اخبار سوريا
موقع كل يوم -تلفزيون سوريا
نشر بتاريخ: ١٧ نيسان ٢٠٢٥
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً مفصلاً يستعرض رؤيتها لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا، وذلك في ضوء التغير السياسي الجذري الذي شهدته البلاد عقب سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.
وأوضح التقرير أن المرحلة الانتقالية الراهنة تشكل منعطفاً تاريخياً يقتضي الانتقال نحو مرحلة جديدة تعالج الإرث الثقيل من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وترسخ مبادئ العدالة والسلام الأهلي. وفي هذا السياق، تُعد العدالة الانتقالية المنهج الأمثل لتحقيق تعافٍ شامل من آثار النزاع، وبناء أسس راسخة لدولة تقوم على سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز المصالحة الوطنية، بما يضمن استقراراً دائماً.
وأشار التقرير إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان عملت على توثيق الانتهاكات بشكل يومي ومنهجي منذ عام 2011 وحتى الآن، وقامت بإنشاء قاعدة بيانات شاملة تحتوي على ملايين الوقائع، وأصدرت أكثر من 1800 تقرير وبيان غطَّت كافة مراحل النزاع. وقد وثَّقت هذه التقارير أبرز الخسائر البشرية والمادية التي خلفت آثاراً عميقة على المجتمع والدولة السورية خلال 14 عاماً، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والإخفاء القسري، والوفيات من جراء التعذيب، واستخدام الأسلحة المُدمِّرة، والتشريد القسري.
وأكد التقرير أن الخطوة الأولى لتحقيق العدالة الانتقالية تتمثل في تشكيل هيئة وطنية متخصصة، تتمتع بالكفاءة والنزاهة والخبرة، وتضم شخصيات مستقلة تمثل مختلف أطياف المجتمع السوري. وشدد التقرير على أهمية الملكية الوطنية والمشاركة المجتمعية، مؤكداً أن العدالة الانتقالية هي الركيزة الأساسية لعملية الانتقال السياسي.
إنشاء هيئة العدالة الانتقالية
الإطار القانوني لتشكيل هيئة وطنية للعدالة الانتقالية:
● يقوم المجلس التشريعي، الذي سيُشكَّل عقب الإعلان الدستوري، بإعداد قانون تأسيسي يُحدِّد مسار العدالة الانتقالية.
● يستند القانون التأسيسي إلى التشريعات الوطنية ذات الصلة ويتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مما يعزز مصداقية الهيئة ويكسبها شرعية وطنية ودولية.
● يتضمن القانون عدة فصول تنظِّم هيكلية الهيئة، واختصاصاتها، وآليات عملها، ومعايير اختيار أعضائها، وأساليب تعاونها مع المؤسسات القضائية والرسمية، وآليات تقديم التقارير، وتحقيق مبادئ الشفافية والمساءلة.
تتوزع الفصول الرئيسة التي يجب أن يشملها القانون على النحو التالي:
الفصل الأول: التعريفات والمبادئ العامة
الفصل الثاني: هيكلية الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية
الفصل الثالث: آليات العدالة الانتقالية
الفصل الرابع: الإطار القانوني والتنظيمي لإصلاح المؤسسات
وأشار التقرير إلى أن فصول القانون التأسيسي قد تخضع للتعديل والتطوير وفق المتغيرات والظروف المستجدة في المشهد السوري.
وأكد التقرير على أهمية استقلالية الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية استقلالاً كاملاً عن السلطة التنفيذية، مع ضرورة عملها في ظل نظام قضائي مستقل ومحايد، وذلك على النحو التالي:
● ينص القانون على استقلال الهيئة عن وزارة العدل، باعتبارها جزءاً من السلطة التنفيذية.
● تعمل الهيئة في إطار النظام القضائي السوري، الذي يُفترض أن يكون مستقلاً تماماً عن السلطة التنفيذية.
