التعليم الجامعي في سوريا.. الطلاب يريدون الرحمة والتعليم

منذ ارتفاع أقساط التعليم الموازي في سوريا، كذلك رسوم الجامعات الحكومية و'يمامة' (21 عاماً) تحاول بكل الطرق المتاحة أمامها. أن تدخر خمسة آلاف ليرة بشكل يومي تقريباً لتدفع قسط تسجيلها في كلية التمريض بجامعة تشرين. قسط يمامة ارتفع هذا العام إلى 56 ألفاً، بعد أن كان العام الفائت لا يتجاوز الـ20 ألف. وذلك بسبب رسوبها مرة واحدة في السنة الثانية.

ويمامة كما غالبية الطلاب والطالبات فتاة لعائلة ذات دخل محدود، يعمل والدها ليلاً نهاراً لسد احتياجات أسرته الأساسية من غذاء وشراب. تقول لـ'سناك سوري': «هالمبلغ يمكن البعض يشوفه قليل اليوم، بس نحنا عيلة على قدنا، وأخواتي 3 غيري بالمدارس، والدي فقط بيشتغل.. ارحمونا شوي».

من الأقساط للمواصلات وأسعار المحاضرات وصولاً إلى تدني جودة التعليم في الجامعات السورية، تحاصر الهموم الطلاب وأهاليهم. ويأتي هذا كلّه في ظلّ أوضاع اقتصادية استثنائية تعانيها البلاد، من تدني كبير في الرواتب وانهيار بقيمة الليرة أمام الدولار.

هالـ56 ألف يمكن البعض يشوفه قليل اليوم، بس نحنا عيلة على قدنا، وأخواتي 3 غيري بالمدارس، والدي فقط بيشتغل.. ارحمونا شوي يمامة – طالبة في كلية التمريض بجامعة تشرين

تصفُ 'هيا' (22 عاماً) طالبة في كليّة الهندسة المدنية بدمشق التعليم في سوريا بأنه «ذاتي وليسَ مجاني» وتستند في قولها على ما تعانيه مع أبناء دفعتها. فالجامعة بحسب هيا تعلّمهم بطريقة «رؤوس الأقلام وبتقلنا روحوا دبروا راسكن». فتلجأ الفتاة التي تعمل بعد انتهاء دوامها الجامعي بإعطاء دروس خصوصية لطلاب المرحلة الإعدادية. لأخذ كورسات في المواد الجامعية التي تتطلب شرحاً مُفصّلاً وفهماً دقيقاً، وهو ما لا يحدث في كليتها حسب قولها.

وتضيف في حديثها لـ'سناك سوري': « كل كورس صار بـ120 ألف، اختصرت كتير أشياء لأقدر كمّل دراستي. لا باكل ولا بشرب بالجامعة، ومصروف المواصلات لحاله نكبة، فما بالك بالباقي من تسجيل وحق محاضرات».

يُحرمُ عددٌ كبير من الطلاب الجامعيين في سوريا من متعة المرحلة الجامعية وحياة الشباب التي من المفترض أن تكون بالحد الأدنى من الهموم والأعباء. وحافلة بالنشاطات والرحلات والمغامرات. فيما تتركزُ مغامرات شباب البلاد المُتعبة بالظفر بمقعدٍ فارغ في سرفيس يُقلّهم إلى جامعاتهم. التي باتت هي الأخرى عاملاً إضافياً في الثقل الجاثم فوق الصدور.

اختصرت كتير أشياء لاقدر كمّل دراستي. لا باكل ولا بشرب بالجامعة، ومصروف المواصلات لحاله نكبة هيا – طالبة في كلية الهندسة المدنية بجامعة دمشق

من جهته 'طارق (25 عاماً) طالب في كلية هندسة المعادن بجامعة البعث، يرى أنه من الممكن أن يتفهم صعوبة تحسين القطاع التعليمي بسبب أمور عدّة. لكن من غير المفهوم رفع الأقساط الجامعية بشكل كبير ومُبالغ فيه.

طارق طالب في التعليم الموازي، وعليه دفع 900 ألف ليرة سورية كقسط تسجيل في السنة الواحدة. يعمل بعد دوامه الجامعي ليساعد والديه المتقاعدين في مصروف المنزل. يقول الشاب لسناك سوري: «اليوم صعب بعد ما وصلت للسنة الخامسة اترك وامشي. رح اقسى على حالي وعلى أهلي لسجل بالجامعة ما في حل تاني».

ويُشكّل العمل مع الدراسة ضغطاً كبيراً بالنسبة لـ'طارق'، ويؤثر على التزامه بالدوام الجامعي خاصة وأن الأقساط المرتفعة في التعليم الموازي هي للكليات العمليّة. التي تتطلب دواماً والتزاماً في المواد النظرية والعملية.

اليوم صعب بعد ما وصلت للسنة الخامسة اترك وامشي. رح اقسى على حالي وعلى أهلي لسجل بالجامعة ما في حل تاني طارق – طالب في كلية هندسة المعادن بجامعة البعث

وإضافة للأقساط انضمّت المشاريع الفصلية لقائمة الأعباء. حيثُ أنّ أي مشروع فصلي صغير نسبياً يُكلّف نحو 50 ألف. فيما يتراوح سعر المحاضرات المطلوبة أسبوعياً بين 40 و 50 ألف ليرة سورية.

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد رفعت رسوم تسجيل الطلاب المُستجدين في الجامعات السورية مع بدء العام الدراسي الحالي. بالإضافة إلى رفع أقساط التعليم الموازي في سوريا إلى ضعف المبلغ المدفوع خلال السنة الدراسية السابقة.

ووفقاً للتعليمات التنفيذية فإن الطالب المشمول بأحكام المرسوم سيتوجّب عليه دفع ضعف الرسوم الجامعية بالنسبة للتعليم الموازي في حال كان الطالب قد استنفذ.