اخبار سوريا
موقع كل يوم -تلفزيون سوريا
نشر بتاريخ: ٨ أذار ٢٠٢٥
تصاعدت التحذيرات من زيادة حدة الانتهاكات بحق المدنيين في سوريا، وسط عمليات تصفية ميدانية واختفاء قسري في مناطق الساحل، ما قد يفاقم التوترات ويهدد بإشعال موجات انتقامية جديدة. ووثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 125 مدنيا في عدة مناطق، بينما تتحدث مصادر عن استهداف عشوائي لمدنيين على خلفيات مناطقية وطائفية.
وفي ظل غياب المحاسبة، تتزايد الدعوات لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة تكشف المسؤولين عن هذه الجرائم، لضمان المساءلة ومنع تفاقم دوامة العنف، ومنع انزلاق البلاد في موجة من الاحتقان الطائفي.
من يرتكب الانتهاكات؟
الصحفية السورية هنادي زحلوط خسرت ثلاثة من أخوتها في الأحداث الأخيرة، وتقول لموقع تلفزيون سوريا، إن ثلاثة من إخوتها 'استشهدوا' على يد فصيل عسكري سوري معارض في بلدة الصنوبر بريف جبلة أمس الجمعة، مشيرة إلى أن الفصيل العسكري اختطف أيضا ثلاثة من أبناء أختها من دون معرفة وجهتهم، حيث أصبحوا مختفين قسريا، وأضافت أنها تواصلت مع إدارة الأمن العام الذين جمعوا المعلومات وعلموا اسم الفصيل المسؤول عن عملية التصفية، مشددة تحفظها على ذكر اسمه.
وأكدت أن أخوتها معلمون ولم يحملوا السلاح إطلاقا، وأضافت أنها لا تُحمّل طائفة بعينها مسؤولية الجريمة، لأن ذلك ما يسعى إليه النظام المخلوع وأذرعه، مؤكدة على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم ضد المدنيين في المنطقة لإنهاء حالة الاحتقان.
وقالت الصحفية السورية إنهم وثقوا عشرات الأسماء لضحايا معظمهم مدنيون تمت تصفيتهم ميدانيا في الحي نفسه، وأكدت على أن العدالة الانتقالية تبدأ من خلال 'محاسبة الضباط الكبار ومنع خلق مظلومية جديدة في سوريا وعبر الحديث عن الحقيقة وكشفها'.
ووجهت زحلوط نداء لعدم استخدام الخطاب التحريضي والطائفي في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والتأكيد على الهوية السورية الجامعة لبناء البلد من سنوات من الحرب.
وتشير مصادر متقاطعة إلى وقوع قتلى في بانياس وجبلة، هم معارضون ومعظمهم أكاديميون وأطباء ومثقفون، لافتة إلى أنه 'لا يمكن الجزم بوجود استهداف ممنهج لهذه الشريحة'.
انتهاكات يقابلها تضامن مجتمعي
وفي جبلة أكدت مصادر محلية حدوث عمليات اقتحام للمنازل وسرقتها وتصفية أهلها في قرية بسيسين من عائلة زريقة، وقالت المصادر إن أهالي المنطقة من العائلات 'السنية' ساعدت العائلات 'العلوية' وحمتها، ولفتت إلى وجود جثث مرمية في الشوارع.
وتحدثت مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا عن وقوع انتهاكات اليوم في مدينة بانياس الساحلية، وأشارت مصادر عدة إلى وجود جماعات مسلحة غير معروفة، لا تنمي إلى الأمن العام أو إلى الجيش السوري.
وأضافت أن الشيخ المعروف أنس عيروط يحاول تهدئة الأوضاع وحماية المدنيين في بانياس، وتؤكد المصادر أن الأهالي 'علويون وسنة' لا اقتتال طائفي بينهم وهم متعايشون، ومن يقوم بارتكاب عمليات القتل جهات غير معروفة.
وأضافت المصادر أنه مع دخول قوات الأمن العام وعلى رأسها ساجد الله الديك مدير الأمن العام في جبلة بدأت الأمور تهدأ تدريجيا، بعد عمليات قتل وسرقة عمت المنطقة.
وقال مصدر في وزارة الدفاع السورية لوسائل إعلام رسمية إنه جرى إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل وذلك لضبط 'المخالفات ومنع التجاوزات' وعودة الاستقرار تدريجيا إلى المنطقة.
وأضاف 'نؤكد أن وزارة الدفاع شكلت سابقا لجنة طارئة لرصد المخالفات، وإحالة من تجاوز تعليمات القيادة خلال العملية العسكرية والأمنية الأخيرة إلى المحكمة العسكرية'.
وقال الرئيس السوري أحمد الشرع، في خطاب بثه التلفزيون في وقت متأخر من أمس الجمعة، إنه في حين يؤيد الحملة الأمنية، فإنه ينبغي على قوات الأمن 'عدم السماح لأحد بالتجاوز والمبالغة برد الفعل... ما يميزنا عن عدونا هو التزامنا بمبادئنا'.
