اخبار سوريا
موقع كل يوم -سناك سوري
نشر بتاريخ: ١ أيار ٢٠٢٥
رغم كل محاولات الحرب في زرع الكراهية بين السوريين، كانت هناك أيدٍ ممدودة دائماً، وبطولة يومية بعيداً عن الأضواء، وخلال حصار الغوطة كانت مدينة 'جرمانا' تشكل شريان حياة لعدد كبير من أهالي الغوطة المحاصرين، ورئتها الإغاثية والطبية والإسعافية على حد تعبير الناشطة النسوية 'لينا حليمة محمد'.
'لينا' وهي واحدة من أبرز معارضات النظام السابق، كما أنها شقيقة رئيس تحرير جريدة قاسيون السابق 'جهاد محمد' أحد المختفين قسراً في المعتقلات، كتبت منشوراً تتذكر فيه كيف ساهم أهالي من جرمانا بمساعدة أشقائهم في الغوطة في ذروة الحصار، وذكرت بعض الأشخاص الذين دفعوا ثمن مساعدتهم سنوات في المعتقل.
كحال 'وضاح عزام' أحد أبناء جرمانا، الذي قضى أربع سنوات من عمره خلف قضبان سجون النظام، فقط لأنه فتح بيته لاستقبال جرحى من 'الجيش الحر' كانوا بحاجة للعلاج، أما 'رهام جرماني'، فقد تحوّل منزلها لسنوات إلى مستودع للأدوية والمستلزمات الطبية، تمرّ من خلاله إلى داخل الغوطة المحاصَرة، حتى اقتحمت قوات الأمن بيتها وبيت شقيقتها ذات صباح.
لم تكن رهام ووضاح وحدهما، الكثير من أبناء جرمانا، من نشطاء ومتطوعين، وضعوا خبراتهم وصلاتهم لخدمة المحاصرين، ومساعدة النازحين الذين خرجوا من تحت القصف إلى المدينة المجاورة بحثاً عن الأمان، من بينهم جلال نوفل، عامر الطرودي، خلود سابا، ومتطوعو الهلال الأحمر في جرمانا، الذين شكلوا معاً شبكة دعم إنساني خفية، وصامدة.
في الوقت الذي كانت فيه الماكينات الإعلامية تغذي خطاب الكراهية والانقسام، كان هؤلاء يصنعون، بجهدهم الصامت، صورة أخرى لسوريا، صورة نحتاج اليوم أن نعيد روايتها.
اليوم، ونحن نبحث عن روايات تعيد بناء النسيج الاجتماعي المنهار، علينا أن نُعيد تسليط الضوء على هذه الحكايات، على الجرأة التي دفعت أشخاصاً عاديين ليكونوا أبطالاً في لحظة، على التضامن الذي تخطى كل حدود الهويات المصنّعة.
السلم الأهلي لا يُبنى بالقرارات من فوق، بل يبدأ من الناس، من بيت ريهام، ومن قلب وضاح، ومن كل يد امتدت لتربت على وجع الآخر.