اخبار سوريا
موقع كل يوم -سناك سوري
نشر بتاريخ: ٢٠ نيسان ٢٠٢٥
في الوقت الذي يزداد فيه ملف اختطاف نساء من الساحل ضبابية وسط غياب المعلومات، فجرت الناشطة النسوية 'هبة عز الدين' مفاجأة من العيار الثقيل حين تحدثت عن واقعة شاهدتها خلال زيارتها الأخيرة لمدينتها إدلب، ورأت سيدة قالت إنها من الساحل متزوجة لرجل من إدلب، لتجد الناشطة النسوية نفسها لاحقاً وسط عاصفة من الاتهامات والتحريض، تتراوح بين التخوين والتشكيك في نواياها، وصولاً إلى فتح تحقيق رسمي ضدها.
روت 'هبة' في منشورها الذي حذفته لاحقاً (سناك سوري احتفظ بسكرين عنه)، أنها كانت في زيارة إلى إحدى القرى في إدلب برفقة شقيقها، حين مرّ أمامهما رجل معروف بزواجه المتعدد، وبرفقته سيدة لم ترها من قبل.
السيدة، كما وصفتها 'هبة'، بدت عليها ملامح الارتباك، وكانت ترتدي الحجاب بطريقة غير معتادة، ما جعلها تطرح عدة تساؤلات حول خلفيتها وهويتها.
عند السؤال عنها، اكتشفت الناشطة النسوية أن السيدة تنحدر من منطقة الساحل السوري، وهي من الناجيات من مجازر شهر آذار الماضي التي شهدتها تلك المنطقة، وبحسب المعلومات التي وصلت للناشطة، فإن الرجل الذي ظهرت برفقته أحضرها إلى القرية وتزوجها دون أن تتوفر أي تفاصيل عن ظروف هذا 'الزواج'، مشيرة إلى أن 'الصبية تخاف من التحدث، ولا أحد يعلم شيئاً عنها'.
ما أثار دهشة 'عز الدين' هو أنها، بحسب قولها، لم تسمع من قبل عن حالة زواج بين رجال من إدلب ونساء من الساحل، وهو ما دفعها للبحث والسؤال في أوساط الناشطين والثوار والحقوقيين، ليؤكد لها عدد منهم وفق تعبيرها أن «خطف النساء من الساحل حصل بالفعل على يد فصائل مختلفة»، مع توجيه أصابع الاتهام نحو بعض فصائل 'الجيش الوطني' وكذلك مقاتلين أجانب، مع اختلاف الدوافع.
في نهاية منشورها وصفت الناشطة النسوية ملف اختطاف النساء من الساحل بالخطير الذي لا يمكن السكوت عنه، مطالبة الحكومة بالكشف عن مصير المختطفات وإطلاق سراحنّ فوراً.
المنشور الذي بدا وكأنه بمثابة لفت الأنظار إلى قضية حقوقية مسكوت عنها، سرعان ما جرى تأويله على أنه 'تحريض' و'تلفيق'، ليبدأ سيل من الهجوم الممنهج على 'عز الدين'، تجاوز النقد المشروع إلى مستويات من التحريض والتخوين والتهديد المباشر.
الصحفي 'قتيبة ياسين' كتب منشوراً يحمل طابع التحريض، ورغم انه لم يُشر إلى اسم 'هبة عز الدين' بشكل مباشر، لكنه تحدث بوضوح عن ناشطة 'من إدلب تعمل مع المنظمات المشبوهة وتتواصل مع النظام'، مدعياً أن هناك من تواصل معه قبل أشهر وأخبره أن هذه الناشطة قامت بتسريب أسماء ناشطين يعملون في الداخل السوري 'بالخفاء'، وأن اثنين منهم قد اعتُقلوا لاحقاً وانقطع أثرهم، لتعود 'هبة' وتتحدث عن منشور 'ياسين' وتهاجمه.