وأضاف 'في اللحظة التي نتنازل فيها عن أخلاقنا نصبح على نفس المستوى معهم'، مضيفا أنه ينبغي عدم إساءة معاملة المدنيين والأسرى.
تشكيل لجنة تحقيق أصبح ضرورة
من جهته قال رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني لموقع تلفزيون سوريا، إنه يرفض تسمية (الفلول)، مشيرا إلى أنها 'عصابات مسلحة هاجمت قوات الأمن العام البارحة واليوم وقتلت حوالي 100 عنصر من الأمن العام، وهو رقم مرعب عبر كمائن وأعتقد أنها هجمات منظمة، وقتلت 15 مدنيا في جبلة وبالتالي تحرك الأمن العام للرد وكان الإعلان عن ملاحقة فلول النظام وأكرر أنني أسميهم العصابات التابعة للنظام، ولكن وقع كم كبير من الانتهاكات خلال العملية بحق المدنيين، المدني إذا حمل سلاحا لمدة دقيقة واحدة يصبح مسلحا، ولكن نحن نتكلم عن تصفية مدنيين لم يحملوا السلاح، وهذا بحاجة لإجراء تحقيق وتشكيل لجنة'.
وأضاف 'إدارة العمليات العسكرية عبر العمليات التي جرت في سوريا فترة التحرير لم تقتل مدنيا واحدا وقد كانت العناصر شديدة الانضباط، لكن الآن نتيجة حل جهاز الأمن والشرطة بشكل كامل تقريبا استجلبت عناصر من فصائل الشمال وأجرت دورات تدريبية لضم عناصر غير مدربة، بالتالي هؤلاء بشكل أساسي من ارتكب الانتهاكات، إضافة لأشخاص حملوا السلاح وتوجهوا لمساعدة الأمن العام بدافع أنه قتل من أهلهم وأصدقائهم على يد نظام الأسد وقواته أو بسب عمليات التحشيد والتأجيج التي حصلت'.
مقتل عشرات المدنيين في حصيلة أولية
ويوضح عبد الغني أنه بالحصيلة الأولية فقد وثقت الشبكة السورية 'مقتل 125 مدني في قرية المختارية والحفة والفندارة بريف حماة الغربي وفي أرزة وفي قمحانة وفي حي القصور بمدينة بانياس'.
وأوضح أن 'الجثث تركت في مكانها مطالبا وزارة الداخلية وإدارة الأمن العام بفتح تحقيقات جدية لمحاسبة من ارتكبوا هذه الجرائم والانتهاكات والاعتذار عنها وإذا لم يتم الأمر سيفتح الباب أمام عمليات انتقامية ويؤسس لدوامة عنف طائفي، لأن هذه العصابات أعدادهم محدودة وغالبية الطائفة العلوية ضدهم وهم لا يتجاوزون 1500 شخص، ولكن إذا لم تتم المحاسبة سيزداد التحشيد والتحريض وسيزداد عددهم وبالتالي قد تدخل البلاد في صراع طائفي لا تحمد عقباه'.
وأضاف أنه بعد خطاب الرئيس السوري، جرى تطور مهم بناء بدأ يطبق على الأرض من قبل وزارة الداخلية التي أعنلت اعتقال عناصر غير منضبطة، ويتابع 'هذا إقرار بالانتهاكات وبوجود عناصر ارتكبت هذه الجرائم ولم ينكروا ذلك'.
التحريض والأخبار المزيفة على وسائل التواصل
ويشير عبد الغني إلى 'الكم الهائل' من إنكار الهجوم وعمليات القتل على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم توثيقها من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ويعلق على ذلك 'هناك تساؤل عن منهجية عملنا طبعا لدينا منهجية نحن نعمل بالتوثيق منذ 14 عاما وهناك معايير نتبعها للتأكد من حصيلة الضحايا وما هو تصنيفهم مدنيون مقاتلون إلخ.. ومنهجيتنا منشورة على الموقع وهذه ليست أول حالة نوثقها، ليقول لنا البعض ربما خدعتم بفيديو.. ليس من السهول أن يتم خداع فريقنا نحن متأكدون من الإحصائيات التي أصدرناها.. هناك معلومات عن استهداف سيارات لمجرد أنها تحمل لوحة إدلب.. ومن قتل بداخلها مدنيون وليسو من الأمن العام وأيضا الأمن العام والفصائل العسكرية التي جاءت من الشمال والمسلحون الأفراد ارتكبوا نتهاكات وسجلنا مقتل 125 مدنيا كحصيلة أولية بينهم 9 نساء و7 أطفال وسننشر التفاصيل في تقرير لاحقا'.
ونشر مستخدمون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا موقع فيس بوك، منشورات تتحدّث عن قتل مدنيين من أفراد عائلات وأصدقائهم ينتمون إلى الطائفة العلوية في المنطقة، وبينهم عائلات معارضة سياسيا للنظام المخلوع، في ظل غياب معلومات رسمية مفصلة من الإدارة السورية الجديدة، وسط انتظار التحقق من المعلومات بشكل مستقل من قبل الشبكات الحقوقية.