ما الصواريخ الإيرانية المُستخدمة في مهاجمة إسرائيل وما نتائجها على الأرض؟

في أول ضربة ذات صفة دولية تتعرض لها إسرائيل منذ تشرين الأوّل/أكتوبر عام 1973، وجّهت إيران موجة ضخمة ومركّبة من المسيرات وصواريخ كروز والصواريخ البالستية، مساء السبت الفائت (13 نيسان/ أبريل) نحو مواقع في إسرائيل.

وبحسب البيانات التي تأكّد منها موقع تلفزيون سوريا، تكوّنت الضربة الصاروخية من نحو 170 طائرة مسيرة، و30 صاروخ كروز، و120 صاروخاً باليستياً، حيث أُطلقت المسيّرات مع وقت متقدم من إطلاق الصواريخ الباليستية، بهدف مزامنة وصول المقذوفات الصاورخية إلى نافذة الدفاع الجوي الإسرائيلي بشكل تقريبي، لتشكيل على ما يبدو حلقة ضغط ممكنة على القبة الحديدية.

ما هي الصواريخ الإيرانية المستخدمة في الهجوم؟

استخدمت إيران في هجماتها الصاروخية مجموعة متنوعة من الأدوات العسكرية القديمة والحديثة، واستثمرت كل ما لديها من قذائف صاروخية للناطق المطلوب وصولاً إلى إسرائيل.

وبغض النظر عن الاعتراضات الجوية على طول المسار، عانت من عقبات ومشكلات تقنية عديدة أدت لسقوط مقذوفات صاروخية داخل إيران نفسها وفي بلدان المسار، كالعراق والأردن، ومواقع فارغة في صحراء النقب.

وكانت مسيّرة 'شاهد 136' هي الأداة العسكرية الأولى التي تصدّرت الهجوم، وتم التعرف إليها لشهرتها على نطاق واسع في الحرب الروسيّة-الأوكرانية، وصوتها الذي يشبه أزيز جزّازة العشب قبل أن تغادر الأراضي الإيرانية حتى.

أما عن صواريخ كروز المُستخدمة، يرجّح الخبراء أنّ إيران استخدمت 'صاروخ باوه 351'، وهو الاحتمال الأكثر ترجيحاً نظراً لامتلاكه مدى يمكّنه من الوصول إلى إسرائيل.

وكانت إيران قد اختبرت فعلياً هذا الصاروخ من خلال توفيره في إصدارات مختلفة للحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق.

وتمتلك إيران صاروخين مسيرين محتملين آخرين وهما 'سومار وهويزه'، لكن يبدو أن هذين الصاروخين يعانيان من مشاكل في الهندسة العكسية لمحركاتها، ورغم الإعلان عنهما، لكن لا يبدو أنهما في الخدمة أو يتمتعان بنطاق كاف ومطلوب.

وكان الجيش الإسرائيلي قد نشر مشاهد لاعتراض 4 مسيرات من طراز 'شاهد 136' و3 صواريخ كروز من طراز 'باوه'، قبل وصولها إلى أهدافها، فجر الأحد (14 نيسان).

'صاروخ عماد'

وبدت قطعة حطام الصاروخ الإيراني، الذي سقط في مدينة الكرك الأردنية، بأنّها قطعة تعود إلى صاروخ عماد الإيراني (ربما النسخة المحدثة منه)، وبدا الرقم التسلسلي والصفائح المعدنية لخزان الوقود السائل في الحطام مشابهاً لـ'صاروخ عماد'، الذي نُشرت صوره بشكل متكرر على وسائل إعلام إيرانية.

وينتمي 'صاروخ عماد' إلى فئة الصواريخ البالستية متوسطة المدى والتي تعمل بالوقود السائلة، وحين أعلن عنه وزير الدفاع الإيراني، عام 2015، قال إنّ مداه يتراوح ما بين 1700 و2500، ويستطيع الوصول إلى إسرائيل.

وأظهرت لقطات أُخرى وجود بقايا حطام هذا الصاروخ في مناطق داخل إسرائيل وريف دمشق.

'صاروخ خيبر شكن'

أظهرت عمليات الإطلاق التي أعلنت عنها المواقع الإيرانية، وجود صاروخ ذي رأس حربي مميز على شكل زعنفة يشبه إلى حد بعيد صاروخ 'خيبر شكن'، الذي عُرض في طهران، نهاية سبتمبر 2022، تزامناً مع بداية أسبوع الدفاع المقدس.

ويعمل 'خيبر شكن'، الذي يصل مداه إلى 1450 كيلومترا، بالوقود الصلب، ويعتبر من صواريخ الجيل الثالث الأكثر دقة لدى إيران مع قدرة مناورة خلال مرحلة الهبوط، بحسب تصريحات إيرانيّة.

'صاروخ قدر'

وتظهر صور إطلاق أخرى منتشرة على منصات إيرانية وجود صاروخ ذي رأس مدبب مثل قلم الرصاص مع انثنائين غير متساويين يصلان به إلى جسد الصاروخ الأسطواني العريض، شبيه بـ'صاروخ قدر'.

وينتمي 'صاروخ قدر' إلى نفس عائلة 'عماد' من الصواريخ البالستية متوسطة المدى التي أعلن عنها قبل عقدين من الزمن، وأعلنت إيران عن نسخ مطورة عنه لاحقاً.

