اخبار سوريا
موقع كل يوم -الوكالة العربية السورية للأنباء
نشر بتاريخ: ٥ تموز ٢٠٢٥
دمشق-سانا
جاءت مسيرة تصميم العقاب الذهبي كشعار جديد لسوريا تتويجاً لعمل جماعي شارك فيه مختصون سوريون من أكثر من ثلاثين دولة حول العالم، وتميّز بدلالات سياسية واجتماعية ووطنية عميقة عكست صفات الشعب السوري، وعبّر عن وحدة البلاد وسيادتها، كما اتبع المصممون السوريون نهجاً بصرياً عصرياً ومستلهَماً من الحضارات السورية القديمة، ليتحرر العقاب من عبث النظام البائد، ولتعود السلطة إلى دورها بحماية الشعب وخدمته.
– رمزية العقاب الذهبي
وأوضح مدير فريق تطوير الهوية البصرية لسوريا وسيم قدورة في لقاء خاص مع سانا أن اختيار العقاب الذهبي كشعار لسوريا يرمز في إحدى دلالاته إلى الشعب السوري، واختياره كان رمزياً بامتياز؛ فالعقاب طائر نبيل، وشجاع للغاية، لا يطير ضمن أسراب، بل بشكل منفرد، وهو رمز للاستقلالية والكرامة، ويتمتع بنظرة ثاقبة، إضافة إلى أنه طائر قوي يتحمّل الصعاب ويتميّز بالعزّة والكبرياء، وهي الصفات التي يتميّز بها الشعب السوري.
وأشار إلى أن الدراسات التاريخية والأبحاث التي أُجريت أكّدت أن العقاب موجود في العديد من الحضارات القديمة في سوريا، بينما كان اختيار اللون الذهبي دلالة على السمو والرفعة.
وحول اتجاه رأس العقاب، بيّن قدورة أن الدراسات كشفت أنه في ظل النظام البائد، وتحديداً خلال فترة حكم حافظ الأسد، تم توجيه الشعار القديم نحو اليسار، للدلالة على قدوم الخطر من تلك الجهة بعد الخلاف الذي وقع بين حزب البعث في سوريا ونظيره في العراق، بينما العرب عادةً ما يربطون المستقبل والتطور بالاتجاه نحو اليمين، ولذلك كان القرار أن يكون اتجاه رأس العقاب نحو اليمين، في دلالة على التطلّع إلى المستقبل.
– دلالات ورموز شعار العقاب
أما عن دلالات شعار العقاب فبيّن قدورة أنه يحمل دلالات سياسية واجتماعية عميقة؛ فهو يحتوي على 14 ريشة، ترمز إلى المحافظات السورية، ففي حال خسر الطائر بعض الريش من أحد جناحيه فلن يكون قادراً على الطيران أو التوازن، وهذا يعكس مبدأ السيادة والوحدة.
أما الريشات الخمس في الذيل فتشير إلى المناطق السورية (الشمالية، والشرقية، والغربية، والجنوبية، والوسطى)، في حين ترمز النجوم إلى العلم السوري، وهو علم الثورة، وإلى الشعب السوري.
وأوضح أن النجوم كانت سابقاً تتموضع دائماً في صدر الشعار القديم، ما كان يشير إلى أن السلطة تقيّد الشعب، أما في الشعار الجديد فتم إطلاقها ووضعها فوق السلطة، للإشارة إلى أن الشعب فوق السلطة، وأن السلطة تحميه وتخدمه.
– التشابه مع شعارات أخرى والدلالة التاريخية
وحول الجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل، بيّن قدورة أن العقاب كان أحد الرموز التي وُجدت في سوريا منذ آلاف السنين، مروراً بالفتح الإسلامي لدمشق على يد الصحابي الجليل خالد بن الوليد، حيث تمت مراعاة المحافظة على الرمزية التاريخية للعقاب، لكن تم تقديمه بأسلوب عصري وحديث، وبطريقة تعتمد البساطة في التصميم، بحيث يواكب الشعار المعايير العالمية الحديثة.
