اخبار سوريا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
تشير المعلومات إلى خطة لتزويد دمشق معدات عسكرية وإبرام اتفاق يسمح باستهداف المقاتلين الأكراد
وسط قلق تركي من مماطلة شمال شرقي سوريا بالاندماج مع حكومة دمشق على رغم المهلة التي منحتها لـ 'قوات سوريا الديمقراطية' (قسد) حتى نهاية العام الحالي، في موازاة توغل إسرائيلي يقضم مساحات واسعة من أراضي الجنوب السوري، ما زالت أنقرة تصر، أكثر من أي وقت مضى، على تزويد سوريا معدات عسكرية في إطار الاتفاق الأمني الجديد، توازياً مع تدريبات عسكرية لقيادات وعناصر من النخبة بالجيش السوري.
وتشير المعلومات إلى خطة لتزويد سوريا بمعدات عسكرية، وإبرام اتفاق يسمح باستهداف المقاتلين الأكراد، ولعل طبيعة المعدات العسكرية التي تنوي تزويد دمشق بها تنحصر بمدرعات وطائرات مسيرة ومدفعية وصواريخ، وأنظمة دفاع جوي من المتوقع أن تصل خلال الأسابيع المقبلة.
ويرى مراقبون أن شحنة السلاح تعود إلى منتصف شهر أغسطس (آب) الماضي، حيث وقعت وزارتا الدفاع بين البلدين اتفاقاً أمنياً يزود بموجبه سوريا أنظمة قتالية ووسائل لوجيستية.
في غضون ذلك اعتبر مدير 'معهد إسطنبول للفكر' باكير أتاجان أن تسليح تركيا الجيش السوري الجديد ليس مكرمة ولا هبة، 'بل خطوة محسوبة تمثل خط الدفاع الأول عن الأمن القومي التركي والسوري معاً، فأنقرة تدرك مدى جنون المشروع الإسرائيلي وعنجهيته المتزايدة، بخاصة بعد بسط سيطرته الكاملة على أجواء إيران قبل أشهر. كما تدرك أنقرة أن ميزان القوى الإقليمي تغير، وأن تركيا اليوم تمثل القوة العسكرية الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط وأفريقيا، والثانية على مستوى أوروبا من حيث الجاهزية والتكنولوجيا'. وكشف الباحث التركي عن إشراف تركيا حالياً على برامج تدريب واسعة للجيش السوري الجديد، الذي بات ينظر إليه كحليف حقيقي وشريك استراتيجي، لا كطرف تابع، 'وتشمل هذه البرامج تزويده تسليحاً نوعياً متطوراً: طائرات مسيرة هجومية، وصواريخ دقيقة، ومدرعات حديثة، وأنظمة فعالة للدفاع الجوي، مما يثير قلق تل أبيب ويقض مضجعها، إذ تدرك أن التوازن الميداني في المشرق قد يبدأ بالتحول ضدها'.
في الأثناء يتصاعد التوتر بين أنقرة وتل أبيب على الأراضي السورية، ولا سيما بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، إذ تتحاشى تركيا إرسال السلاح إلى جنوب غربي سوريا، وتعتزم نشر المعدات العسكرية في الشمال القريب من حدودها الجنوبية، مما يعزز حماية أمنها القومي.
ورأى الباحث الأكاديمي في العلاقات الدولية محمد حاج عثمان في حديث خاص أن كلاً من تل أبيب وأنقرة تنظر إلى سوريا على أنها المجال الحيوي لها، 'ويجب اقتطاع منطقة عازلة من أراضيها، فالإسرائيليون يتوغلون بطريقة مجنونة جنوباً في درعا والقنيطرة مع الحديث عن ممر داوود، بينما يريد الأتراك استكمال منطقتهم العازلة بعمق 30 كيلومتراً على الحدود مع سوريا'. ولفت إلى أن تركيا تسعى إلى إحباط أي مشروع لإسرائيل في سوريا، ولا سيما ما يعرف بطريق داوود، 'فهو يتعارض مع خط الغاز القطري، بالتالي يمكن أن تؤدي واشنطن دوراً مفاوضاً لترتيب أوراق الأطراف الدولية المتنازعة على الأرض السورية'.
