اخبار سوريا
موقع كل يوم -تلفزيون سوريا
نشر بتاريخ: ٧ نيسان ٢٠٢٥
نُقل مواطن سوري يُدعى جمال البس إلى مشفى 'المجتهد' في دمشق، بعد تدهور حالته الصحية داخل محرس أمني مهجور ظلّ يعيش فيه منذ خروجه من سجن صيدنايا قبل أربعة أشهر، دون أن يعلم أن نظام بشار الأسد قد سقط.
واختفى جمال، وهو من أبناء الحجر الأسود جنوبي دمشق، منذ أواخر عام 2018، عقب حملة التهجير القسري التي طالت سكان جنوب العاصمة باتجاه الشمال السوري، رغم ما رُوّج حينها من ضمانات روسية بعدم التعرض للمدنيين، غير أن تلك الضمانات سقطت سريعاً، حين اعتقلته أجهزة الأمن التابعة للنظام المخلوع وأودعته سجن صيدنايا.
ولم تُعرف أي تفاصيل عن مصير جمال خلال السنوات الست التي قضاها في السجن، حتى مساء سقوط النظام، حيث تم الإفراج عنه دون إعلان رسمي، ليختفي مجدداً داخل محرس مهجور قرب حي التضامن. هناك، عاش كالأشباح، لا يراه أحد، ولا يُعرف ما إذا كان حيّاً أو ميتاً، بحسب جريدة 'زمان الوصل'.
وكشفت أزمته الصحية الأخيرة جانباً من قصته المنسية، حين اضطر الأهالي لنقله إلى المستشفى بعد العثور عليه في حالة سيئة. وتعرف عليه بعض سكان المنطقة، الذين أعربوا عن صدمتهم من حالته النفسية والجسدية، جراء ما تعرض له من تعذيب وسوء معاملة داخل المعتقل.
وبحسب ما تبيّن من حالته الذهنية، فقد عاش جمال طوال الأشهر الماضية في عزلة تامة، دون أي إدراك لما يحدث حوله، بما في ذلك سقوط النظام، في مشهد يعكس عمق الأثر النفسي الذي تركه الاعتقال في أحد أكثر السجون قسوة في البلاد.
مأساة المعتقلين في سوريا
منذ الأيام الأولى لانهيار نظام الأسد في الثامن من كانون الأول الماضي، تعالت الأصوات المطالِبة بكشف مصير عشرات آلاف المعتقلين الذين ظلوا محتجزين في سجون النظام دون محاكمات عادلة، ودون تهم واضحة. ورغم فتح السجون والإفراج عن من تبقى فيها، إلا أن المعطيات تشير إلى أن أعداداً ضخمة من المعتقلين لم يخرجوا، ما يرجّح أنهم لقوا حتفهم تحت التعذيب، أو جرت تصفيتهم ودفنهم في مقابر جماعية سرية.
المعلومات التي قدّمها ناجون من تلك السجون خلال الأشهر الماضية ترسم صورة قاتمة لما كان يجري داخلها. فقد تحدّثوا عن أساليب تعذيب ممنهجة، شملت الضرب الشديد، والتعليق من الأذرع لفترات طويلة، والصعق بالكهرباء، والحرمان من الطعام والرعاية الطبية. كما أن بعض الشهادات أوردت تفاصيل عن عمليات قتل جرت مباشرة داخل الزنازين، أو في ما يُعرف بـ'غرف الموت'، حيث كان يُنقل المعتقلون بعد أن يُنهكهم التعذيب، ولا يعودون بعدها أبداً.
ووثّقت منظمات حقوق الإنسان الدولية، على مدى السنوات الماضية، ممارسات النظام المخلوع في أكثر من عشرين مركز اعتقال، أبرزها صيدنايا وفرع فلسطين والفرع 215، واعتبرتها جرائم ضد الإنسانية. ومع استمرار غياب آلاف المعتقلين حتى بعد سقوط النظام المخلوع، تتعزز فرضيات وجود مقابر جماعية دُفنت فيها جثامين الضحايا، بعيداً عن أعين الأهالي والمجتمع الدولي.
وفي ظل هذا المشهد، تتصاعد دعوات محلية ودولية لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، تتولى فتح السجون والمواقع المحتمل وجود مقابر جماعية فيها، والعمل على تحديد هويات الضحايا، ومحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم. لكن هذه الخطوات لا تزال تصطدم بتحديات سياسية وأمنية، ما يجعل العدالة مؤجّلة، ومعاناة عائلات المعتقلين مستمرة.