اخبار سوريا
موقع كل يوم -هاشتاغ سورية
نشر بتاريخ: ١٢ نيسان ٢٠٢٥
التعيين السياسي يعود إلى انقابات.. إشراف وتنظيم أم وصاية 'بعثية' بختمٍ جديد؟
هاشتاغ – حسن عيسى
وسط مشهد متقلب تشهده سوريا في مرحلة ما بعد السلطة المركزية التقليدية، وجد اتحاد الكتاب العرب نفسه في عين عاصفة جديدة، بعد قرار غير معتاد صدر عن جهة غير تقليدية. فقد تولّت الأمانة العامة للشؤون السياسية في وزارة الخارجية، والتي لم يُعرف عنها سابقاً أي علاقة تنظيمية بالمجال الثقافي، مهمة تعيين مجلس جديد لتسيير أعمال الاتحاد.
وبين أسئلة الشرعية والتوقيت، وتباين الآراء بين من يرى في الخطوة إعادة هيكلة ضرورية، ومن يعتبرها إعادة إنتاج لنهج التعيين القديم، تبقى النقطة المحورية في كيفية إدارة النقابات ومؤسسات المجتمع المدني، ومن يحق له تمثيل أهلها.
وقد أثار هذا القرار تساؤلات واسعة، ليس بالضرورة بسبب الأسماء الواردة في المجلس، بل بسبب الجهة التي أصدرته، إذ لا يُعرف عن وزارة الخارجية – ولا عن ذراعها السياسية – امتلاكها لأي صفة عضوية في المجالين الثقافي أو النقابي.
من 'تنسيق سياسي' إلى وصاية تنفيذية
تأسست الأمانة العامة للشؤون السياسية بهدف الإشراف على النشاط السياسي الداخلي ورسم السياسات الوطنية، إلا أن الواقع العملي يشير إلى اتساع نفوذها ليشمل مجالات لم تكن ضمن اختصاصها المباشر. هذا التمدد، كما يصفه مراقبون، يتم على قاعدة صلاحيات غير منصوص عليها صراحة، ما يمنحها سلطة فعلية تتجاوز الأدوار التنظيمية المعروفة.
في هذا السياق، جاء قرار تشكيل مجلس اتحاد الكتاب العرب كجزء من هذا التحول، إذ تم تعيين تسعة أعضاء دون انتخابات أو مشاورات داخلية، ما رآه البعض انعكاساً لتوجه إداري يسعى إلى ضبط إيقاع المؤسسات الثقافية وفق اعتبارات تنظيمية وسياسية، ودفع برئيسة فرع السويداء الأديبة وجدان أبو محمود إلى تقديم استقالتها.
وفي حديثها لـ 'هاشتاغ'، رأت أبو محمود في هذا القرار تجاوزاً لما سمّته 'الحق الأدبي والنقابي للأعضاء في تقرير مصير مؤسستهم'، موضحةً أن 'اتحاد الكتاب منظمة نخبوية، وعضويتها تمرّ عبر مسارات وشروط محددة. بالتالي، من الطبيعي أن يكون للأعضاء وحدهم الحق في اختيار من يمثلهم، لا أن يُفرض عليهم مجلس من خارج التنظيم'.
مواقف احتجاجية
استقالة أبو محمود لم تكن حدثاً إجرائياً، بل جاءت – بحسب ما تقول – 'من باب الحرص على التبادل الديمقراطي والوصول إلى استقلالية حقيقية في العمل النقابي'. معتبرةً أن مؤسسات البلاد، رغم ما عانته من اختطاف أمني، ظلت تمتلك بنية كان يمكن تصحيحها من الداخل، 'لكن لا يمكن استبدال وصاية بوصاية أخرى. تصحيح الخطأ لا يكون بتكراره'.
وأكدت أن 'القرار أعاد إلى الأذهان تدخلات القيادة القطرية لحزب البعث في زمن النظام السابق، حين كان يتم اختيار ممثلي النقابات بناء على الولاء لا الكفاءة'، داعية إلى 'تأسيس علاقة جديدة مع مؤسسات المجتمع المدني تقوم على احترام إرادة الأعضاء لا اختزالها'.
في موازاة ذلك، وصف الكاتب حسام ميرو بوقتٍ سابق، التعيين بأنه 'معيب'، رغم احترامه لبعض الأسماء، معتبراً أن ما حدث يمثّل تراجعاً حتى عن آليات النظام السابق، الذي كان يُجري انتخابات شكلية على الأقل.
