تتسارع التطورات السياسية في لبنان على وقع ضغوطٍ أميركيةٍ متزايدةٍ تدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة، في محاولةٍ لفتح الباب أمام مفاوضات تُفضي إلى تثبيت وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701. وفي هذا السّياق، تبرز تساؤلات جديّة حول موقف 'حزب الله' وإمكان تجاوبه مع الطروحات الأميركية، في ظلّ اشتداد الضغوط الدوليّة وتضييق هامش المناورة أمام الحزب وقيادته، ما يضع البلاد أمام مفترقٍ حساسٍ قد يرسم ملامح المرحلة المقبلة.

وفي التفاصيل، رأت مصادر سياسية لـ'الشرق الأوسط' أنّ عامل الوقت لا يسمح للأمين العام لـ'حزب الله' نعيم قاسم بالتريّث لحسم موقفه في حال حصول لبنان على ضمانات أميركية لقاء موافقته على حصرية السلاح بيد الدولة، على أن تطبّق تدريجيًا بالتوازي مع إلزام إسرائيل القيام بخطواتٍ مماثلةٍ لإنهاء تمركزها في المواقع الخمسة، وإطلاق مَن لديها من أسرى لبنانيين، وامتناعها عن مواصلة خروقاتها واغتيالاتها، وانسحابها من الجنوب تمهيدًا لتطبيق وقف النار، والشروع في تنفيذ القرار 1701 بالتلازم مع استعداد واشنطن لرعايتها ترسيم الحدود بين البلدين.

وكشفت المصادر أن ضيق عامل الوقت لا يسمح لقيادة 'حزب الله' بعدم حسم موقفها، لأنّ واشنطن، بلسان بارّاك، تلح على لبنان للإسراع بإعلان موافقته الرسمية على حصرية السلاح، مع أنّه في زيارته الأولى لم يُطالب بجدولٍ زمنيّ لسحب سلاح 'حزب الله'، لكن عدم تحديده لا يعني أنّ الفرصة طويلة أمام الحزب لحسم قراره.

وقالت إن بارّاك حذر في لقاءاته من تفويت الفرصة المُتاحة للبنان لبسط سيادته على كل أراضيه، ونقلت عنه قوله إنّ التردّد ليس لمصلحته، ولا يضمن إلزام إسرائيل بعدم توسيع الحرب. وأكّدت أنّ لبنان يقترح في المقابل استعداد واشنطن، فعلًا لا قولًا، للضغط على إسرائيل للتوصل لوقف النار، ولو موقتًا، إفساحًا في المجال أمام لبنان لتنقية الأجواء، وتبديد ما لدى 'حزب الله' من مخاوف للدخول في مفاوضاتٍ يرعاها بارّاك، وتؤدي حتمًا للإجماع على حصرية السلاح، لأنه من غير الجائز أن تجرى المفاوضات تحت ضغط إسرائيل بالنار.

وفي هذا السياق، نقلت وكالة 'فرانس برس' عن مصدرٍ رسميّ قوله إنّ لبنان يعمل على تحضير ردّ على طلب المبعوث الأميركي من المسؤولين في البلاد الالتزام رسميًا بنزع سلاح 'حزب الله'، ويتضمّن المطالبة بضماناتٍ لا سيما انسحاب إسرائيل من أراضيه. وقال المصدر، إن بارّاك أوصل هذه الرسالة إلى المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته البلاد في 19 حزيران الماضي. كما أضاف أنّ المبعوث الأميركي، الذي من المتوقع أن يعود إلى بيروت قبل منتصف تموز، طلب التزامًا رسميًا بضرورة 'حصر السلاح بيد الدولة على كامل الأراضي اللبنانية'.

كما عبّر مصدر معنيّ بالورقة الاميركية عن أجواء تشاؤميةٍ حيال ملف السلاح، وخصوصًا في ظل ما سمّاه 'الموقف المُتصلّب لـ'حزب الله'، ولا سيما الموقف الأخير لأمينه العام الشيخ نعيم قاسم، الذي ردّ بصورة مباشرة على طلب سحب سلاح الحزب بقوله: 'هل هناك أحد عنده عقل ويفكّر بسحب السلاح؟'.

وقال المصدر إنّ مصاعب وتعقيدات كبرى في الطريق، ولا يبدو أنّ 'حزب الله' في وارد التراجع عن موقفه أو تليينه، وهذا يعني أنّ الأفق مفتوح على ضغوطٍ قد تُمارس على لبنان، وبالأصح ضغطًا مزدوجًا، من قبل الأميركيين من جهة، ومن قبل الإسرائيليين، عبر تصعيد خروقاتهم. نحن في موقف حرج.

وحسب معلومات 'اللواء'، تجري المناقشات بتكتمٍ شديدٍ، ولم ينتهِ الردّ بعد، لا سيما في ضوء انتظار الرئيس نبيه بري موقف حزب الله، الذي كما كشفت 'اللواء' لديه مقاربة مختلفة عن المطروح، وربط مصير سلاحه بالتوصّل الى استراتيجية دفاعية حقيقية.