اخبار سوريا
موقع كل يوم -بي بي سي عربي
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
حظيتْ الأحداث في سوريا باهتمام كُتاب الرأي حول العالم، وفي جولة الصحافة اليوم نستعرض عدداً من تلك الآراء.
ونستهل جولتنا من مجلة نيوستيتسمان البريطانية، والتي نشرت مقالاً بعنوان: 'حسابات إسرائيل في سوريا' للباحثَين راجان مينون ودانيال ديبيتريس.
قال الباحثان إن إسرائيل ربّما تبرّر اختراقها الأخير لسوريا بأنه 'عملية إنسانية'؛ ففي إسرائيل يعيش حوالي 150 ألف دُرزي، متمركزين في الشمال. ويمثّل الدروز نحو 1.6 في المئة من إجمالي تعداد إسرائيل، كما أنهم يُعتبرون مواطنين مخلصين يخضع شبابهم للتجنيد العسكري.
لكن الهدف الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل واضح، وفقاً للباحثَين، وهو يتمثل في استغلال ضَعف النظام السوري الجديد لفَرض منطقة أمنية منزوعة السلاح في الجنوب السوري لا وجود فيها لقوات مسلحة سورية، بما يطلق يدَ إسرائيل.
'ثم وقعتْ صدامات السويداء، ليمضي نتنياهو قُدماً في تنفيذ هذه الاستراتيجية'، بحسب الباحثين، لا سيما وأنه يقدّم نفسه بوصفه 'حامي الدروز'.
الأكثر قراءة نهاية
ووفقاً للباحثَين، يمكن تعقُّب هذه الاستراتيجية الإسرائيلية المتشددة منذ سقوط نظام الأسد، حين سارعتْ إسرائيل بضرب مئات الأهداف العسكرية السورية بينما السوريون يتخبّطون، وسرعان ما عبر الجيش الإسرائيلي الخط الحدودي مع سوريا الذي حدّدته الأمم المتحدة في عام 1974، متوغلاً في الأراضي السورية.
وتؤمن إسرائيل، بحسب الباحثَين، بأنّ الأوضاع الإقليمية الراهنة مواتية لتنفيذ استراتيجيتها في سوريا؛ في ظل تراجُع النفوذ الإيراني، وسقوط النظام المحالف لإيران في دمشق، واستغراق النظام السوري الجديد في دوامة من التحديات العسكرية والاقتصادية والطائفية.
وعليه، فإن التدخل الإسرائيلي الأخير في سوريا، لم يكن بدافع إنسانيّ فقط، وإنما جاء في إطار استراتيجية قائمة على أساس الواقع السياسي بهدف السيطرة على جارتها الشمالية – سوريا، وفقاً للباحثَين.
ورأى الباحثان أن إسرائيل يمكن أن تساعد في إبرام اتفاق بين الدروز والحكومة المركزية السورية، يكون قائماً على أساس الحُكم الذاتي، أمّا بخلاف ذلك، فقد تترك إسرائيل للسوريين حَلّ مشاكلهم بأنفسهم.
وخلُص الباحثان إلى أن هذا الضَعف السوري قد يؤكّد عُلوّ اليد الإسرائيلية في الوقت الراهن، لكنه يُجذّر لعدوانٍ ولتهديد أمني مستقبليّ من الجارة الشمالية.
'بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، من الصعب أن نرى إلا أنّ إسرائيل تمضي قُدماً في تنفيذ استراتيجيها الراهنة – وهي استراتيجية لا مكان فيها للدبلوماسية'، وفقاً للباحثَين.
'قصة السويداء هي قصّتنا نحن أيضاً في إسرائيل'
تابعوا التغطية الشاملة من بي بي سي نيوز عربي
اضغط هنا
يستحق الانتباه نهاية
وإلى صحيفة معاريف الإسرائيلية، التي نشرت مقالاً بعنوان 'مذبحة السويداء هي السابع من أكتوبر/تشرين الأول بالنسبة للدروز، وإسرائيل لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي'، بقلم الجنرال الإسرائيلي منير ضاهر.
ورأى ضاهر أن اللحظة الراهنة هي 'لحظة للصِدق' بالنسبة لدولة إسرائيل؛ فالدروز في إسرائيل يحاربون 'كتفاً لكتف' مع الجنود الإسرائيليين، ويدفعون ثمناً غالياً من دمائهم.