● تتولى الهيئة مهام الكشف عن الحقيقة، وتوثيق الانتهاكات، وتعويض الضحايا، وتسهم مع السلطة القضائية في تشكيل محكمة خاصة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم الجسيمة، بحيث تكون هذه المحكمة جزءاً من النظام القضائي الوطني.
● يُعد استقلال القضاء شرطاً أساسياً لتحقيق العدالة الانتقالية، ويجب تضمين ضمانات دستورية واضحة تؤكد استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية.
● تكون المحكمة الدستورية ومجلس القضاء الأعلى على رأس النظام القضائي، الذي يتولى بدوره إنشاء المحكمة الخاصة بقضايا العدالة الانتقالية، وصياغة القانون الجنائي الذي يختص بمحاكمة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
أركان العدالة الانتقالية في سوريا
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: 'لضمان نجاح عملية العدالة الانتقالية في سوريا، من الضروري أن تعمل جميع آليات العدالة الانتقالية، بما في ذلك المساءلة الجنائية، وكشف الحقيقة وتقصي الحقائق، وجبر الضرر والتعويض، والإصلاحات المؤسسية، بصورة متوازية ومتكاملة تحت إدارة موحدة ضمن إطار هيئة العدالة الانتقالية. يتيح هذا النهج الشامل معالجة جميع أوجه الانتهاكات بشكل منسق، مما يعزز فعاليتها واستجابتها لاحتياجات الضحايا والمجتمع السوري ككل'.
وفي ضوء ذلك، حدّد التقرير أربعة أركان أساسية لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا، وهي:
● المحاسبة الجنائية
● كشف الحقيقة والمصالحة
● جبر الضرر والتعويض وتخليد الذكرى
● إصلاح المؤسسات (القضاء، والأمن، والجيش)
أ. المحاسبة الجنائية
على مدار 14 عاماً، قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بالتوثيق اليومي الدقيق لانتهاكات نظام الأسد المخلوع، وأنشأت قاعدة بيانات شاملة تضم ملايين الوقائع الموثقة لمختلف أطراف النزاع. كما حددت الشبكة هوية الأفراد المتورطين في هذه الانتهاكات، وتمكنت من جمع قائمة موسعة تضم أسماء نحو 16,200 متورط، بينهم:
ونظراً للتحديات الكبيرة التي تواجه جهود المساءلة والمحاسبة، أكَّد التقرير على ضرورة التركيز على محاسبة القيادات العليا من الصفين الأول والثاني في الجيش وأجهزة الأمن التابعة للنظام السابق، والذين تورطوا بشكل مباشر في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الفترة الممتدة من آذار/مارس 2011 وحتى كانون الأول/ديسمبر 2024.
الإطار القانوني للمحاسبة الجنائية
شدد التقرير على أهمية وضع إطار قانوني واضح ومحدد للمحاسبة الجنائية، يتضمن:
● تشكيل هيئة العدالة الانتقالية لجاناً قانونية مختصة تضم خبراء محليين ودوليين لوضع هذا الإطار القانوني.
● قيام هذه اللجان بمهمة مراجعة وإصلاح القوانين المحلية الحالية، وخاصة تلك التي وُضعت لحماية النظام وأركانه أو التي تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
● صياغة قوانين وتشريعات جديدة تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتتكامل مع مبادئ وأحكام القانون الدولي.
● التأكيد على ضرورة الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية أو قبول اختصاصها بشكل واضح في الإطار القانوني.
