اخبار سوريا
موقع كل يوم -تلفزيون سوريا
نشر بتاريخ: ٢٨ أذار ٢٠٢٥
بعد معلومات من السطات الأمنية الألمانية عن 'تهديد إرهابي محتمل'، ألغت وزيرة الداخلية الألمانية ونظيرها النمساوي زيارة غير معلنة إلى العاصمة السورية دمشق، حيث كان من المقرر مناقشة ملف اللاجئين السوريين. ما يثير تساؤلات حول كيفية تأثير ذلك على النقاش الدائر حول اللجوء وإمكانية ترحيل السوريين إلى بلادهم.
وكان من المفترض أن تقلع طائرة تابعة لسلاح الجو الألماني صباح الخميس لنقل وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر ونظيرها النمساوي غيرهارد كارنر والوفود المرافقة لهما من الأردن إلى العاصمة السورية دمشق، حيث أراد الوزيران تقييم مدى أمان البلاد وفرص إعادة اللاجئين السوريين.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية أن 'التهديد المحتمل تجاه الوفد الأمني الألماني والنمساوي لم يكن من الممكن تجاهله أو التعامل معه بمستوى أمان كاف، وبناء عليه ألغت فيزر الرحلة على الفور، وذلك بالتنسيق مع كارنر'.
من يستهدف الهجوم؟
ونقلت صحيفة 'زود دويتشه' عن مصادر إعلامية أن 'من الممكن أن الهجوم لم يكن يستهدف الغرب أو ألمانيا تحديداً، بل كان مخططاً من قبل جماعة معارضة للحكومة، هدفها تنفيذ اعتداء ضد هدف غربي، لإظهار أن الحكومة الانتقالية التابعة لهيئة تحرير الشام على أنها غير قادرة على السيطرة على الأوضاع في البلاد'.
وأضافت أن 'من الممكن أن يكون لأنصار بشار الأسد وحلفائه الإيرانيين وكذلك الإسلاميين مصلحة في ذلك، ما يعني أن السفارات، على سبيل المثال، أصبحت عرضة للخطر، ويبدو أن عدة دول أوروبية تدرس سحب موظفيها من هناك'.
وقبل أكثر من أسبوع، زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك (حزب الخضر) سوريا للمرة الثانية منذ سقوط نظام بشار الأسد، حيث التقت مجدداً بوزير الخارجية والرئيس الانتقالي أحمد الشرع، كما أعادت افتتاح السفارة الألمانية في العاصمة دمشق.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية إن 'لديها إجراءات أمنية لحماية سفارتها في دمشق، والتي يتم تفعيلها وتكييفها حسب تطورات الأوضاع'. مضيفةً أنه 'منذ البداية، تم التأكيد على أن الوضع الأمني في سوريا هش، ومن الضروري العمل على تحقيق الاستقرار، ولهذا السبب، يوجد عدد قليل من الدبلوماسيين الألمان في دمشق للمساعدة في إعادة إعمار البلاد التي دُمرت بشدة'.
ماذا كان هدف الزيارة؟
ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، فإن التخطيط للزيارة جرى في ظل احتياطات أمنية عالية ولم يُعلن عنها مسبقا، حيث كانت فيزر وكارنر يخططان لإجراء محادثات مع وزيري الداخلية والخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، وممثلين عن الأمم المتحدة، واليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية إن 'ألمانيا والنمسا تعملان بشكل مكثف على إعادة المجرمين الخطرين أمنياً من ذوي الجنسية السورية إلى سوريا في أسرع وقت ممكن، وكان من المفترض مناقشة تفاصيل ذلك مع الحكومة الانتقالية السورية'. مضيفاً أن 'الحادثة يثبت أن الوضع الأمني في سوريا لا يزال هشاً'.
وكانت فيزر وكارنر قد وصلا أمس الأربعاء إلى العاصمة الأردنية عمان لإجراء محادثات مع ممثلي الحكومة حول قضايا اللجوء والهجرة والأمن. وبعد لقائها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، صرّحت فيزر، بأن الوزير الأردني دعا إلى 'الصبر المدروس' في التعامل مع الحكومة السورية الانتقالية. وأوضحت فيزر أنه رغم استمرار الغموض حول العديد من القضايا، ينبغي منح الحكام الجدد في دمشق فرصة.
وأضافت أنه طالما لا يزال هناك نقص في الكهرباء، ومياه الشرب النظيفة، والمساكن، والرعاية الطبية، والمدارس في العديد من المناطق بسوريا، فلا يمكن إجبار اللاجئين السوريين على العودة بشكل متسرع.
