الضغوطات الأميركية على لبنان والاخذة بالتعاظم، اصابت بشظاياها في الساعات الماضية، الجيشَ اللبناني.

فقد أفيد أن الادارة الاميركية أَلغت كل الاجتماعات التي كانت مُقرَّرَة امس لقائد الجيش العماد رودولف هيكل كما ألغت السفارة اللبنانية في واشنطن حفل الاستقبال الذي كان مُعَدّاً على شرفِه. وعلى الاثر، فضّل هيكل الغاء زيارته للولايات المتحدة. واشارت المعلومات الى أنّ السبب المباشر لإلغاء الزيارة هو الاعتراض الأميركي على البيان الأخير للجيش اللبناني، الذي استُعمل بحسب الادارة للوم اسرائيل واعتبارها المشكلة وعدم لوم حزب الله، ما أغضب نواباً أميركيين.

والحال ان السيناتور الاميركي ليندسي غراهام كتب عبر حسابه على أكس: من الواضح أن رئيس أركان الجيش اللبناني - بسبب وصفه إسرائيل بالعدو، وجهوده الضعيفة والشبه معدومة لنزع سلاح حزب الله - يُمثل انتكاسة كبيرة للجهود المبذولة لدفع لبنان إلى الأمام. هذا المزيج يجعل القوات المسلحة اللبنانية استثمارًا غير مُجدٍ لأميركا. أشعر بخيبة أمل من هذا التصريح الصادر عن الجيش اللبناني...

بغض النظر عن اسباب هذا التصعيد الاميركي الاول من نوعه منذ سنوات ضد الجيش اللبناني، وهو طبيعي ومُتوقَع من دولة تُعتبر الحليف الاول والاكبر لإسرائيل على الساحة الدولية، تقول مصادر سياسية مطلعة لـالمركزية ان خطورة هذا التطور تكمن في تزامنه مع قرع إسرائيل طبول الحرب ضد لبنان وحزب الله.

فلا يمر يوم لا تهول فيه تل ابيب عبر جيشها واعلامها باقتراب تجدد الحرب على الحزب الذي اعاد بناء قدراته ويهرب السلاح والاموال من ايران الى مخازنه... عليه، السؤال هو عن كيفية مواجهة لبنان التصعيد الآتي اذا كانت واشنطن باتت في الخندق الاخر، ليس ضد الحزب فحسب، بل ضد الجيش وتاليا الدولة اللبنانية ايضا؟ والا يعني هذا الاصطفاف الاميركي ان واشنطن باتت ايضا تغطي استهداف لبنان - الدولة ومرافقها ومنشآتها، لا قواعد الحزب فقط، في اي عملية إسرائيلية مقبلة، بما ان جهود الجيش ضعيفة وشبه معدومة لنزع سلاح حزب الله، كما قال غراهام؟

في الحرب الماضية، كانت الدولة نوعاً ما على الحياد، مع قول رئيس الحكومة حينها نجيب ميقاتي ان لا ناقة لحكومته ولا جمل في قرار الحرب والسلم، وكانت مُحيَّدة من اسرائيل، بطلب اميركي.. فهل سيبقى هذا الامر ساري المفعول اليوم، مع تصعيد واشنطن ضد الجيش اللبناني لانه هاجم إسرائيل ولم يحصر السلاح بالسرعة المطلوبة؟

الصورة ستتظهر اكثر في قابل الايام، مع احتمال ان يكون ما حصل في مسألة زيارة هيكل، زوبعة في فنجان او تهويلا بأن على الجيش الاسراع في مهمة جمع السلاح غير الشرعي والا سيواجه ولبنان عزلة أميركية اكيدة وحربا إسرائيلية محتملة.