تسبب إغلاق الاحتلال الإسرائيلي طريق صلاح الدين (محور نتساريم) الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، بأزمة جديدة وأدى لتشتيت شمل الآلاف من العائلات.

وأغلق الاحتلال طريق صلاح الدين، كما تقدمت آلياته العسكرية باتجاه الطريق الساحلي (شارع الرشيد) في انقلاب تام على اتفاق وقف إطلاق النار الأخير.

وتوقفت حركة تنقل المواطنين تماماً عبر طريق صلاح الدين بعد إعادة احتلاله، بينما تقلصت الحركة عبر شارع الرشيد في ظل استهداف الطائرات والمدفعية الإسرائيلية مركبات المواطنين.

ومنع الاحتلال تنقل المواطنين عبر الطريق الساحلي من الجنوب باتجاه الشمال، مع سماحه بالحركة العكسية خلال الساعات الماضية.

وأدى قطع الطريق بين الشمال والجنوب إلى حرمان الكثير من العائلات من الالتقاء، في ظل انقسام أفرادها بين المحافظات.

قطع شمل العائلات

وقال المواطن مؤمن صالح المتواجد في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة إن معظم أفراد عائلته يتواجدون حالياً في مدينة غزة، ويصعب عليهم الالتقاء في هذه الظروف.

ويضيف صالح لصحيفة 'فلسطين': 'العائلة بأكملها كانت قد نزحت من شمال القطاع إلى جنوبه في الأشهر الأولى للعدوان، وبعد اتفاق وقف إطلاق النار وفتح طريق صلاح الدين عاد بعض أفراد الأسرة إلى مدينة غزة واستقروا في ما تبقى من منزلنا المدمر، بينما بقيت أنا في دير البلح حيث ما زالت خيامنا فيها'.

ويشير المواطن إلى أنه 'كان من الصعب بقاء كامل أفراد الأسرة في مكان واحد، في ظل تدمير منزلنا في مدينة غزة بشكل شبه كامل، ووجود الكثير من أمتعتنا في خيام النزوح بدير البلح، الأمر الذي اضطرنا لتقسيم أنفسنا بين الشمال والجنوب'.

أما المواطن حسن الطيب الذي يقيم في شمال غزة فيقول إن والديه وأشقائه وكثير من أقاربه ومعارفه يتواجدون في وسط وجنوب القطاع، وكان يحرص على زيارتهم بشكل مستمر طوال فترة وقف إطلاق النار رغم صعوبة المواصلات.

ويضيف إن قطع طريق صلاح الدين سيحول دون تمكنه من زيارة والديه المسنين، اللذين بحاجة له في هذه الظروف الصعبة وحياة النزوح.

بدورها تؤكد المواطنة أم ماهر إن عائلتها تتواجد في منطقة مواصي خان يونس بعدما نزحت إليها من مدينة رفح، بينما تتواجد هي في مدينة غزة في بيت زوجها.

وتقول أم ماهر لـ'فلسطين' إنها كانت تحرص على زيارة والديها بين الحين والآخر للاطمئنان عليهما، وكذلك على أشقائها وشقياتها، لكن إغلاق طريق صلاح حرمها من زيارتهم، ولا تعرف إلى متى سيستمر هذا الإغلاق.

انقلاب على الاتفاق

وكان الناطق باسم حركة المُقاومة الإسلامية حماس، عبد اللطيف القانوع، أكد أن إغلاق الاحتلال لطريق صلاح الدين انقلاب تام على الاتفاق وإمعان في حصار غزة وتشديد الخناق على أهلها.

وقال القانوع، في بيان صحافي، إن غزة تتعرض لإبادة جماعية وحصار وتجويع دون حرمة لشهر رمضان الفضيل أو مراعاة للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.

وفي وقت سابق، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه بدأ عملية برية وصفها بالمحدودة في وسط قطاع غزة.

وأضاف الجيش الإسرائيلي في بيان أن بدء العملية البرية بغزة يهدف لتوسيع ما وصفها بالمنطقة الدفاعية ووضع خط بين شمال القطاع وجنوبه. وأشار إلى أن قواته تسيطر على وسط محور نتساريم بقطاع غزة.

محور الموت

وبموجب المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار ، انسحب جيش الاحتلال من محور نتساريم الذي أقامه خلال حرب الإبادة الجماعية وسط غزة ويفصل شمالي القطاع عن جنوبه، بعد أكثر من عام وثلاثة أشهر على احتلاله.

وفصل الجيش الإسرائيلي محافظتي غزة والشمال عن محافظات الوسط والجنوب أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأجبر وقتها مليون فلسطيني على النزوح، تحت القصف والإبادة، إلى جنوب وادي غزة.

وأنشأ محور نتساريم، الممتد من كيبوتس 'بئيري' في غلاف غزة إلى البحر الأبيض المتوسط، بطول 8 كيلومترات وعرض 7 كيلومترات، بهدف عزل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه، وتأمين تحركات قواته بين مناطق التمركز العسكرية.

ويُعرف المحور إسرائيلياً بأنه كان مركز العمليات العسكرية التي أعقبت الاجتياح البري لقطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث لعب دوراً رئيسياً في تقسيم القطاع جغرافياً واجتماعياً، مما أدى إلى عزل آلاف العائلات وتأزيم الأوضاع الإنسانية في المناطق الشمالية.