وتسعى وزارة الداخلية الألمانية حالياً على وضع تشريع يسمح للاجئين السوريين بالسفر إلى سوريا مرتين فقط لفترات قصيرة ومعلن عنها مسبقاً، دون أن يفقدوا وضعهم القانوني كلاجئين، وذلك بهدف تقييم إمكانية العودة الدائمة إلى بلادهم.
ما تداعيات إلغاء الزيارة على اللجوء وترحيل السوريين؟
أدى إلغاء الزيارة إلى دمشق بعد القلق من وقوع هجمات، إلى تسليط الضوء على الجدل الدائر حول اللجوء في ألمانيا من جديد، حيث تناقش الأحزاب الألمانية الكبرى، التي تتفاوض حالياً لتشكيل حكومة ائتلافية، سبل إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
في وثيقة التفاهم المشتركة المؤلفة من 11 صفحة التي قدمها الحزبين، جاء في الفصل المتعلق بخطط الطرفين حول سياسة الهجرة واللجوء، أنه 'في المستقبل سيتم تنفيذ ما يُعرف بـ'حملة إعادة الترحيل'، والتي ستشمل إعداد قوانين جديدة لزيادة عمليات الترحيل، كما سيتم البدء بترحيل المجرمين والخطرين أمنياً إلى أفغانستان وسوريا'.
وفي ردها على استفسار صحيفة 'تاز' عما إذا كان ينبغي التراجع عن خطط ترحيل المجرمين إلى سوريا في ظل التهديدات الأمنية التي أدت إلى إلغاء الزيارة، أكدت وزارة الداخلية الألمانية يوم الخميس أنها 'تريد ترحيل المجرمين والإسلامويين في أقرب وقت ممكن، وستستخدم كل الإمكانيات القانونية لتحقيق ذلك، ولكن بشرط أن يسمح الوضع في سوريا بذلك'.
وقالت الخبيرة القانونية في منظمة 'برو أزيل' فيبكه يوديت لصحيفة 'تاز' إن 'سوريا في مرحلة تحول، والوضع الأمني في العديد من المناطق غير مستقر - ليس فقط بالنسبة لفيزر، بل لجميع الناس'. مضيفةً أن 'النقاش الألماني حول الترحيل والعودة مخجل ويرسل رسالة كارثية إلى المجتمع السوري مفادها أنه رغم مرور سنوات عديدة، لا يزالون غير مرحب بهم هنا'.
في حديثه مع صحيفة 'كرونه' أثناء وجوده في الأردن، قال وزير الداخلية النمساوي غيرهارد كارنر إن 'الوزارة تحضر لبرنامج منظم للترحيل والعودة القسرية' وأضاف أن 'الوضع لا يزال متقلباً للغاية، لكننا مضطرون لخوض هذا الحوار'. مشيراً إلى أن 'الهدف هو ترحيل المجرمين والمهددين بالأمن، وتعزيز العودة الطوعية'.
رفع العقوبات ودعم العملية السياسية بشروط
وقبل أسبوع، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك خلال زيارتها لسوريا عن تقديم مزيد من المساعدات الإنسانية وإمكانية تخفيف العقوبات، ولكن بشروط. وقالت إن 'من الممكن أن يكون هناك بداية سياسية جديدة بين أوروبا وسوريا، وبين ألمانيا وسوريا، على أن هذا مرتبط بتوقعات واضحة، منها ضمان الحرية والأمان والفرص لجميع المواطنين في سوريا، رجالاً ونساءً، ومن جميع الأعراق والديانات'.
وأوضحت أن 'ألمانيا تريد دعم العملية السياسية هناك، وأن ذلك يتطلب وجود موظفين ميدانيين ليكونوا أعين وآذان الحكومة على الأرض'. مضيفةً أن 'وجود سفارة لا يعني مجرد التواجد، بل يعني إرسال رسائل واضحة'.
وبعد سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول 2024، علقت ألمانيا والنمسا معالجة طلبات اللجوء الخاصة بالسوريين، كما بدأت فيينا بإجراءات سحب صفة اللجوء لأكثر من 2400 حالة، وبالإضافة إلى ذلك، وافقت الحكومة النمساوية يوم الأربعاء على تعليق لم شمل العائلات للاجئين، وفي العام الحالي، لم يحصل على وضع اللجوء سوى 39 سورياً.
ووفقاً لمكتب الإحصاء النمساوي، يعيش في النمسا 104 آلاف و699 سورياً حتى تاريخ 11 شباط الفائت. أما في ألمانيا، فبحسب وكالة الأنباء الألمانية، بلغ عدد السوريين مع بداية العام، حوالي 975 ألفاً، بينهم نحو 10 آلاف و200 شخص مُلزمون بالمغادرة.