تقصي الحقائق
لضمان فعالية المحاسبة الجنائية، أشار التقرير إلى أهمية الاعتماد على لجان تقصي الحقائق التي تؤدي دوراً محورياً في جمع الأدلة الجنائية والوثائق اللازمة وتقديمها إلى المحاكم المختصة بقضايا العدالة الانتقالية، مع التركيز على استرداد الأدلة والوثائق المخزنة في المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية، مثل:
● الفروع الأمنية ومراكز الاحتجاز والسجون
● دوائر السجل المدني
● المستشفيات العسكرية والمدنية
● المحاكم والدوائر القضائية
● المنشآت والمؤسسات المسؤولة عن سجلات الملكية والعقارات
● مراكز رعاية الأيتام
إنشاء محاكم مختلطة متخصصة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية (محاكم وطنية بدعم من الخبرات الدولية)
أوضح التقرير أن المحاكم المختلطة تمثل خياراً عملياً وفعالاً في الحالة السورية، بالنظر إلى التحديات التي يعاني منها النظام القضائي الوطني، كضعف الموارد وإرث الفساد المترسخ من العهد السابق. وتقدم هذه المحاكم نموذجاً يجمع بين العناصر الوطنية والدولية في تشكيلها وفي أطرها القانونية والتنظيمية، مما يضمن الحفاظ على سيادة الدولة والملكية الوطنية لعملية المحاسبة، مع التزام كامل بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأكد التقرير أيضاً أهمية الاستفادة من الآليات الدولية المتاحة لمحاكمة مجرمي الحرب الذين فرّوا خارج البلاد، بما في ذلك استخدام مبدأ الولاية القضائية العالمية، وتفعيل الاتفاقيات الثنائية والإقليمية لتسليم المطلوبين إلى الجهات القضائية المختصة.
ب. الحقيقة والمصالحة
أكّد التقرير أهمية إنشاء لجان متخصصة لكشف الحقيقة، تتولى مهام توثيق الانتهاكات وتحديد مرتكبيها ودعم جهود العدالة والمساءلة، بهدف ترسيخ أسس المصالحة الوطنية. ويتم ذلك عبر:
● اعتماد منهج يركز على الضحايا عبر توثيق شهاداتهم ورواياتهم، بما يسهم في صياغة ذاكرة وطنية مشتركة حول الانتهاكات.
● جمع شهادات المتورطين بالانتهاكات بهدف فهم البنية التنظيمية لهذه الجرائم، والكشف عن تفاصيل وآليات تنفيذها.
● تحديد مصير المفقودين كخطوة جوهرية في عملية كشف الحقيقة، وإعادة الكرامة للضحايا والتخفيف من معاناة ذويهم.
دور لجان الحقيقة في تحقيق المصالحة
وفقاً للتقرير، تؤدي لجان الحقيقة دوراً محورياً في تحقيق مستوى من العدالة المحلية من خلال معالجة المظالم وتسهيل المصالحة من دون الاعتماد الكامل على النظام القضائي الرسمي. يتم ذلك عبر تشكيل مجالس عُرفية ولجان مصالحة في مختلف المحافظات السورية، تضم وجهاء المجتمع من شخصيات قيادية، ووجهاء عشائريين، ورجال دين، مع الاستفادة من تجارب المجتمع السوري التي طوّرت على مدى السنوات الماضية آليات الصلح العشائري، والتي تشمل حلولاً تقوم على الصفح، أو التسامح بموجب اتفاقيات تراضٍ، أو دفع الدية، أو الاعترافات العلنية كبديل للعقوبات التقليدية.
ت. جبر الضرر والتعويض وتخليد الذكرى
أكد التقرير على أهمية إعداد وتنفيذ برامج شاملة لجبر الضرر والتعويض، تتضمن تقديم الدعم المادي والمعنوي للضحايا، وضمان إعادة إدماجهم بشكل فعّال في المجتمع، وذلك من خلال لجان متخصصة تتولى المهام التالية:
● تحديد الفئات التي يشملها برنامج التعويض.
● تحديد طبيعة الأضرار التي يمكن التعويض عنها، سواء كانت اقتصادية أو جسدية أو نفسية.
● تصميم هيكل متكامل للتعويضات يشمل التعويضات الفردية، والتعويضات الموجهة للمجتمعات المتضررة، والتعويضات المقدمة على شكل خدمات، إضافة إلى جبر الضرر المعنوي.