نموذج سابق بصيغة جديدة!
بالنسبة لكثيرين، لا يحمل قرار تعيين مجلس الاتحاد مجرد دلالة إدارية، بل يمثل نقطة اختبار لطبيعة السلطة الجديدة في التعامل مع المجتمع المدني. فكما تقول أبو محمود: 'لم يتم التشاور معنا مطلقاً. وهذا مؤشر خطير على أن رؤية الإصلاح لا تزال تفتقر إلى آليات التمثيل والمساءلة'.
وترى أن الفرصة كانت متاحة لاحتضان مبادرات أخرى ظهرت خلال العقد الماضي، عبر العمل المتوازي لا الإقصائي، وصولاً إلى صيغة دمج قانونية تسمح بتطوير الاتحاد لا تجاوزه. 'كان بالإمكان الحفاظ على كيان الاتحاد التاريخي، مع فسح المجال أمام روابط جديدة للعمل المستقل، ثم العودة إلى صناديق الاقتراع ليقرر الأعضاء من يمثلهم'، تضيف.
ولم تكن أبو محمود وحدها من اتخذ هذا الموقف؛ إذ كشفت أن الدكتور يوسف الجمال، الذي عُيّن مؤخراً نقيباً لصيادلة السويداء، قد قدّم أيضاً استقالته رفضاً لفكرة التعيين خارج الأطر الانتخابية.
ثقافة المشاركة بمواجهة نمط التعيين
السياق الذي جاء فيه القرار يعيد الجدل حول وظيفة النقابات والاتحادات، ومدى استقلاليتها في سوريا اليوم. إذ يرى مراقبون أن التغيير الحقيقي لا يكمن فقط في الأشخاص، بل في المنهج. فإعادة هيكلة مؤسسات المجتمع، دون منحها حرية القرار، قد يعيد إنتاج الإشكاليات نفسها التي ساهمت في تآكل بنية الدولة في العقود السابقة.
وتقول أبو محمود: 'المشكلة لم تكن في المؤسسات نفسها، بل في القبضة التي كانت تُفرض عليها. الآن آن أوان أن تستعيد دورها كصمام أمان مدني، يُؤسس لحياة ديمقراطية حقيقية بعيداً عن الانتماءات السياسية والولاءات الضيقة'.
وتضيف: 'المعايير التي كانت تُعتمد لقبول الأعضاء في اتحاد الكتاب خلال السنوات الماضية لم تكن دائماً شفافة. لذلك كنت قد اقترحت تشديدها، حفاظاً على القيم الأدبية، لا سيما أن حرية الكلمة لا يجب أن تبقى شعاراً فقط، بل ممارسة فعلية تحمي جودة الثقافة واستقلالها'.
مستقبل النقابات.. بين الضغط والفرصة
يعتبر مراقبون ما حدث يمثابة اختبارٍ حقيقي لقدرة النظام القائم على بناء علاقة جديدة مع المجتمع الثقافي والنقابي. فالنقابات هي آخر ما تبقى من مؤسسات مدنية يُمكن لها أن تُحدث توازناً في الحياة العامة، بشرط أن تُمنح استقلاليتها ولا تُعامل كأذرع إدارية.
وعليه، فإن الأسئلة التي طرحها تعيين مجلس اتحاد الكتاب العرب، تتجاوز هذه المؤسسة بعينها، لتطال طريقة التفكير في إعادة بناء الحياة العامة، والموقع الذي يفترض أن تشغله الثقافة في تلك المعادلة.
وفي هذا السياق، كشفت أبو محمود عن أن هنالك بعض الاتصالات التي جرت مؤخراً بين رئاسة الفرع والمعنيين في هذا الشأن بالسلطة الجديدة من أجل الوقوف على حيثيات هذا الخلاف والعمل على حله، لكنها رأت أن الموضوع لا يتعلق باتحاد الكتاب العرب بعينه، بل بالآلية التي ينبغي اتباعها في تشكيل جميع منظمات المجتمع على حد سواء.
'فرصة ثمينة' لتعزيز الحوار.. الشرع يشارك في منتدى أنطاليا الدبلوماسي
حالات الحصبة تزداد في أمريكا.. والمرض ينتشر في 25 ولاية
طلبات 'غريبة' لترامب تثير الجدل..من مياه الدش إلى الساعة