اخبار سوريا
موقع كل يوم -الفرات
نشر بتاريخ: ٥ أيار ٢٠٢٥
متواضع، هادئ، وشديد التهذيب، يبدو من بشعره الأبيض فوق وجه لوحته السمرة كماركيز وهو يتذكر
غانياته الحزينات، وهو يرفض أن تلتقط صورة شخصية له حتى يتم التمثال الذي ينحته لنفسه.
مروان قنبر بأعوامه التي قاربت السبعين استضافني على درج منزله في أحد الأحياء الشعبية في مدينة دير الزور، وعلى وجهه ترحاب ودود وأخاديد حفرها الزمن عميقا، ويبدو من نظرة على مشغله المملوء بالمنحوتات المتناثرة هنا وهناك أن كل واحدة من هذه المنحوتات كلفته
واحداً من تلك الأخاديد التي تراكمت فوق وجهه السبعيني.
هو- حسب قواعد البرمجة العصبية- من النموذج التفصيلي، لذلك حاولت أن أنبهه بسؤال فرعي أو
ملاحظة كلما جنح إلى التفصيل، مؤكدا له أن كل عمل من أعماله ينطق بلسان ما ولغة ما ليضعه في مكانه الصحيح بين فناني المحافظة والقطر.
لغته هو كانت تدور ولادته الأولى من الحجر:
بدأت بممارسة النحت منذ كان عمري ست سنوات، كنت شديد الإعجاب بالموضة آنذاك وأكثر ما لفت نظري هو قصات الشعر المتشابهة وكنت
أظن أن الناس جميعا يذهبون إلى حلاق واحد، وهذا ما حاولت أن أظهره على الحجر.
أذكر في سنة 56 أو 57 على وجه الدقة!! أن الأستاذ حمزة القاضي كان لا يرسم شيئا على اللوح، كان يتحدث لمدة شهر عن حورية البحر، لا يترك منها أو من البيئة المحيطة بها شيئا إلا وصفه، ثم بعد ذلك يقول: ارسموا ما فهمتموه من القصة.
تستطيع القول إذن إن أول أعمالي كان عبارة عن حورية بحر، أعطاني الأستاذ بعدها درجة مئة من مئة ورشحني كي أقيم أول معرض لي، وسألني أن يزورني في المنزل كي يرى طريقة عملي، وهناك
حدثته أن والدي كان لديه أزاميل يصنع بها الغرافات التي تنصب في النهر ( لم تعد موجودة الآن) وأنا ورثت هذه الأزاميل وبدأت اصنع بها التماثيل.
في ذلك الوقت قدم أحد الديريين الذين يدرسون الرسم في إيطاليا، هو إسماعيل حسني، استضافته عائلة الياس ليلو في الكنيسة الأرثوذكسية في دير الزور وهناك التقينا، قال لي إنني
لا أزال صغيرا على إقامة معرض وان المعرض على أية حال سيفتتح بعد ثلاثة أيام ولن أجد الوقت الكافي للمساهمة فيه، فأجبته بأنني سأقوم بنحت تمثال لفلاح مع معوله و بالحجم الطبيعي خلال الأيام الثلاثة، وفي اليوم المحدد جاء بالحمالين ليجد التمثال منصوبا في ساحة الدار، دون أسئلة بدأ بقياس ارتفاع التمثال وكتفيه وخصره وطول قدميه وكفيه، كان التمثال يستطيع أن يرتدي ثيابه هو دون أي خلل في الأناقة، حصلت بعدها في المعرض على المركز الأول في النحت، وحصلت إيفلين تملخ على المركز الأول في الرسم.
لمروان قنبر أعمال معروضة في كل من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، إيطاليا، ألمانيا وفرنسا.
هذا اللقاء قديم نوعاً ما، قبيل وفاته رحمه الله.
عقبة الخلّوف الحسن