وكان هناك ترجيحات عن استخدام إيران لصواريخ من طراز دزفول (عُرضت في شباط 2017) ورضوان، لكن أي من الصور المنتشرة لعمليات الإطلاق أو بقايا الصواريخ لا يمكن أن تؤكّد ذلك على وجه الدقة.

وبحسب قائد 'الحرس الثوري' الإيراني، يعتبر صاروخ 'رضوان' البالستي الذي أُعلن عنه في سبتمبر 2022، صاروخا دقيقا تبلغ سرعته 8 أضعاف سرعة الصوت.

ما النتائج؟

بحسب التقديرات شبه المؤكدة، لم يصل من الحملة الصاروخية الإيرانية المركّبة سوى بضعة صواريخ أصابت قاعدة جوية إسرائيلية بأضرار طفيفة، في حين ادّعت إسرائيل إسقاط جميع المسيرات وصواريخ كروز الإيرانية التي دخلت أجواءها، وقدّمت أرقاماً تصل إلى أكثر من 90% كنجاح تقني وعملياتي لمنظومتها الدفاعية، بكلفة تصل إلى نحو مليار دولار، بحسب تقديرات مختلفة.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية منخفضة الدقة التي رصدتها مصادر مفتوحة إصابة مبان ومدرج مدرج قاعدة نيفاتيم الجوية.

ونقلت 'ABC نيوز' عن مسؤول إسرائيلي أن خمسة صواريخ باليستية إيرانية أصابت قاعدة 'نيفاتيم' الجوية، ما أدّى إلى إتلاف طائرة نقل من طراز 'سي-130' ومدرج غير مستخدم ومرافق تخزين فارغة.

وبيّن المسؤول أيضاً أنّ 4 صواريخ باليستية أصابت قاعدة النقب الجوية، لكن لم ترد أنباء عن وقوع أضرار كبيرة.

ونشرت مصادر مفتوحة صور أقمار صناعية تؤكّد عدم وجود أضرار واضحة بعد الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني على قاعدة 'رامون' الجوية الإسرائيلية.

وكانت وكالة أنباء 'تسنيم' قد حذفت جميع مزاعمها التي ادعتها بعد ساعات من الهجوم بإلحاق أضرار كبيرة بقاعدة جوية إسرائيلية.

'تحليل البيانات'

من وجهة نظر عسكرية، لم يكن الهجوم الإيراني معدّاً ومصمماً للفشل، كما أنه لم يكن مصمماً لتحقيق نتائج تدميرية ضخمة أيضاً، ونستطيع أن ندعم ذلك من خلال التحليل الذي قدمناه للأدوات العسكرية المستخدمة إيرانياً والنتائج الواضحة على أرض الواقع.

قبل وصول المسيّرات.. إيران تعلن انتهاء ردّها العسكري على إسرائيل

مع اختلاف التقديرات والإحصائيات لعدد كل طراز صاروخي، الواضح أن إيران استثمرت خليطاً من صواريخ حديثة، بعضها دقيقة من الجيل الثالث، وقديمة، لإنجاح عملية إيصال أقل قدر منها للقاعدة الجوية الإسرائيلية، التي يبدو أنها كانت الهدف الرئيسي من وراء هذه الحملة الضخمة.

وعلى ما يبدو، حاولت إيران في هذه الحملة الضخمة تقليد الاستراتيجية الصاروخية الروسية في ضرب المواقع الحيوية الأوكرانية على نطاق أكثر اتساعاً، وذلك لتحقيق تأثير نسبي أقل من عتبة أن يؤدي لرد فعل إسرائيلي كبير من خلال استخدام أدوات عسكرية متنوعة.

الجدير بالذكر هنا أنّ روسيا لم تطلق هذا العدد الكبير من المقذوفات الصاورخية ضد موقع أوكراني في ضربة واحدة على الإطلاق، وهذا يعني أن الإيرانيين كانوا يتوقّعون معدلات اعتراض إسرائيلية (أكثر من 90% بحسب التصريحات الإسرائيلية) أعلى من أوكرانيا، وتعمّدوا تنفيذ هذا الشكل الكثيف من الهجوم لرفع مستوى مزاعمهم بالانتقام وفرض معادلة جديدة في قواعد الاشتباك.

من وجهة نظر تقديرية للنتائج على أرض الواقع، فإن الحدث الإيراني 'الانتقامي' لا يمكن مقارنته بتدمير إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق وقتل أكثر من سبعة 'مستشارين' كبار، لكنه في الوقت نفسه، بعث برسالة ردع ربما وأرسى معادلة جديدة غير مسبوقة تقوم على الاستهداف المباشر لمواقع إسرائيلية.

الطحين الإيراني المفقود.. ماذا حققت طهران من ردها على إسرائيل؟

من الناحية الإعلامية، يمكن للطرفين أن يزعما الانتصار، إيران التي ترى أنها حققت نجاحاً سياسياً واستعادت ردعها المفقود بعد قصف قنصليتها من خلال الاستعراض الأخير، وإسرائيل التي تدعي أنها حققت نصراً ذي طبيعة عسكرية تقنية من خلال منظومتها الدفاعية.. وبانتظار ما سيكون عليه شكل 'الانتقام' الإسرائيلي المقبل.