وحول ادّعاء التشابه مع شعارات أخرى، أكّد قدورة أن الشعار الجديد يتبع مدرسة التبسيط والتجريد المعتمدة في الثقافة البصرية الغربية، بعكس الشعارات الشرقية التي تميل إلى التعقيد والزخرفة، موضحاً أن الهويات العصرية لا يمكن تصميمها وفق الأساليب التقليدية الشرقية، وخاصةً في ظل الوسائط الرقمية التي تُشوّه التفاصيل الدقيقة عند التصغير.
وأوضح أن تصميم العقاب يتطلّب عناصر أساسية كالجناحين، والرأس، والرجلين، وهي عناصر تظهر بوضوح في المنحوتات السورية القديمة، الآشورية منها والتدمرية، التي استُوحي منها الشكل الحالي، مؤكداً أن من يرى تشابهاً شكلياً مع شعارات دول أخرى، يغفل عن الجوهر الرمزي المتجذّر في التاريخ السوري، واعتبر أن سوريا صاحبة أقدم عاصمة مأهولة وأول أبجدية، وأن ما جرى هو تجديد لحضارة أصيلة، في حين أن الحضارات الأخرى هي من اقتبست منها.
– رسالة للعالم ودليل لاستخدام الشعار
وبين قدورة أن تصميم الشعار الجديد راعى صورة الدولة السورية في المحافل الدولية، بحيث تبدو دولة ذات سيادة تحترم شعبها، ويكون المواطن فيها صاحب السلطة العليا، مع الحفاظ على طابعها العصري.
وأشار إلى أن وضعية جناح العقاب تعكس حالة استعداد لا عدوان، في رسالة مفادها: 'نحن في حالة سلم، ولسنا معتدين، لكننا مستعدون للدفاع عن أنفسنا إن اقتضى الأمر'.
ولفت إلى تسليم الحكومة دليلاً تفصيلياً يزيد على 250 صفحة، يوضح كيفية استخدام الشعار في جميع السياقات المطبوعة والرقمية، وشدّد على أن استبدال الشعار كان ضرورة للتخلص من رموز النظام البائد، التي كانت ترمز للأجهزة الأمنية والديكتاتورية وتمجيد السلطة.
– مراحل العمل والعملة الجديدة
ولفت قدورة إلى أن التكليف بتصميم الشعار جاء من وزارة الإعلام في الـ 25 من كانون الأول الماضي، حيث فُتح باب التطوع، وتلقى المشروع نحو 4000 طلب، ووقع الاختيار على 40 شاباً وشابةً من السوريين المقيمين حول العالم، وجرى تنظيم العمل بحسب الاختصاصات، ووزّع الفريق على تسعة أقسام، وبدأت المرحلة الأولى ببحث تاريخي مكثف استمر قرابة شهرين، جُمعت خلاله كل الرموز والعناصر البصرية التي مرّت على سوريا.
وأشار إلى أنه أُطلق استبيان شارك فيه آلاف السوريين، تضمّن أسئلة عن الرموز التي تمثّل سوريا، فاختار نحو 70% العقاب أو الشاهين أو الطائر الجارح، ممّا دعم الاتجاه لاعتماد العقاب رمزاً بصرياً للشعار.
بينما كان التحدي الأكبر للفريق لوجستياً، نتيجة توزّع الأعضاء في أكثر من 30 دولة، وما يترتب على ذلك من فروق زمنية، لكنه أدّى إلى تنوّع في الرؤى والخبرات.
وأكّد قدورة أن وزارة الإعلام قدّمت دعماً لوجستياً ومعنوياً، دون أي تدخلات خارجية، معتبراً أن تكليفه وفريقه بهذا المشروع الوطني شكّل مصدر فخر كبير لهم.
وبين قدورة أنه تم تكليف الفريق بتصميم شكل العملة السورية الجديدة، كما يتم حالياً النقاش مع الحكومة السورية بشأن تصميم شكل جواز السفر وبعض المستندات الأخرى.
وأكّد قدورة أن الصور المتداولة حالياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتصاميم جديدة لوثائق حكومية هي غير صحيحة.