تواصل ميليشيا 'قسد' في محافظة الحسكة فرض قيود قمعية على حرية الصحافة، خصوصاً تجاه الصحفيين العاملين في المؤسسات الإعلامية الحكومية، في مشهد يتصاعد منذ سنوات ويهدد سلامة العمل الإعلامي بالكامل في المنطقة.

ففي سابقة خطيرة، أقدمت 'قسد' في العام 2017 على اعتقال الصحفي حجي المسواط، رئيس مكتب صحيفة الفرات الرسمية في الحسكة، واحتجزته تعسفياً لمدة وصلت إلى 106 أيام، بالتزامن مع مصادرة معداته الصحفية من منزله دون أي قرار قضائي أو مبرر قانوني وإغلاق مكتب الصحيفة في المحافظة ونهب كافة تجهيزاته، وسط صمت المنظمات المعنية بحرية الصحافة.

وسبق هذه الحادثة، اعتقال الصحفي محمد الصغير في القامشلي عام 2019، خلال تغطيته لحرائق المحاصيل الزراعية، وهو لا يزال رهن الاعتقال منذ ذلك الحين، رغم تدهور حالته الصحية بعد إصابته بعدة جلطات دماغية، في ظل انقطاع أخباره تمامًا عن عائلته.

كما طالت حملة الاعتقالات الصحفي فاضل حماد، ، بسبب تقاريره التي فضحت الانتهاكات التي تمارسها 'قسد' بحق المدنيين، بالإضافة إلى الصحفي خالد الحسن، الذي بقي معتقلاً أكثر من ثلاث سنوات.

هذه السياسات القمعية تسببت بموجة نزوح إعلامي، حيث قدّم العديد من الصحفيين استقالاتهم وغادروا مناطق سيطرة 'قسد' إلى خارج البلاد أو إلى مناطق أكثر أماناً، خوفًا على حياتهم وحياة عائلاتهم.

وتعود هذه الممارسات إلى ما بعد فرض 'قسد' سيطرتها على أجزاء واسعة من محافظة الحسكة، إذ عمدت إلى إغلاق كافة المكاتب الإعلامية الرسمية، الفرات والحرية والثورة ومكتب سانا بما في ذلك المركز الإذاعي والتلفزيوني بالحسكة، في مسعى واضح لتكميم الأفواه ومنع أي تغطية إعلامية لا تتماشى مع أجنداتها.

المفارقة الصارخة أن وسائل الإعلام التابعة لـ'قسد' ومراسليها يتمتعون بحرية الحركة والتغطية داخل مناطق الحكومة السورية، في حين يُمنع مراسلو الإعلام الرسمي من تصوير تقرير خدمي أو إجراء لقاء مع مواطن في الحسكة.

هذه الانتهاكات تشكل خرقًا واضحًا لحرية الصحافة، وتثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير في التعامل مع الإعلام، وتسلط الضوء على حجم التضييق المفروض على الصحفيين الوطنيين داخل مناطق سيطرة 'قسد'.

الفرات