اخبار سوريا
موقع كل يوم -قناة حلب اليوم
نشر بتاريخ: ٢٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
في خطوة غير مسبوقة، أعلنت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في سوريا عن بدء عملية تدقيق ومراجعة شاملة لملفاتها المالية والإدارية، في إطار حملة واسعة لمكافحة الفساد وإصلاح البنية المؤسسية.
هذه الخطوة، التي وصفت بأنها مرحلة تصحيح تاريخية، تأتي بعد سنوات من تراكم التجاوزات التي أثرت بشكل مباشر على موارد المؤسسة وحقوق المؤمَّن عليهم.
حجم الفساد أكبر مما كان متوقعاً
مدير عام المؤسسة، حسن خطيب، كشف في تصريح لوكالة 'سانا' أن نتائج التدقيق الأولية أظهرت حالات فساد وتلاعب مالي وإداري ضخمة، كان لها أثر مباشر في إضعاف موارد المؤسسة وتعطيل تطوير خدماتها.
ومن أبرز ما تم اكتشافه، وفقاً لخطيب، صرف معاشات مكررة، وأخطاء كبيرة في احتساب التراكمات المالية، وتمديد حسابات مالية حتى عام 2300 ميلادي، وهي مؤشرات اعتبرها دليلاً على حجم التلاعب داخل المنظومة المالية القديمة.
وكشف التدقيق أيضاً عن صرف معاشات لأشخاص متوفين، وتحريك حسابات استناداً إلى وكالات غائب تمثل عن متوفين، إضافة إلى التهرب من تنفيذ الإنذارات والحجوزات القانونية، ووجود شبكات علاقات فاسدة كانت تعيق عمل اللجان الرقابية والمفتشين، وتمنع الوصول إلى حقائق مهمة داخل المؤسسة.
وأشار خطيب إلى أن بعض المفتشين خلال الفترات السابقة، وخصوصاً في ظل النظام البائد، امتنعوا عن دخول منشآت محددة أو تغاضوا عن مخالفاتها نتيجة ضغوط أو مصالح شخصية، وهو ما تسبب بحرمان العديد من العمال من حقوقهم التأمينية، وتسجيل بيانات غير دقيقة عن فترات عملهم.
لجان تحقيق وتنسيق قضائي لمحاسبة المتورطين
في المقابل، أوضح مدير المؤسسة أن العمل جارٍ حالياً على معالجة هذه الملفات بجدية وشفافية، عبر لجان تدقيق متخصصة بالتنسيق مع الجهات الرقابية والقضائية.
وشدد على أن جميع المتورطين ستتم مساءلتهم وفق القوانين النافذة، وأن الحقوق العامة لن تسقط بالتقادم، في إشارة إلى نية الحكومة استعادة كل الأموال المهدورة ومحاسبة جميع المتورطين، مهما كانت مناصبهم.
وفي إشارة لوضع خطة إصلاح إلكترونية لبناء الثقة ومكافحة التلاعب؛ أطلقت المؤسسة خطة إصلاح شاملة تهدف إلى 'إعادة بناء الثقة مع المواطنين وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة'، في إطار الإصلاح المؤسسي.
وتتضمن الخطة تحديث الأنظمة الإلكترونية وربط الفروع بقاعدة بيانات مركزية، واعتماد آليات رقابة رقمية متقدمة، ما يسمح بتتبع فوري لكل عملية مالية أو إدارية، ويقلل من احتمالات التلاعب والتزوير.
كما دعت المؤسسة المواطنين إلى الإبلاغ عن أي حالة فساد أو ابتزاز عبر الرقم المخصص للشكاوى (0949747891)، مؤكدة أن البلاغات ستُعامل بسرية تامة، وأن أي مظهر من مظاهر الفساد أو الاستغلال لن يُتسامح معه إطلاقاً.
يأتي ذلك وسط تحول في النهج الحكومي نحو المساءلة والشفافية، خاصة في القطاعات المالية التي ترتبط مباشرة بحقوق المواطنين، ويبدو أن حجم الفساد المكتشف يعكس عمق التدهور الإداري الذي خلفته السنوات الماضية، في حين تمثل عملية المراجعة الجارية اختباراً حقيقياً لمدى جدية الدولة في مواجهة الفساد المؤسساتي.




































































