اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٧ نيسان ٢٠٢٥
يمرر 'أبو محمد وافي'، أصابعه المرتجفة فوق تراب قبر جماعي احتضن جثامين 15 شخصاً من عائلة الخور، بينهم أطفال ونساء، الذين استهدفتهم الطائرات الحربية الإسرائيلية مخلفة مجرزة مروعة، ثم رفع رأسه بتباطؤ إلى السماء متسائلاً والدموع تبلل وجنتيه: 'إلى متى تبقى أطفالنا أهدافاً لصواريخ الحقد الإسرائيلية'.
ذلك المشهد المؤلم، هو جزء من الحقيقة الدامية التي بات يعيشها أهالي قطاع غزة الذي يقبع تحت وطأة حرب إبادة جماعية تشنها 'إسرائيل' منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م، والتي لم يُشهد لها مثيل في التاريخ الحديث.
الحكاية المؤلمة، بدأت قبل فجر أمس السبت 26-04-2025م، حين استهدفت طائرات F-16 الحربية الإسرائيلية منزلاً لعائلة الخور، على رؤوس ساكنيه، دون سابق إنذار، مخلفةً عشرات الشهداء والجرحى تحت الركام.
يشير 'أبو محمد' بيده اتجاه المنزل الذي صار أطلالاً، ويقول بصوت متهدج لمراسل 'شمس نيوز': 'كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة صباحاً عندما دوى صوت انفجار هزَّ المنطقة بأكملها، ثم تبعه 3 انفجارات مروعة نتيجة سقوط صواريخ من جهات مختلفة على منزل أنسبائي في عائلة الخور'، لتحوِّله إلى كومة من الدماء والركام، في جريمة جديدة تضاف لسجل الإبادة المستمرة.إقرأ أيضا 'جسد متفحم ورأس مقطوع'.. شاهد يروي فظائع مروعة من مجزرة يافا في غزة!
أدار 'وافي' وجهه، بعد أن استجمع قواه والتقط أنفاسه، وكأن الألم قد أثقل قلبه، ثم أضاف: 'ما كان في المنزل أي مقاتلين، كل إلي في المنزل خمسين نفس بريئة، ما معهم لا سلاح ولا يشكلون أي هدف عسكري'.
يرجع 'أبو محمد' بشريط ذاكرته للحظات الأولى للانفجار، الذي بدا كأنه 'زلزال اجتاح المكان'، وقال: 'البيت نسف بشكل كامل وأصبح أثراً بعد عين، واحتُجز تحت الركام عشرات الشهداء، انتشلنا منهم 15 شخاً، منهم أطفال بلا رؤوس، وعجوز ناهز التسعين ارتقت مع أحفادها، لا ذنب لهم سوى أنهم فلسطينيون'.
وبنبرة يعتصرها القهر، أكد أن: 'الدماء سالت كأنها بحرٌ لا يهدأ، وأن هذه الجريمة البشعة دليلٌ على وحشية الاحتلال الصهيوني، وعلى تقاعس المجتمع الدولي، والغطاء الأميركي من إدارة ترامب لنتنياهو، عن حماية المدنيين'، متسائلاً: 'أين ضميرُ العالم الذي يُعلن مبادئ حقوق الإنسان؟ أين قادة الأمة الذين يفترض أن ينصروا المظلومين؟ توقفوا عن الصمت، حسبي الله ونعم الوكيل'.
لم يملك الأهالي أدوات ولا معدات لإنقاذ الشهداء، فبعد تدمير الاحتلال للمعدات الثقيلة والجرافات وآليات الحفر التابعة للدفاع المدني والبلديات في مختلف مناطق قطاع غزة، اضطر المواطنون إلى الحفر بأيديهم العارية وملاعق الطعام، طوال الليل حتى ساعات الصباح الأولى.
يقول 'بلال' وهو شاهد عيان وناج آخر من المجزرة، وعيناه تفيضان بالحزن: 'استخدمنا أيدينا للحفر وسط الحديد والركام، كنا نسمع صراخاً تحت الأنقاض ولكننا عاجزين عن إنقاذهم، وأكثر من 30 شخصاً ظلوا محاصرين تحت الركام حتى استشهدوا'.
يردد 'بلال' وهو يحدق في أطلال العمارة: 'البيت كان فيه أطفال ونساء فقط، لا مقاتلين، هذه وحشية وظلم من ترامب ونتنياهو ومن كل من يغطي على الاحتلال'.
واستشهد 15 فلسطينياً وأصيب آخرون، فجر اليوم السبت، في مجزرة بشعة ارتكبها جيش الاحتلال بحق عائلة الخور، في حي الصبرة جنوبي مدينة غزة.
وقال جهاز 'الدفاع المدني'، في بيان، إن عدداً كبيراً من المفقودين ما زالوا تحت أنقاض منزل عائلة 'الخور' المدمر.
وأفادت وزارة الصحة بغزة، أمس السبت، بوصول 56 شهيداً منهم 7 شهيد انتشال، و108 إصابة إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة الماضية.
وذكرت الوزارة، في تقريرها الإحصائي اليومي لعدد شهداء وجرحى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ استئناف العدوان على غزة في 18 مارس 2025 بلغت 2,111 شهيداً و5,483 إصابة.
وبذلك، ترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 51,495 شهيداً و117,524 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأشارت إلى أن عدداً من الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.