● وضع آلية واضحة لتوزيع التعويضات مع تحديد إطار زمني مُلزم لإنجاز هذه العملية.
التعويض المادي
أشار التقرير إلى أن التعويض المادي لا يقتصر على المنح المالية المباشرة فقط، بل يمكن أن يشمل أيضاً منح الضحايا خدمات تفضيلية في مجالات الصحة والتعليم وغيرها، وإعادة حقوق الملكية وتمويل مشاريع الإسكان وتأهيل البنية التحتية، ودعم التأهيل الاقتصادي الفردي والجماعي، إضافةً إلى إنشاء برامج لتعويض خسائر الدخل.
جبر الضرر المعنوي وتخليد الذكرى
سلّط التقرير الضوء على أهمية تقديم مختلف أشكال الدعم المعنوي للضحايا، بما في ذلك برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، والدعم القانوني. ومن الممكن تقديم تعويضات رمزية كاعتراف علني بالتضحيات التي قدّمها الضحايا، وتقديم الاعتذارات العلنية من قِبل مرتكبي الجرائم.
وأوضح التقرير أن طرق تخليد ذكرى الضحايا تشمل إقامة النصب التذكارية، وتخصيص أيام وطنية لإحياء الذكرى، وإنشاء المتاحف والمراكز الأرشيفية التي توثّق الانتهاكات، وإطلاق أسماء الضحايا على الأماكن العامة، وإدماج إرث الثورة والانتهاكات في مناهج التعليم الوطنية، إلى جانب الاعتراف الرسمي بالتضحيات التي قدمها الشعب السوري، وتقديم الاعتذارات العلنية من الأطراف المسؤولة.
ث. إصلاح المؤسسات
أكد التقرير أنَّ إصلاح مؤسسات الدولة كافة يُعد ضرورةً ملحَّة نظراً لما شهدته من فساد وتدهور خلال عهد النظام السابق، لكنه شدَّد على منح الأولوية في المرحلة الانتقالية للمؤسسات القضائية والأمنية والعسكرية، كونها الأكثر تورطاً في الانتهاكات الجسيمة التي استهدفت الشعب السوري خلال سنوات النزاع.
اعتبر التقرير أنَّ إصلاح القضاء يمثل أولويةً أساسية في المرحلة الانتقالية، بهدف تعزيز آليات المساءلة، والحد من الإفلات من العقاب، وترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي.
وقد قدّم التقرير خريطة طريق تفصيلية لإصلاح المؤسسة القضائية، من أبرز محاورها:
● إعادة هيكلة مجلس القضاء الأعلى والقوانين الناظمة لاستقلال القضاء.
● إلغاء المحاكم الاستثنائية ودمجها في إطار القضاء العادي.
● تعزيز الشفافية في آليات تعيين وترقية القضاة، وتحسين ظروفهم المعيشية.
كذلك، أبرز التقرير الدور المهم الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني والجهات الدولية في دعم عملية الإصلاح القضائي، من خلال تقديم الدعم الفني والقانوني، وتنفيذ برامج التدريب المتخصصة، وتفعيل دور النقابات المستقلة وجمعيات القضاة، والاستعانة بخبرات قانونية دولية متخصصة.
وضع التقرير إطاراً متكاملاً للإصلاح الأمني في سوريا المستقبل، يرتكز على المحاور التالية:
● إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتحديد مهامها وصلاحياتها بشكل واضح.
● إصلاح العقيدة الأمنية بما يضمن حماية المواطنين واحترام حقوق الإنسان.
● تطوير نظام واضح للتجنيد والتوظيف ضمن الأجهزة الأمنية.
● تعزيز مبادئ الشفافية وآليات المساءلة والرقابة الداخلية.
