اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم محمد طارق عفيفي….
أثارت تغريدة الشيخ محمد علي الحسيني عبر منصة 'إكس' عاصفة من الجدل في الأوساط اللبنانية والعربية بعدما كتب قائلًا: 'الدم الشيعي في لبنان هو كالدم السعودي.. انتهى البيان، فمن لم يفهم اليوم سيفهم غدًا. قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان.' تغريدة قصيرة في ظاهرها، لكنها ثقيلة في معناها، تحمل ما بين سطورها رسالة سياسية واضحة وموقفًا محسومًا في زمن الضبابية. فمنذ سنوات، يسير الحسيني في خطٍّ مغاير للتيار التقليدي داخل الطائفة الشيعية في لبنان، إذ تبنّى خطابًا عربيًّا منفتحًا يرفض الارتهان لإيران أو الانغلاق المذهبي، ويدعو إلى شيعةٍ عربٍ الهوى والانتماء. ومن هنا، فإن قوله إن “الدم الشيعي كالدم السعودي” ليس مجرّد تعبير وجداني، بل تأكيد على وحدة المصير بين الشيعة العرب والسعودية، ورفض لمحاولات عزل الشيعة العرب ضمن مشروع إقليمي تقوده طهران. واللافت في نص التغريدة ليس فقط التشبيه، بل أيضًا الخاتمة: “انتهى البيان… قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان.” فهي ليست مجرّد جملة بلاغية، بل إعلان حسمٍ سياسي وفكري، كأن الحسيني أراد أن يقول: لا مكان بعد اليوم للرمادية، ولا لمَن يخلط بين الولاء الوطني والانتماء الطائفي. بهذه الصيغة الحازمة، يضع الحسيني حدًا لأي التباس حول موقعه، معلنًا تموضعه النهائي في صفّ الهوية العربية الجامعة، لا في محور الانقسام الإقليمي.
تغريدة الحسيني تحمل رسالتين واضحتين؛ إلى الداخل اللبناني، مفادها أن الطائفة الشيعية ليست كتلة واحدة خاضعة لسلطة السلاح أو لخطاب الممانعة، بل فيها أصوات تدعو إلى الاعتدال والانفتاح. وإلى الخارج، وخصوصًا الخليج، بأنها تجديدٌ للتحالف الروحي والسياسي بين الشيعة العرب والدول العربية، في مواجهة من يحاول استخدام المذهب كأداة نفوذ سياسي. وبناءً على مسيرة الرجل ومواقفه السابقة، لا يمكن قراءة التغريدة كتحوّل أو تبدّل في الخط، بل على العكس، هي تثبيت لنهجٍ بدأه منذ سنوات حين رفع شعار 'العروبة أولًا'، ودافع عن فكرة 'شيعة الولاء العربي'. بكلماته القليلة، أعاد الحسيني رسم خطٍّ فاصل بين من يعتبر الانتماء للمذهب أداة سياسية، ومن يرى في الانتماء العربي مظلة لكل المذاهب.
في زمن الاصطفافات الحادة، تأتي تغريدة الحسيني لتكسر المألوف، وتطرح سؤالًا أكبر: هل آن الأوان أن يُسمع الصوت العربي الشيعي بقوة في لبنان والعالم العربي؟ ربما أراد الحسيني أن يقول ما عجز غيره عن قوله: إن العروبة لا تتناقض مع التشيّع، بل تحميه من التسييس والتوظيف. انتهى البيان، كما قال، ولكن ربما لم يبدأ النقاش الحقيقي بعد.











































































