اخبار سوريا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٥ شباط ٢٠٢٥
يستهدف صياغة إطار سياسي واقتصادي جديد للبلاد ودعوة إلى مشاركة دولية من أجل دولة مدنية يسودها القانون
يجتمع مئات السوريين في دمشق اليوم الثلاثاء لحضور مؤتمر حوار وطني يستمر يوماً واحداً، يصفه حكام البلاد بأنه علامة فارقة في الانتقال إلى نظام سياسي جديد بعد عقود من حكم عائلة الأسد.
وتساءل منتقدون عن سبب العجلة في الاستعدادات للمؤتمر، وضعف تمثيل الأقليات ومدى التأثير الذي سيتحقق في نهاية المطاف، في عملية سياسية تقودها حتى الآن الإدارة الجديدة، التي وصلت إلى السلطة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السابق بشار الأسد.
ويقول منظمون إن المؤتمر سيناقش التوصيات التي قد تساعد في صياغة إعلان دستوري يهدف إلى وضع مبادئ أساسية للنظام الحاكم الجديد في سوريا، فضلاً عن منظومة عدالة انتقالية وإطار عمل اقتصادي جديد وخطة للإصلاح المؤسسي، من بين قضايا أخرى.
وقال حسن الدغيم المتحدث باسم اللجنة التحضيرية للمؤتمر إن مقترحات المؤتمر ستنظر فيها أيضاً الحكومة الانتقالية الجديدة، إذ من المقرر أن تتولى السلطة في أول مارس (آذار) في سوريا.
إلغاء محتمل للعقوبات
قال ثلاثة دبلوماسيين إن المؤتمر سيحظى بمتابعة من كثب من العواصم العربية والغربية التي ربطت العلاقات الكاملة مع القادة الجدد في سوريا، بما في ذلك الإلغاء المحتمل للعقوبات، بمدى اشتمال العملية السياسية للأطياف كافة واحتوائها للتنوع العرقي والديني في البلاد.
وضمن إجراءات الإعداد للمؤتمر، استضافت لجنة تحضيرية مكونة من سبعة أعضاء جلسات استماع نظمتها المحافظات، وفي بعض الأحيان عقدت جلسات عدة مدة الواحدة منها ساعتان في اليوم، لتشمل جميع المحافظات بسوريا وعددها 14 محافظة في أسبوع.
وخمسة من أعضاء اللجنة إما أنهم من 'هيئة تحرير الشام' أو مقربون منها، ولا يوجد أي أعضاء من الدروز أو العلويين، وكلاهما أقلية كبيرة في سوريا.
وقال الدغيم إن ما إجماليه 4 آلاف شخص في جميع أنحاء سوريا شاركوا في الجلسات، إذ اقتصر الحضور فيها على المدعوين فقط.
ويقول مؤيدون إن هذه العملية تمثل تحولاً ملاحظاً عن عقود من الحكم الاستبدادي لعائلة الأسد، حين كان التعامل مع المعارضة السياسية غالباً من خلال نظام السجون المعقد.
وقالت هند قبوات، المسيحية الوحيدة في اللجنة التي تتألف من المسلمين السنة، إن هذه العملية ديمقراطية حقيقية يرصدون فيها كل التعليقات لتكون أساساً للمناقشة، وأضافت أنها عملية من الشعب وإلى الشعب ولصالح الشعب.
أداء واجب
ينتقد آخرون التحضيرات التي سبقت المؤتمر، ويصفونها بأنها تحمل دلالة أخرى على سيطرة الإدارة الجديدة على العملية السياسية منذ إطاحة الأسد.
وأعلن أحمد الشرع رئيساً لسوريا في يناير (كانون الثاني) الماضي، وهي خطوة قال محللون إنها تضفي عليه مكانة رسمية باعتباره 'الرجل القوي' الجديد في سوريا.
وفي أول خطاب رئاسي له في الـ30 من يناير الماضي، قال الشرع إن مؤتمر الحوار الوطني سيكون 'منصة مباشرة للمداولات والمشاورات واستماع مختلف وجهات النظر حول برنامجنا السياسي المقبل'.
وفي النهاية لم يعلن المؤتمر إلا قبل يومين من انعقاده، وقال بعض المعارضين السوريين الذين يعيشون في الخارج إنهم لن يتمكنوا من الحضور، بسبب إبلاغهم بموعد المؤتمر قبل وقت قصير من انعقاده.
وقال مسؤولون من الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال شرقي سوريا وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة إنه لم تتم دعوة أي من أعضائهما للمشاركة.
ووجهت دعوات إلى 24 شخصاً في الأقل في محافظة السويداء، موطن الطائفة الدرزية، لكن الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا حكمت الهجري عبر عن استيائه.
وقال الهجري في مقابلة مع 'رويترز' إن طائفته تحترم جميع الآراء، لكنها لا ترى حتى الآن القدرة على قيادة البلاد أو تشكيل دولة بالطريقة الصحيحة، وأضاف أنهم يأملون أن تصبح الأمور منظمة أو أن يحدث شيء جديد بحلول نهاية الفترة الانتقالية.
مشاركة دولية
طالب الهجري وآخرون بمشاركة دولية لضمان أن تفضي المناقشات إلى إقامة دولة مدنية مع الفصل بين السلطات وفرض سيادة القانون، لكن دبلوماسيين غربيين ومسؤولين اثنين من الأمم المتحدة قالوا إن هيئة تحرير الشام لم توافق على المقترحات التي قدمتها الأمم المتحدة للمساعدة في المؤتمر.
وقال آرون لوند، وهو زميل في مؤسسة سينتشري إنترناشونال البحثية التي تركز على الشرق الأوسط 'بالنسبة إلي، الأمر يبدو كأنه أداء واجب'، مضيفاً أن على الإدارة الجديدة أن تظهر أساساً قوياً للعملية الانتقالية، لكن من غير الواضح كيف سيتم أخذ الآراء المختلفة في الاعتبار.
وأشار لوند إلى أن واشنطن وأوروبا من المرجح أن تكونا في مأزق في شأن موقفهما من العملية، ففي حالة قبولهما إياها، فإنهما تخاطران بتعزيز تمكين هيئة تحرير الشام. أما في حالة رفضهما للعملية وانفصالهما عن دمشق، فإن سوريا ستواجه خطر الانزلاق إلى الفوضى.
وعلى رغم الانتقادات، يشعر عدد كبير من السوريين المشاركين بسعادة غامرة بسبب وجود فرصة لإجراء مناقشات مفتوحة، وهي الأولى في سوريا منذ عقود.
وحضرت كاترين التلي، وهي محامية سورية في مجال حقوق الإنسان كانت اعتقلت لفترة وجيزة خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2011، جلسة لسكان ريف دمشق وقالت إنها سعيدة على رغم المخاوف إزاء الكيفية التي سيضمن بها الدستور الجديد حقوق المسيحيين، وأضافت 'هذه بداية الحياة الديمقراطية، إذ يجري التعبير عن الآراء بحرية، وهذا شيء مميز'.