أفاد مراسل mtv في واشنطن بأنّ السيناتور جون كورنين قال إنّ حزب الله نفّذ سلسلة هجمات إرهابية ضد المصالح الأميركية منذ الثمانينات.

وذكّر كورنين، في كلمة له خلال جلسة لمجلس الشيوخ تحت عنوان عمليات حزب الله في أميركا اللاتينية المخصصة للبحث في تمويل الحزب عبر تجارة المخدرات وتبييض الأموال، بـتفجير مركز الجالية اليهودية في الأرجنتين عام 1994 الذي أسفر عن 85 قتيلاً و300 جريح، متّهماً نظامَي تشافيز ومادورو في فنزويلا بتسهيل دخول عناصر حزب الله عبر جوازات سفر مزوّرة.

ودعا كورنين إلى تتبّع الأموال غير المشروعة القادمة من أميركا اللاتينية إلى الشرق الأوسط.

وأفاد مراسل mtv من الجلسة، بأنّ تقارير تشير إلى أن نشاط حزب الله يشمل تهريب النفط وتزوير العملات وتهريب الأسلحة، فيما يدرس مجلس الشيوخ الأميركي فرض عقوبات إضافية على شبكات التهريب والتمويل المرتبطة بالحزب.

أما السيناتور شيلدون وايتهاوس، فأشار إلى أنّ حزب الله لا يزال أحد أبرز أدوات إيران لزعزعة الاستقرار، وأنّ استهداف شبكاته المالية هو الطريق لحرمانه من القدرة على إعادة التموضع بعد خسائره الأخيرة في الشرق الأوسط.

ودعت اللجنة إلى توسيع رقابة وزارة الخزانة الأميركية وتعزيز ملاحقة الشركات الوهمية التي تُستخدم لتمويل الإرهاب وغسل الأموال داخل الولايات المتحدة.

وجاء في خلاصة مداخلة ماثيو ليفِت أمام مجلس الشيوخ:

1. الوضع المالي لحزب الله:أشار ليفِت إلى أنّ حزب الله يواجه اليوم أزمة مالية غير مسبوقة بعد الضربات الإسرائيلية التي دمّرت مخازن الذهب والنقد، إضافةً إلى العقوبات وتشديد الرقابة في لبنان. كما أنّ إيران، تحت ضغط العقوبات والأزمات الداخلية، لم تعد قادرة على ضخّ الأموال كما في السابق، وهو ما يدفع الحزب للبحث عن تمويل بديل عبر أنشطة غير مشروعة.

2. العودة إلى الشبكات الإجرامية:قال ليفت إنّ تاريخ الحزب يبرهن أنّه في كلّ مرّة يعاني فيها من شحّ مالي، يلجأ إلى شبكاته المالية غير الشرعية حول العالم — ولا سيما في أميركا اللاتينية — لتأمين السيولة سريعاً من خلال غسل أموال تجارة المخدّرات.

3. خطر التداخل بين المال الأسود والإرهاب:نبّه ليفت إلى أنّ هناك تداخلاً متكرّراً بين الأنشطة المالية غير الشرعية وعمليات الحزب الأمنية. وذكر مثالاً من البرازيل حيث تبيّن أن خلية مرتبطة بحزب الله كانت تجنّد مجرمين محليين لتنفيذ هجمات بعد أن كانت معروفة أصلاً لدى الشرطة بسبب تهريب السجائر.

4. الأسماء والشبكات:استشهد ليفت بحالة عامر محمد عقيل راضا، الذي صنّفته وزارة الخزانة الأميركية، وارتبط بتفجيري بوينس آيرس (1992 و1994)، وبشبكات مالية في أميركا اللاتينية تستخدم تجارة الفحم أو الفواكه لتهريب الكوكايين وغسل العائدات لصالح حزب الله.

5. مناطق التجارة الحرّة (Free Trade Zones):ركّز على أنّ معظم أنشطة حزب الله المالية تدور في المناطق الحرّة (FTZs) مثل المثلث الحدودي بين الأرجنتين والبرازيل والباراغواي، وكولون في بنما، وإيكويكي في تشيلي، ومايكاو في كولومبيا. وقال حرفياً:قل لي منطقة تجارة حرّة واحدة، وسأخبرك عن حالة لحزب الله هناك.

6. تشجيع التشريعات الجديدة:رحّب بمشروع القانون الأميركي CLEAN-FTZ Act الذي قدّمه مجلس الشيوخ لتنظيم ومراقبة هذه المناطق التي تحوّلت إلى ثقوب سوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

7. الرسالة الختامية:شدّد ليفتعلى أنّ مكافحة ناركو-تمويل حزب الله ليست فقط مسألة مالية بل أمن قومي، لأن هذه الشبكات نفسها قد تُستخدم لاحقاً في عمليات إرهابية، ودعا إلى تنسيق أوسع بين الـFBI، وزارة الخزانة، ووكالات الأمن في أميركا اللاتينية.

أما السفير ناثان سايلز، فلفت الى أنّ حزب الله يحصل على نحو 700 مليون دولار سنويًا من إيران، أي 70% من ميزانيته، مشيراً بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، وضربات إسرائيل، وعودة العقوبات الأميركية على طهران، بدأ الحزب يعتمد أكثر على التمويل غير الشرعي: تجارة الكوكايين، تهريب الأموال، الاتجار بالبشر، وتزوير الوثائق.