لكن هذا التحالف ليس أحاديّ الجانب؛ فعندما يصرخ الدروز في سوريا، لا يمكن لإسرائيل أن تخفض رأسها وتقول: 'إن هذا الأمر لا يخصّني' – إنّ إسرائيل عليها واجب أخلاقي بأن تتحرك، وفقاً لصاحب المقال.
'وتتحمّل إسرائيل مسؤولية استراتيجية بوقف المدّ الجهادي على حدودها الشمالية الشرقية، كما أنها ترتبط بروابط الدم والمصير مع الدروز الذين يُعتبرون حليفاً تاريخياً'، على حدّ تعبير الكاتب.
وفي ضوء ما تقدّم، تساءل الجنرال الإسرائيلي عمّا يتعيّن فِعله الآن؟
ورأى ضاهر أنه يتعين على الخارجية الإسرائيلية القيام بعمل دبلوماسي فوريّ لمنْع وقوع مذبحة في جبل الدروز جنوبي سوريا، وتسخير كافة الوسائل الدبلوماسية للضغط على روسيا والأردن والولايات المتحدة في هذا الاتجاه.
وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، رأى صاحب المقال أنه، يتعين تدشين إطار عمل دُرزي-إسرائيلي-دوليّ لنقل المساعدات للدروز.
أيضاً، رأى الكاتب أنه يجب على المجتمع الإسرائيلي أنْ يعرف أنّ قصة السويداء هي أيضاً قصتنا نحن الإسرائيليين. 'هذا ليس صراعاً يخوضه آخرون، وإنما هو صراع يخوضه حلفاؤنا، ورُفَقاء سلاحنا، ورِفاق دَربِنا'، على حدّ تعبيره.
وخلص الكاتب إلى القول إنه 'يجب على الجيش الإسرائيلي تدمير كل القوات التي تقترب من منطقة السويداء'؛ فنحن لم نقف صامتين في وجه معاداة السامية في أوروبا، ولم نكتفِ بموقف المتفرّج إزاء مذبحة اليزيديين – فلماذا ينبغي علينا الصمت عندما يقاتل إخواننا الدروز دفاعاً عن وجودهم؟
واختتم الجنرال الإسرائيلي بالقول: 'إذا كانت إسرائيل تمتلك قلباً، فهذا هو الوقت لكي تُظهر ذلك. إن عليها دَيناً حان وقتُ الوفاء به'.
'إرث ترامب السياسي في سوريا'
نختتم جولتنا من مجلة الفورين بوليسي الأمريكية، والتي نشرت مقالاً بعنوان: 'في سوريا، يقف ترامب في مواجهة ترامب'، بقلم الباحث آرون لوند.
ورأى الكاتب أن الرئيس الأمريكي ترامب يبدو تارةً وقد تبنّى موقفاً براغماتياً إزاء سوريا؛ محاولاً إبعادها عن حافة الهاوية عبر تقديم الدعم لقائدها الجديد، وعبر رفْع العقوبات عنها في خطوة غير مسبوقة.
وتارةً أخرى، وفقاً للكاتب، يبدو ترامب وهو يتّخذ قرارات تضرِب في صميم القاعدة الاجتماعية والاقتصادية التي يقوم عليها الاستقرار في سوريا. ومن هذه القرارات: تدمير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، المسؤولة عن إدارة المساعدات الخارجية المقدّمَة للمدنيين.
ورأى الباحث آرون لوند أن خطوة تدمير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تتردّد أصداؤها الآن بقوة على صعيد القطاع الإنساني في سوريا.
ولفت الباحث إلى تقديرات الأمم المتحدة بأن 'نحو ثُلثَي السوريين في حاجة إلى مساعدات خارجية في 2025'.
واعتبر لوند أن الولايات المتحدة، في ظل ترامب حتى الآن على الأقل، اكتشفتْ مُجدداً مذهب البراغماتية وتحاول إنقاذ بلد عربيّ كبير من السقوط في دوّامة 'الدولة الفاشلة' – في خطوة كفيلة بجَعل المنطقة أفضل مما هي عليه الآن.
ولكي تنجح هذه الخطوة، بحسب الباحث، يتعيّن على ترامب تغليب كفّة الاستقرار في سوريا على أي عقبات قد تقف في طريق ذلك، ويمكن أن تنجُم عن سياسات أخرى يتخذها ترامب نفسُه.
واختتم الباحث بالقول إن 'إرث ترامب السياسي في سوريا لا يزال مرتَهناً بما سيُقْدم عليه لاحقاً: وعمّا إذا كان سيُعطي السوريين فرصة حقيقية للانتقال إلى ما بعد نظام الأسد، أم أنه سيُخرّب هذا الانتقال'.