ولفت التقرير إلى وجود تحديات كبيرة في عملية إصلاح القطاع الأمني، أهمها:
● المقاومة السياسية والطائفية الناتجة عن صعوبة تفكيك الولاءات المتجذرة داخل الأجهزة الأمنية.
● المقاومة الداخلية التي يبديها بعض أفراد الأجهزة الأمنية خوفاً من فقدان نفوذهم أو امتيازاتهم.
● القيود الاقتصادية المرتبطة بصعوبة توفير الموارد المالية اللازمة لتحسين ظروف العاملين في القطاع الأمني من دون التأثير سلباً على القطاعات الحيوية الأخرى، كالتعليم والصحة.
أشار التقرير إلى أنَّ عملية إصلاح المؤسسة العسكرية السورية في مرحلة ما بعد سقوط الأسد وتفكك الجيش السابق، هي عملية طويلة ومعقدة، لكنها تظل ضرورةً حتمية لاستعادة الاستقرار وبناء دولة قوية ومتماسكة، واستعادة الثقة بين المواطنين والقوات المسلحة.
تتطلب هذه العملية إجراءات أساسية تشمل:
● نزع سلاح المجموعات المسلحة كافة.
● تفكيك الهياكل العسكرية الموازية ودمج جميع الفصائل ضمن جيش وطني موحد.
● إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على نحو يضمن عدم تكرار الانتهاكات السابقة.
خطوات إصلاح المؤسسة العسكرية
وفقاً للتقرير، يتطلب إصلاح المؤسسة العسكرية اعتماد خطة شاملة تتضمن المحاور التالية:
● توفير إطار سياسي وقانوني من خلال سن التشريعات الضرورية لعملية الدمج والمساءلة، بما يتوافق مع القانون الدولي.
● إحصاء وتقييم الفصائل المسلحة.
● تسريح العناصر غير المؤهلة وإعادة إدماجهم في الحياة المدنية.
● إعادة توزيع القوى البشرية بشكل متوازن.
● توفير برامج التدريب وإعادة التأهيل.
● إنشاء هيكل تنظيمي جديد يعكس التنوع المجتمعي ويعزز الهوية الوطنية.
● توفير التسليح والتجهيز اللازم للجيش وفق معايير واضحة.
● إنشاء هيئة مدنية مستقلة للإشراف والمحاسبة ومراقبة عملية الإصلاح وضمان الشفافية، إضافة إلى تشكيل محاكم عسكرية متخصصة لمحاسبة الأفراد المتورطين في الانتهاكات.
خاتمة: نحو مستقبل سوري قائم على العدالة والكرامة
خلص التقرير إلى أنَّ هذه الرؤية التي تقدّمها الشبكة السورية لحقوق الإنسان تمثّل خريطة طريق نحو بناء سوريا الجديدة، وأنَّ الالتزام بمسار العدالة الانتقالية يُعد ضرورة وطنية لضمان عدم تكرار مأساة الماضي، وتحقيق الاستقرار الدائم الذي يطمح إليه السوريون بعد عقود من الاستبداد والنزاع المدمر.
وشدَّد التقرير على أن نجاح هذه الرؤية يتطلب التزاماً جماعياً من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الضحايا والناجون، مؤسسات الدولة، منظمات المجتمع المدني، والمجتمع الدولي. فليس بمقدور أي طرف بمفرده أن يحقق العدالة الانتقالية، كما أنه لا يمكن لأي ركن من أركانها الأربعة (المحاسبة الجنائية، كشف الحقيقة، التعويض وجبر الضرر، وإصلاح المؤسسات) أن يحقق الفعالية المنشودة بمعزل عن بقية الأركان.
وأكد التقرير أخيراً على أن العدالة الانتقالية ليست نهاية الطريق، بل هي بداية مسار طويل نحو التعافي الوطني الشامل وإعادة بناء سوريا التي يستحقها كل السوريين؛ سوريا الحرية والكرامة، دولة القانون والعدالة.