الهجمة لم تتوقف عند المنشورات، بل تطورت إلى نشر فيديوهات منسوبة لهبة عز الدين تظهرها، حسب الادعاءات، وهي تهاجم 'الخمار' وتمنعه في أحد المراكز التابعة لجمعية 'عدل وتمكين' التي تديرها.
الناشطة سارعت إلى نفي صحة هذه التسجيلات، مؤكدة في منشور لها أن كل ما يتم تداوله مفبرك بالكامل، وقالت: «بظل الهجمة مبارح عليّ وعلى أهلي والتهديدات اللي وصلتنا، ما كنت قادرة أسمع أو شوف كتير من القصص، لكن اليوم سمعت التسجيلات المنتشرة عني والقصة اللي ناشرها قتيبة ياسين. أنا بأكد مية بالمية أن التسجيلات مفبركة، واللي بيعرف مراكزنا، بيعرف أنه عنا موظفات ومتدربات مخمرات، وما حدا قرب منن».
وتابعت: «بداية أي تدريب منسأل الصبايا إذا حابين يتصوروا أو لأ، أو إذا بدن يحطوا كمامة أو يطلعوا بوجهن. مراكزنا مفتوحة للجميع، واللي حابة تزورها، بتشوف بعينها».
وعن اتهامات ياسين، ردت بقولها: «الشي اللي نشره قتيبة دون أي دليل هو اتهام خطير، وأنا بطالبه يظهر كل الوثائق اللي عم يحكي عنها، كتير محزن أني أضطر دافع عن حالي بهي القصة، وكل سنين الثورة وشغلي ما شفعولي أنو الناس يكذبوا الخبر».
في وقت انشغل فيه البعض بالتحريض، التزم عدد من الصحفيين والناشطين موقفاً أكثر حيادية ومسؤولية، واعتبروا أن جوهر القضية يستحق التحقيق، لا الشخص الذي طرحها.
الصحفي إياد شربجي كتب منشوراً جاء فيه: «ما قالته هبة عز الدين، وهي مديرة منظمة تدافع عن حقوق المرأة وتعمل في إدلب، عن خطف نساء من الساحل إلى المحافظة يجب على السلطة التحقيق فيه فوراً وتقديم إجابات واضحة وشافية، هل هذا حقيقي أم محض إشاعة؟ بالحالتين تجب المحاسبة، سواء للمرتكب إن كان الأمر واقعاً، أم لمثير الشائعات إن كان افتراءً».
لكن الرد الرسمي لم يأت كما طالب الصحفي 'شربجي'، وعوضاً عن فتح تحقيق في الادعاءات الجوهرية حول خطف النساء وتزويجهن قسراً، جاء الرد الرسمي في إدلب من خلال محافظ المدينة، 'محمد عبد الرحمن'، الذي وبحسب ما ذكرت عدة وسائل إعلامية محلية من بينها شام إف إم، أصدر توجيهاً إلى المدعي العام باتخاذ الإجراءات القانونية بحق هبة عز الدين، وذلك استناداً إلى التسجيل الصوتي الذي نُسب إليها ويُعتبر، حسب البيان الرسمي، 'مسيئاً للحجاب'.
بموجب هذا التوجيه، تم تحريك دعوى الحق العام ضد الناشطة، في خطوة أثارت مزيداً من التساؤلات حول أولويات المؤسسات الرسمية في التعامل مع القضايا الحقوقية والإنسانية، خصوصاً عندما تتعارض مع قضايا 'السمعة' أو 'الدين'.
يذكر أن ظاهرة خطف نساء من الساحل بدأ الحديث عنها عقب مجازر 7 آذار بحق المدنيين التي اعترفت بها الحكومة وشكّلت لجنة للتحقيق فيها، وتم توثيق عدة حالات اختفاء مثل 'بشرى مفرج' و'آية قاسم' التي تم تحريرها يوم أمس بعد اختفاء لثلاثة أيام في ظروف غامضة، في حين ينتظر من الحكومة أن تعلن عن تحقيقات جادة بالملف الذي يعتبر خطيراً جداً ويحمل انتهاكات جسيمة بحق النساء.