من جهته، تحدث الباحث التركي في شؤون السياسية الخارجية علي أسمر عن سمات السياسة التركية تجاه سوريا الجديدة منها الوضوح، وقال 'عبرت أنقرة، في أكثر من مناسبة، عن نيتها دعم الحكومة السورية الجديدة في مختلف المجالات، بما في ذلك المجالات الاقتصادية والتجارية والصحية والتنموية، ومع ذلك تبقى الأولوية بالنسبة إلى تركيا الملف الأمني، بخاصة في ظل تباطؤ (قسد) في الاندماج ضمن صفوف الجيش السوري'، وفي كل الأحوال، كان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان واضحاً عندما قال 'إن تركيا هي الشريك الطبيعي لسوريا، وإن أمن تركيا من أمن سوريا'، ومن هذا المنطلق رأى الأسمر أن التعاون العسكري بين دمشق وأنقرة بدأ عبر اتفاقية التدريب العسكري التي تبعها لاحقاً اتفاق إرسال الأسلحة التركية إلى سوريا. وتابع أن 'تركيا ليست جهة خيرية في تقديم الدعم العسكري، بل تتحرك وفق مبدأ حماية أمنها القومي الذي يتقاطع، هذه المرة، مع الأمن القومي السوري في ظل حكومة لا تعارض التحركات التركية داخل الأراضي السورية'. وفي رأي أسمر فإن 'تدريب أنقرة الجيش السوري وقوات الأمن يمكن فهمه كرسالة ضغط إيجابية تهدف إلى تعزيز سلطة الدولة المركزية في مواجهة أي فصيل أو مكون يسعى إلى الانفصال أو لإضعاف بنية الدولة. الهدف من هذا التسليح تثبيت الدولة السورية ومحاربة الإرهاب، سواء تمثل في تنظيم (داعش) أو في المجموعات الانفصالية مثل (قسد) أو فلول الميليشيات السابقة'.
ومع هذا لا ترغب إسطنبول أن يوافق الرئيس السوري أحمد الشرع على إعطاء قوات 'قسد' والإدارة الذاتية بالشمال الشرقي الحكم الذاتي، لا سيما مع تعاظم القوة العسكرية لهذه القوات بقيادة مظلوم عبدي، وإبعاد الميليشيات ذات التوجه الانفصالي، كما تراها تركيا، عن آبار النفط والغاز حتى لا تتمكن من تمويل نفسها وتدعم حزب العمال الكردستاني العدو اللدود لأنقرة منذ ثمانينيات القرن الماضي.
أما بالنسبة إلى إسرائيل، فإن الأسلحة التركية في سوريا تحمل طابعاً ردعياً لا هجومياً، فلا توجد مؤشرات إلى نية فتح جبهة مع إسرائيل أو خوض مواجهة مباشرة معها، بخاصة أن أنظمة الدفاع ستكون من الجهة الشمالية، لكنها تحصل، في كل الأحوال، على الصواريخ بعيدة المدى على رغم موقف رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرافض الانسحاب من درعا ومن المواقع التي تقدم إليها جيشه من سوريا، في آخر تصريحاته.
وتوقع الباحث التركي أتاجان أن تحمل الأيام المقبلة مزيداً من الدعم التركي لسوريا 'هذا الدعم لا يقتصر على العتاد والسلاح، بل يمتد إلى بناء جيش قادر على الدفاع عن الأرض والسيادة، فالعلاقة بين أنقرة ودمشق ليست طارئة ولا مصلحية، بل تاريخية وأخلاقية تفرض على تركيا أن تقف إلى جانب جارتها في مرحلة إعادة التوازن الإقليمي، حيث تتشابك الجغرافيا والمصير، ويصبح الدفاع عنها دفاعاً عن تركيا ذاتها'.
من جهته لفت الباحث السياسي أسمر إلى أن الاتجاه العام يوحي أن المنطقة تتجه نحو ترتيبات أمنية جديدة وتفاهمات إقليمية، ولذلك، 'من وجهة نظر إسرائيلية، لا مبرر للقلق، لأن الأسلحة التركية المرسلة إلى سوريا خفيفة إلى متوسطة ولا تشكل تهديداً على الدول المجاورة، بل تندرج ضمن إطار إعادة بناء المنظومة الأمنية السورية وضمان سيطرة الدولة على كامل أراضيها. من هذا المنطلق، من حق سوريا أن تستعين بتركيا أو بأي دولة أخرى للمساعدة في ترتيب بيتها الداخلي، ما دام الهدف هو إعادة الإعمار، وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين، وترسيخ مؤسسات الدولة بعد سنوات من الصراع والفوضى'.




































































