تضطر مئات العائلات الفلسطينية ممن تدمرت بيوتها بالكامل، في مختلف محافظات قطاع غزة، خصوصاً في محافظتي غزة والشمال، للمبيت على الأرصفة وقوارع الطرق بلا مأوى، في ظل عدم توفر مآوي لهم سواء خيام أو كرفانات، وهو ما يضاعف من أوضاعهم المعيشية المتردية.

وتعالت أصوات المواطنين التي تُطالب بضرورة توفير الخيام أو الكرفانات أكثر، بعد عودة مئات العائلات الفلسطينية من جنوب ووسط القطاع إلى محافظتي غزة والشمال، منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني.

ويطالب هؤلاء المواطنين كل الجهات المعنية بضرورة الضغط على الاحتلال للسماح بإدخال الخيام والكرفانات الموجودة على المعبر من الجانب المصري، التي تنتظر 'قرار الموافقة الإسرائيلية'، وذلك وفق ما تضمنه اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى توقيعه بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال بوساطة أمريكية وقطرية ومصرية.

المواطن محمد الدريني الذي يقطن في مخيم جباليا شمالي القطاع، أصبح 'بلا مأوى' بعدما نزح إلى مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة على إثر العملية العسكرية الإسرائيلية التي امتدت مائة يومٍ، حيث دمّر الاحتلال منزله بالكامل.

وتضاعفت معاناة 'الدريني' بعد عودة أبنائه الأربعة من جنوب القطاع إلى الشمال، حيث يضطر إلى إبقائهم في منزل عائلة زوجته في حي التفاح شرقي مدينة غزة، فيما يمضي ليلته هو في إحدى خيام أصدقائه في مخيم جباليا، وفق ما يقول لمراسل صحيفة 'فلسطين'.

إلى متى؟

يتساءل الدريني بصوت يمتزج بالحسرة والقهر 'إلى متى سنبقى مشردين بلا مأوى؟'، مطالباً الجهات الدولية والمنظمات الحقوقية والدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار بضرورة الضغط على الاحتلال للسماح بإدخال الخيام والكرفانات المؤقتة في أقرب وقت ممكن.

أما المواطن كمال أبو سعدة، لم يكن أفضل حظاً من سابقه، حيث لا يزال ينتظر بفارغ الصبر حصوله على أي مأوى مؤقت يعيش فيه مع عائلته المكونة من 6 أفراد، فيقول: 'منذ عودتنا إلى جباليا نضطر للمبيت أمام أنقاض المنزل المدمر، على أمل أن تنظر لنا أيٍ من المؤسسات الداعمة'.

ويقول أبو سعدة لصحيفة 'فلسطين'، إنه توجه لشراء خيمة من أحد المواطنين، لكنه تفاجأ بارتفاع ثمنها، والذي يتجاوز الـ 700 شيكل، وهو مبلغ لا يستطيع دفعه في ظل تردي الظروف الاقتصادية التي يعيشها بسبب العدوان الإسرائيلي على القطاع.

ويناشد أبو سعدة المنظمات الدولية وكل الجهات المعنية في العالم بضرورة الإسراع في توفير الخيام والكرفانات خاصة في ظل أجواء الطقس الباردة التي تعصف بقطاع غزة.

فيما يقطن المواطن إبراهيم شبير برفقة عائلته المكونة من 6 أفراد بين أكوام ركام منزله المُدمر، ويقول، إنه توجه لعدة جهات ومؤسسات داعمة من أجل توفير خيمة أو كرفان له، لكن دون جدوى، مما يدفعه إلى البقاء على أنقاض المنزل.

ويؤكد شبير خلال حديثه لـ 'فلسطين'، أن يشعر بالقلق والخطر في ظل بقاءه بين أنفاض منزله المدمر، حيث يخشى من سقوط أي حجارة فتؤدي إلى خسائر في الأرواح بين أفراد عائلته.

ويوضح أنه يعيش ظروفاً اقتصادية في غاية الصعوبة تجعله غير قادر على شراء حتى لو قطعة قماش، وفق تعبيره، لذلك يُطالب بضرورة توفير أي خيمة أو مأوى مؤقت في أسرع وقت ممكن، حفاظاً على حياته وأسرته.

كارثة إنسانية

من جهته، أكد مدير عام مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة، أن قطاع غزة يعيش كارثة إنسانية حقيقية وأزمة عميقة، تتعلق في إيواء النازحين والعائلات المُدمرة بيوتهم، مشيراً إلى أن الاحتلال دمّر ربع مليون وحدة سكنية، ما يعني أن ربع مليون أسرة تنام في الشوارع وليس لديها مأوى.

وشدد الثوابتة في حديث خاص لصحيفة 'فلسطين'، على أن الاحتلال لم يلتزم بتعهداته ولم ينفذ البنود التي وقع عليها، حيث يواصل المماطلة وعرقلة إدخال المساعدات الإنسانية والاغاثية والإيوائية التي يحتاجها قطاع غزة بصورة عاجلة.

وأشار إلى أنه وفقاً للبروتوكول الإنساني، من المفترض أن يتم إدخال 60 ألف كرفان، و200 ألف خيمة مؤقتة إلى قطاع غزة كمرحلة أولى، لاستيعاب النازحين من أبناء شعبنا الفلسطيني الذين دمّر الاحتلال 'الإسرائيلي' منازلهم ووحداتهم السكنية وأحيائهم السكنية.

ووفق قوله، فإنه يوجد في قطاع غزة منذ 15 شهراً، قرابة 135 ألف خيمة، اهترأت منها 120 ألف أي ما يعادل 81% من الخيام أصبحت مهترئة تماماً ولا تصلح لأي منخفض جوي قادم ولا الظروف المناخية التي يعيشها الشعب الفلسطيني.

وأضاف الثوابتة 'نريد خيام جديدة لكل أسرة فلسطينية حتى نستطيع توفير مأوى لكل أسرة هدم الاحتلال منزلها'، مطالباً المنظمات الدولية والأممية بأن يكون لها دوراً رئيسياً في عملية إدخال الخيام وعملية توزيعها على جميع الأسر الفلسطينية في قطاع غزة.

تجدر الإشارة إلى أن البرتوكول الإنساني ينص أيضاً على إدخال 600 شاحنة يومياً محملة بالمساعدات والوقود، بما يشمل 50 شاحنة وقود وغاز، و4,200 شاحنة خلال 7 أيام، بالإضافة إلى إدخال معدات الخدمات الإنسانية والطبية والصحية والدفاع المدني، وإزالة الأنقاض، وصيانة البنية التحتية، وتشغيل محطة توليد الكهرباء والمعدات اللازمة لإعادة تأهيل الخدمات الإنسانية في قطاع غزة.

وأجبرت المقاومة الفلسطينية، سلطات الاحتلال الاسرائيلي بوساطة دولية، وقف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة والتي استمرت 471 يوماً، والسماح بعودة النازحين من جنوب قطاع غزة لمنازلهم في محافظتي غزة والشمال، بعد رفضها عودتهم.