وقال إنّ الحزب متورّط أيضًا في الاتجار بالنساء والأطفال، كما في قضيّة علي حسين زعيتر الذي استغلّ شركاته في الصين ولبنان لدعم الحزب وتشغيل شبكة دعارة، ومحمد إبراهيم بزي الذي ارتبط بعمليات استعباد جنسي في غامبيا.

واقترح سايلز خمس خطوات رئيسة لـمواجهة الحزب:1. فرض عقوبات أوسع وتصنيف الحزب كمنظمة إرهابية بالكامل في كل دول أميركا اللاتينية، وليس فقط جناحه العسكري.2. تطبيق فعلي للعقوبات من خلال تطوير قدرات المصارف ووحدات الاستخبارات المالية.3. إحياء آلية التعاون 3+1 بين الأرجنتين، البرازيل، الباراغواي، والولايات المتحدة لمحاربة تمويل الإرهاب.4. تعزيز تبادل المعلومات الأمنية ومتابعة التحويلات المشبوهة.5.تحسين أمن الحدود ومنع تنقّل عناصر الحزب عبر وثائق مزوّرة.

من جهته، قال مارشال بيلينغسلي أمام مجلس الشيوخ الأميركي: استخدم الحزب شركات واجهة (عائلات بركات، عصفور، حجازي) في مراكز تجارية لغسل الأموال عبر تجارة السلع الإلكترونية، وتمرير أكثر من 50 مليون دولار عبر بنك جمال ترست اللبناني (الذي فُرضت عليه عقوبات لاحقاً).

وأضاف: تحوّلت هذه الشبكات تدريجياً إلى تجارة الكوكايين، باستخدام وسائل تمويه متطورة مثل الكوكايين الأسود الممزوج بالفحم، وأعطى أمثلة على الشخصيات المتورطة: علي عيسى شمس – أوقف في الباراغواي (2016) لتهريب الكوكايين داخل الفحم، حسن محسن منصور وماهدي أكيل حلباوي – أوقفا لاحقاً بتهم تمويل الجناح الخارجي للحزب، وبحلول 2018، وصلت عائدات حزب الله من أميركا الجنوبية إلى 200 مليون دولار سنوياً (حوالي ثلث تمويله الإجمالي)، مقابل 700–800 مليون من الحرس الثوري الإيراني.

ورأى بيلينغسلي أن الحزب، بعد تدمير بنيته في لبنان وشكوك التمويل الإيراني، سيتجه بالكامل إلى تجارة المخدرات في القارة الأميركية كمصدر رئيسي للدخل، مؤكداً أنّ فنزويلا تحوّلت إلى ملاذ آمن لأخطر منظمة إرهابية في العالم، تشارك في تهريب الكوكايين إلى الولايات المتحدة.

وقال إن تقارير سعودية تشير إلى أن 400 قيادي من حزب الله نُقلوا إلى أميركا اللاتينية، خصوصاً فنزويلا، خشية استهدافهم بعد قرارات الحكومة اللبنانية بتفكيك الحزب.

أما روبرت كليفورد، فأوضح أن الحزب أصبح يعتمد بشكل متزايد على أنشطة تهريب المخدرات وغسل الأموال والاحتيال والتهرّب الضريبي لتعويض تراجع الدعم المالي الإيراني، كاشفاً أنّ الخلية التابعة لحزب الله في كارولاينا الشمالية جمعت ملايين الدولارات عبر تهريب السجائر والاحتيال المالي، وأرسلتها إلى لبنان لتمويل عملياته العسكرية. هذه القضية شكّلت سابقة قانونية مهمّة في اعتماد قانون RICO ومبدأ تقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية.

وأشار إلى اغتيال الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصرالله وتأثير ذلك على معنويات الحزب، وانشقاق آلاف المقاتلين، وتنامي قوة الجيش اللبناني في مواجهته، معتبراً أنّ الحزب استخدم الجاليات اللبنانية في مناطق مثل الحدود الثلاثية (الأرجنتين–البرازيل–الباراغواي) وغرب أفريقيا لتهريب الكوكايين نحو أوروبا عبر علاقات دينية وتجارية وعائلية.

وحذّر كليفورد من ظهور “مثلث حدودي ثانٍ” بين بوليفيا والبرازيل والباراغواي نتيجة النفوذ الإيراني هناك، ما يتيح لحزب الله تطوير شبكات تهريب وتمويل جديدة، داعياً جميع الدول على تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، وتوسيع التدريب وتبادل المعلومات بين أجهزة الأمن في العالم، وإنشاء مراكز استخبارات إقليمية مشتركة لمكافحة شبكات الجريمة والإرهاب.

ورأى كليفورد أنّ حزب الله اليوم أضعف من أي وقت مضى، لكنه ما زال يتكيّف ويتحوّل، وسيستمر في التغلّب على التحديات ما لم يُواجَه بتحالف دولي منسّق لتفكيك بنيته المالية والإجرامية.