اخبار سوريا
موقع كل يوم -الفرات
نشر بتاريخ: ٢ كانون الأول ٢٠٢٥
يمثل نهر الفرات واحداً من أهم الموارد البيئية والحياتية في منطقة الشرق السوري، ليس لكونه شريان ماء فقط، بل لأنه موطن غني لعشرات الأنواع من الأسماك التي شكّلت جزءاً من هوية المكان وثقافته الشعبية، وفي عمق مياهه تدور حياة كاملة لا يعرف أسرارها إلا الصيادون الذين ورثوا المهنة أباً عن جد، حاملين معهم خبرات وطقوساً خاصة تجعل من الصيد رحلة متعة أكثر منها عملاً يومياً.
عالم آخر يسبق لحظة الإمساك بالسمكة
لا تبدأ رحلة الصياد مع طلوع الفجر فقط، بل مع طقوس متوارثة تعطي للصيد نكهته الخاصة:
تهيئة العدة: يتفقد الصياد خيوطه، السنارات، الطعوم، ويتأكد من توازن قاربِه.
التوجه قبل الشروق: حيث يكون النهر أكثر هدوءاً والأسماك في ذروة نشاطها.
الاستماع لأساطير الصيد: فلكل صياد “ضربة عمر” يحكيها لرفاقه بينما ينساب القارب على سطح الماء.
معرفة مزاج النهر: وهو علم لا يُكتب، وإنما يُؤخذ بالممارسة؛ معرفة أماكن الدوامات، المغاور، والجروف التي تختبئ فيها الأسماك الكبيرة.
اللحظة التي يلتقط فيها الخيط: حين يشعر الصياد بالارتجاج الأول، تتوقف الأنفاس. إنها لحظة تجمع بين الخبرة والحدس والصبر.
تنوع فريد تحت سطح الفرات
يمتاز الفرات ببيئة مائية خصبة تسمح بعيش أنواع متباينة في الشكل والسلوك، ولكل نوع منه مكانته في ذاكرة النهر:
الرومي (اللزيق): أكثر الأسماك ذكاءً وندرة، بلحم أحمر قانٍ يقارب لحم الضأن، ولا يقع بالطعم إلا عبر طرق صيد قوية وغير تقليدية.
الكارب الفراتي الذهبي: من أطيب الأسماك مذاقاً، وقد يصل وزنه إلى 20 كيلوغراماً.
البياض (المطواك): سمكة سريعة وشرهة، لحمها أبيض ونظيف، لا تُربّى في المسامك لكثرة افتراسها.
السلور الفراتي (الجري): عملاق المياه العميقة، قد يتجاوز طوله مترين ويصل وزنه إلى 150 كيلو، معتمداً على زوائده الحسية في ملاحقة فريسته.
البني: أشهر أسماك الفرات وأكثرها ارتباطاً بمائدة الأهالي، وقد يصل في حالات نادرة إلى أوزان هائلة تقترب من 200 كيلوغرام.
ورغم التراجع الناتج عن الصيد الجائر وتقلّبات البيئة، لا تزال بعض هذه الأنواع الضخمة مختبئة في المغاور العميقة، محافظة على حضورها المهيب في ذاكرة النهر.
الفرات




































































