اخبار سوريا
موقع كل يوم -عكس السير
نشر بتاريخ: ٥ أب ٢٠٢٥
في إسرائيل عام 2025، يجلس الآباء والأمهات، الإخوة والأخوات، الأجداد والجدات، يشاهدون أبناءهم يحتضرون على الهواء مباشرة. مشاهد موت لمواطنين من دولة مستقلة، قوية، تفوق جيرانها عسكريًا، لكنها اختارت التمسّك بكذبة “الانتصار الكامل” على حساب حياة مواطنيها. هؤلاء الناس تُركوا لمصيرهم بقرار من حكومتهم، حكومة تخلي وإهمال إجرامي. وإذا كان لا بد من محاسبة أحد، فليكن من تخلّى… أي الدولة نفسها، لا من تم التخلي عنهم.
الأصوات بحّت، والعيون أرهقتها السهرات، والأعصاب تلفت، والعالم ينهار على هذه العائلات التي تشاهد فلذات أكبادها تموت على الشاشات، ونحن معهم، عاجزون مذهولون لا نصدق ما يحدث… لكنه يحدث.
وفيما ذلك يحدث، تنشغل حكومة الفشل القائمة في إسرائيل بتشديد الحراسة على عائلة رئيس الوزراء، وإقالة المستشارة القضائية للحكومة، وإقصاء رئيس لجنة الأمن والخارجية في الكنيست بطريقة بلطجية، فقط لتأمين مصالح المتدينين المتخلفين عن الخدمة العسكرية.
رجل يُدعى أوفير برسلافسكي، والد أحد الأسرى رُوم، جلس على شاشة القناة 12 مساء الأحد، يشاهد آخر لحظات ابنه يبكي متوسلاً من داخل النفق، أمام حكومة متحجرة القلب. قال بصوت خافت: “قولوا لي، ماذا أصابكم؟” لم يجب أحد. لم يصرخ، لم يتفلسف، لم يستخدم كلمات كبيرة، فقط تحدّث كأب يشاهد ابنه يحتضر. لا في أوروبا النازية، بل هنا، في الدولة اليهودية التي قامت كي لا يحدث هذا من جديد. أبداً.
هذه المأساة لها ثلاثة أبطال هم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وهما المتطرفان اللذان جرّا حكومة كاملة وراء أوهامهما، ومنعاها من اتخاذ قرار حاسم في الوقت المناسب، وبنيامين نتنياهو، وهو من منحهم القوة والسلطة، ولن تُطبع على جبينه فقط مأساة 7 أكتوبر، بل كل الفظائع التي تلتها.
عندما يحين وقت جني المكاسب، نتنياهو يكون أول الواقفين في الصف. لكن حين تقع الكارثة؟ يبحث عن شماعة: نصرالله، حماس، اليسار، العائلات، الاحتجاجات، المستشارة القضائية، المحكمة العليا… أي أحد إلا هو.
أنا لست بحاجة لمن يشرح لي من هي حماس. لقد دعوت لضرب غزة بقوة قبل أن يعود نتنياهو إلى منصبه. حاربنا حماس، وسنحاربها مستقبلًا. لكن حياة الأسرى لا يمكن إنقاذها مستقبلًا… إنهم يموتون الآن، أمام أعيننا، ولا أحد يُنقذهم.
في الأشهر الـ20 الماضية، تلقت حماس الضربات الأقسى في تاريخها: تفككت بنيتها التحتية، اغتيل قادتها، وتم تفكيك هياكلها العسكرية، وبقيت فقط شظايا من التنظيم.
لكن لا يوجد جيش في العالم استطاع القضاء على تنظيم حرب عصابات يحتمي بسكان يؤيدونه. اسألوا الروس في أفغانستان، الأميركيين في العراق وفيتنام، الفرنسيين، البريطانيين… التجربة واحدة.
الحرب على الإرهاب تتطلب عقلًا، نفسًا طويلًا، وتجفيف الموارد والتمويل وقطع الرأس… هذا يمكن فعله لاحقًا، أما حياة الأسرى فلا يمكن استعادتها بعد فوات الأوان.
الحكومة الحالية ليست فقط حكومة فاشلة، بل حكومة لا يهودية، لا أخلاقية، لا إنسانية. عقوبة قاسية فُرضت علينا… عقوبة لا تتناسب مع أي منطق.
* صحيفة معاريف الإسرائيلية