اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٩ أيار ٢٠٢٥
توصل باحثون إلى أن فيتامين B12 قد يكون السلاح السري لمحاربة التهاب البنكرياس الحاد، أحد أخطر اضطرابات الجهاز الهضمي التي تهدد الحياة.
وكشفت الدراسة الحديثة بقيادة باحثين من جامعتي سيتشوان الصينية ولينكوبينغ السويدية أن ارتفاع مستويات هذا الفيتامين في الدم يقلل بشكل كبير من حدة المرض الذي يدخل الملايين للمستشفيات سنويا، ويودي بحياة 20% من المصابين بحالاته الشديدة.
وفقا للنتائج التي استندت إلى تحليل جيني دقيق وتجارب مخبرية متطورة، فإن النظام الغذائي الغني بـ B12 قد يصبح استراتيجية وقائية وعلاجية واعدة.
ويعرف التهاب البنكرياس الحاد (AP) بأنه حالة خطيرة تصيب الجهاز الهضمي وتؤثر على الأفراد من جميع الأعمار، وهو أحد الأسباب الرئيسية لدخول المستشفيات حول العالم.
ويصاب نحو 1 من كل 5 مرضى بأشكال متوسطة إلى شديدة من المرض، والتي ترتبط بمعدلات عالية من الوفاة والإعاقة طويلة الأمد. وحتى الناجون غالبا ما يواجهون مضاعفات مستمرة تقلل بشكل كبير من جودة حياتهم.
وعلى الرغم من خطورة التهاب البنكرياس الحاد وانتشاره، ما يزال الأطباء والعلماء عاجزين عن الاتفاق على بروتوكول علاجي موحد لهذا المرض. فحتى الآن، لا توجد أدوية فعالة قادرة على وقف تلف البنكرياس في وقت مبكر من الإصابة، وهي الفترة الحرجة التي تحدد مصير المريض. وهذا الفراغ العلاجي يدفع الباحثين للعمل ضد الزمن لتطوير عقاقير جديدة تنقذ الأرواح قبل فوات الأوان.
ولمعالجة هذه المشكلة، قام فريق بحثي بقيادة الدكتور تشوانون فان من مستشفى غرب الصين الرابع بجامعة سيتشوان وجامعة لينكوبينغ في السويد، بإجراء دراسة تحت إشراف البروفيسور الدكتور شيانمينغ مو في مستشفى غرب الصين بجامعة سيتشوان. وكان هدفهم استكشاف ما إذا كان فيتامين B12 يمكن أن يساعد في منع أو تقليل حدة التهاب البنكرياس الحاد باستخدام كل من البيانات الجينية البشرية ونماذج الحيوانات.
وبدأ الباحثون بتحليل دراسات الارتباط على نطاق الجينوم (GWAS) لتحديد الروابط الجينية لالتهاب البنكرياس. ثم استخدموا طريقة 'التوزيع العشوائي المندلي'، وهي طريقة تستخدم التباين الجيني لتحديد العلاقة السببية بين العوامل الغذائية والأمراض. وأظهرت نتائجهم وجود ارتباط قوي بين ارتفاع مستويات فيتامين B12 في الدم وانخفاض خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس بمختلف درجاته.
وبعد ذلك، حدد الفريق ما إذا كان فيتامين B12 يظهر تأثيرات وقائية وعلاجية محتملة باستخدام نماذج تجريبية لالتهاب البنكرياس في فئران معدلة وراثيا تفتقر إلى جين CD320 المسؤول عن امتصاص فيتامين B12.
واستخدمت الدراسة نموذجين مختلفين لالتهاب البنكرياس: أحدهما لمراقبة استجابات إصابة البنكرياس المبكرة، والآخر لتتبع التطور المرضي لالتهاب البنكرياس الحاد.
وكشفت النتائج أن فيتامين B12 يحمي خلايا البنكرياس مباشرة من النخر (موت الخلايا أو الأنسجة بشكل غير طبيعي) خلال المراحل المبكرة من التهاب البنكرياس الحاد ويقلل لاحقا من تسلل الخلايا التائية.
ومن الجدير بالذكر أن زيادة مستويات فيتامين B12 في الدم بشكل مصطنع قبل وبعد تحفيز التهاب البنكرياس لم يقلل فقط من شدة الحالة، بل عزز أيضا إصلاح الأنسجة بعد إصابة البنكرياس.
وكشفت النتائج عن مفاجأة علمية مهمة تتعلق بطريقة عمل فيتامين B12 في الوقاية من التهاب البنكرياس. فبخلاف ما كان يعتقده العلماء سابقا بأن فوائد الفيتامين تأتي من خلال تأثيره على بعض المواد الكيميائية في الجسم مثل الهوموسيستئين والغلوتاثيون، اتضح أن آلية العمل الحقيقية مختلفة تماما.
ووجد الباحثون أن فيتامين B12 يعمل بشكل أساسي على تعزيز إنتاج الطاقة داخل خلايا البنكرياس، حيث يزيد من مادة ATP التي تعتبر وقود الخلايا الأساسي. وهذا الإمداد الإضافي من الطاقة يحمي الخلايا من الموت المبكر (النخر) ويساعدها على مقاومة الالتهاب بشكل أفضل.
وقد تأكدت هذه النتائج عندما لاحظ العلماء أن إعطاء مكملات ATP مباشرة للفئران المصابة أدى إلى نفس التأثير الوقائي، حتى عند عدم وجود فيتامين B12.
وهذه الاكتشافات تغير فهمنا لكيفية عمل فيتامين B12 في الجسم، حيث تبين أن تأثيره الرئيسي في حالة التهاب البنكرياس يعتمد على دعم الطاقة الخلوية بدلا من آليات أخرى كان يعتقد سابقا أنها المسؤولة عن هذه الحماية.