفية التي خُضتها من قبل في حياتك؛ إذ يستكشف الطبيب مصدر القلق اللاواعي، لمعرفة كيفية التعافي من أثر هذه التجارب لتخفيف القلق اللاواعي.
3. الأدوية:
قد يصف الطبيب بعض الأدوية التي تساعد على الاسترخاء وتخفيف القلق إلى جانب طرق العلاج النفسي، لكن يُحدِّد الطبيب أنسب الطرق العلاجية تبعًا لطبيعة القلق وشدّته وحالة الإنسان ذاته.
اقرأ أيضًا: 'تعزز القلق والاكتئاب'.. ما تأثير المقليات على صحتك النفسية؟
نصائح لتخفيف القلق اللاشعوري
قد يكون من الصعب رصد هذا القلق اللاشعوري، لكن إن تمكّنت من رصده، فهذه بعض النصائح التي تساعدك على التغلب على هذا القلق، حسب موقع 'Choosing Therapy':
1. التنفّس العميق:
التنفس العميق، البطيء والهادئ، إحدى تقنيات الاسترخاء المشهورة، التي تحفّز الجهاز العصبي اللاودي مما يحفّز استجابة جسمك لتخفيف التوتر والقلق.
2. ممارسة التمارين الرياضية:
تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام في تخفيف القلق اللاوعي؛ إذ تعزِّز الرياضة الإندورفينات في الجسم، وهي مركّبات كيميائية تعزّز المزاج، ومِنْ ثَمّ تسهِم في تخفيف مشاعر القلق في اللاوعي، وزيادة الشُعور بالسعادة.
3. كتابة المذكرات:
ربّما لم تجرب هذا الأمر من قبل، لكن جرّب أن تُخصِّص بعض الوقت لتدوين مذكراتك اليومية وملاحظاتك حول قلقك، بما يسمح لك باكتشاف ما قد يكون محفزًا محتملًا للقلق لديك، فمثلًا قد تجد شيئًا تفعله كل يوم يسبِّب لك توترًا أو عصبية أو غير ذلك، ومِنْ ثَمّ ستتمكّن من التوقف عنه ومشاهدة أثر ذلك هل خفّف القلق فعلًا أم لا.
4. الدعم الاجتماعي:
لا شك أنّ وجود أشخاص من حولك يحبونك ويدعمونك، يوفّر لك إحساسًا فريدًا بالراحة والسعادة، قد يساعدك على التعامل مع القلق اللاواعي.
فجلوسك وسط أحبائك وملازمتك لهم، قد يجلب لك المزيد من السرور إلى يومك، ومن يدري ربّما أخرج القلق من أعماقك أيضًا!