يديعوت أحرونوت - بقلم رون بن يشاي -

لم يرد الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن على الاتهامات التي وجهت لرئيس الأركان أيال زامير من قبل الوزيرين سموتريتش ويريف لفين أثناء جلسة الكابينت الأخيرة. يحاول جهاز الأمن الإبقاء على خط موضوعي ونهج مهني فيما يتعلق باستراتيجية تحرير المخطوفين وتقويض حكم حماس.

الإمكانيات التي أمام إسرائيل

يشخص الجيش طرق العمل الممكنة التالية، التي لكل منها فضائل ونواقص.

الخيار الأول هو وقف القتال، كما تطالب حماس، مقابل تحرير كل المخطوفين. وهذا يبقي على منظمة الإرهاب حتى وإن لم تكن في الحكم، لكنه سيشكل نصراً معنوياً سيدوي لزمن طويل في العالم العربي والإسلامي، وسيمنح حافزاً لهجمات أخرى على إسرائيل على نمط 7 أكتوبر واستراتيجية اختطاف تجبر إسرائيل على تحرير مخربين بل وتقديم تنازلات سياسية وإقليمية.

إضافة إلى ذلك، ثمة تقدير بأن حماس و”الجهاد” لن يحررا كل المخطوفين، بل سيبقون على بعضهم كـ “بوليصة تأمين” لحالة استئناف إسرائيل القتال ضدهم.

الخيار الثاني هو تحرير مخطوفين ووقف نار على دفعات، وهو مرغوب فيه إسرائيلياً، لكن حماس لا توافق على ذلك، وتعاند لأنها تفهم بأن الزمن يعمل في غير صالحها حين يخرج الغزيون محتجين ويبدون تمرداً.

الخيار الثالث هو “الحسم”. وهو ما سيتطلب تجنيداً واسعاً للاحتياط ومناورة برية كبرى لبضع فرق لتحقيق الحسم ضد حماس والسيطرة على أراضي القطاع. سيبقى الجيش الإسرائيلي ليسيطر على الأرض في معظم أراضي القطاع، لكن القتال سيستمر لتدمير بنية الأنفاق الكبرى التي يختبئ فيها المخربون ويعملون بأساليب حرب العصابات. وهذا سيستغرق زمناً طويلاً سيضطر فيه الجيش الإسرائيلي لإقامة حكم عسكري، وربما يتولى توزيع المساعدات الإنسانية على السكان.

الفضل الكبير لمثل هذه الخطوة أنها ستخلق ظروفاً للحسم النهائي، لكنها قد تكلف حياة قسم أو معظم المخطوفين. فضلاً عن هذا، سيضطر الجيش الإسرائيلي لتوزيع مساعدات إنسانية على السكان، في ظل المخاطرة بالمقاتلين الذين سيكونون في مواقع ثابتة عرضة لصواريخ الـ آر.بي.جي، والعبوات، والقنص. إذا لم يوزع الجيش الإسرائيلي المساعدات الإنسانية، فسيؤدي الأمر إلى الجوع والأمراض، وسنصل إلى “لاهاي” آجلاً أم عاجلاً.

وعليه، فقد استنتج الجيش بأن هجوماً كبيراً لحسم حماس والسيطرة على القطاع ممكن، لكنها خطوة غير مرغوب فيها ما لم تستنفد الإمكانية الرابعة.

هذه الإمكانية، المفضلة حالياً لدى الجيش الإسرائيلي، هي استمرار منحى العمل الحالي في غزة، لكن تشديد النار ووتيرة الهجمات في ظل منع المساعدات، ومع الوقت، حين ينفد المخزون الضروري لحياة السكان – إدخال الغذاء والماء والأدوية الضرورية بالحد الأدنى، لمنع الجوع والأمراض.

وتشير مصادر أمنية إلى أنه لا يقين في بأن الضغط على مواطني قطاع غزة سيؤدي إلى ثورة على حماس، لتقرر المنظمة نزع سلاحها طوعاً، لكن في الوضعية الحالية، يجب إعطاء هذا المنحى فرصة الآن.

ثمة مؤشرات عديدة على أن السكان الغزيين غير المقاتلين لن يسلموا لهذا الوضع طويلاً، وستضطر حماس للاستجابة إلى مطالب إسرائيل والوسطاء.

معضلة المساعدات الإنسانية

يوافق الجيش على وجوب حرمان حماس من التحكم بإدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية؛ لإخضاعها. “شاحنة واحدة تسمح لحماس لتجنيد وصون لواء كامل من المجندين الجدد الذين يعملون لها”، يقول قائد ميداني كبير في الجيش الإسرائيلي يتابع الأمور عن كثب.

حتى لو رافق الجيش الإسرائيلي قوافل المساعدات إلى المجالات التي يراقب “الشاباك” الدخول إليها، يبقى خطر تعرض المواطنين الذين يتلقون المساعدات للسلب والنهب من مسلحي حماس بعد الابتعاد عن المجالات المرتبة مسبقاً. لكن عندنا سيثيرون المواطنين الذين سيجوعون ضدهم حين تؤخذ الوجبات المقننة منهم في صالح حماس. سيضطر الجيش الإسرائيلي للتصدي لمخربين انتحاريين تبعث بهم حماس إلى داخل هذه المجالات، وبالتالي من الأفضل ألا يوزع الجيش الإسرائيلي المساعدات للسكان الغزيين، بل يحرس إدخالها إلى المجالات، ويراقب ما يحصل داخلها من بعيد، ويمنع السطو على المواطنين عند خروجهم من المجالات.

هذا ما قصده رئيس الأركان حين قال في الكابينت أول أمس، إنه لا يريد أن ينشغل الجيش الإسرائيلي في توزيع المساعدات المدنية. لكن الجيش الإسرائيلي أعد عملياً خطط عمل لحالة رفض المنظمات الدولية توزيع المساعدات الإنسانية بالحد الأدنى للسكان، ويضطر الجيش الإسرائيلي لفعل ذلك بنفسه. “سنفعل كل ما يلزم كي نحرر المخطوفين ونقوض حكم حماس”، يقول ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي إذ يتطرق أيضاً لموضوع المساعدات الإنسانية. وواضح أن الجيش الإسرائيلي يفضل ألا يعرض مقاتليه للخطر في توزيع مباشر للمساعدات، ويؤيد تولي منظمات دولية ذلك.