غاز أذربيجان يبدأ التدفق إلى سوريا اليوم ليوفر 800 ميغاواط كهرباء إضافية

تبدأ سوريا اليوم السبت استقبال الغاز الطبيعي الأذربيجاني عبر الأراضي التركية، في أول اتفاق من نوعه بين دمشق وباكو بعد سنوات من انقطاع العلاقات بين البلدين. بموجب الاتفاق، ستتدفق يوميًا 3.4 ملايين متر مكعب من الغاز إلى محافظة حلب، ما يتيح توليد نحو 800 ميغاواط إضافية من الكهرباء.

سيُستخدم الغاز القادم من أذربيجان مباشرة في تشغيل محطات التوليد العاملة على الغاز، بعد أن أنهت المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء أعمال الربط والصيانة على خط كلّس – حلب بطول 20 كيلومترًا، وهو ما أكدته مصادر في المؤسسة لوكالة 'سانا' الرسمية للأنباء.

10 ساعات كهرباء

تعني هذه الزيادة عملياً رفع ساعات التغذية اليومية إلى 10 ساعات، حسب مدير مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء، خالد أبو دي، وهي أعلى نسبة تغذية منذ سنوات، وسط أزمة كهرباء متفاقمة في البلاد.

وأكد مدير المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء في سوريا محمد فضيلة أن محطات التوليد جاهزة تقنيًا لاستقبال الغاز الأذربيحاني، بعد أن جرى استكمال أعمال الصيانة لشبكات نقل الغاز والربط مع الجانب التركي عبر أنبوب كلّس – حلب بطول 20 كيلو مترًا.

اتفاق ثلاثي وتمويل متعدد الأطراف

يمتد الاتفاق الثلاثي بين سوريا وتركيا وأذربيجان ثلاث سنوات مع إمكانية تجديده، وفق ما أكده مدير الاتصال في وزارة الطاقة السورية، أحمد سليمان، الذي أشار إلى أن الغاز سيغطي احتياجات نحو 1.6 مليون منزل. من الجانب التركي، أوضح وزير الطاقة ألب أرسلان بيرقدار أن بلاده تستهدف تصدير ما يصل إلى ملياري متر مكعب من الغاز إلى سوريا سنويًَا، وهو ما يعادل إنتاج طاقة بين 1200 إلى 1300 ميغاواط، يُوزّع أولًا على حلب، ثم حمص في مراحل لاحقة.

وفي حين لم تُكشف تفاصيل الأسعار أو شروط التمويل بالكامل، أعلنت قطر أنها ستغطي كلفة التوريد، فيما تستعد وزارات الطاقة في الدول الثلاث لإطلاق المشروع رسمياً في احتفال رسمي.

وأكدت الدوحة تنفيذ المرحلة الثانية من دعم الطاقة الكهربائية في سوريا، بطاقة استيعابية تبلغ 800 ميغاواط لمدة عام، وأنّ الدعم يرفع عدد ساعات تشغيل الكهرباء إلى 5 ساعات يوميًا. وينتج عن الدعم القطري تحسن بنسبة 40% يوميًا لأكثر من 5 ملايين منزل في سوريا، كما يعزز استدامة الطاقة في المناطق التجارية والخدمية والمصانع.

وأوضحت قطر أن المرحلة الثانية ستبدأ بإمدادات الكهرباء من أذربيجان وتركيا وصولًا إلى سوريا، حيث تستقبل الإمدادات ابتداء من محطة حلب وسيجري توزيعها على المدن والأحياء المختلفة بسوريا.

وبهذا، يصل إجمالي مساهمات صندوق قطر للتنمية في قطاع الكهرباء في سوريا إلى أكثر من 760 مليون دولار. من جهته، أشاد السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توماس باراك، بتمويل دولة قطر الكامل لمبادرة الغاز الحيوية لسوريا مؤكدًا أنها 'تجسيد جريء من قطر وقيادتها لقيم الشراكة والصداقة'.

شراكة أوسع بين دمشق وباكو

كانت أذربيجان قد وقّعت مذكرة تفاهم مع الحكومة السورية في يوليو/تموز لاستكشاف فرص أوسع في قطاع الطاقة، من بينها التنقيب المشترك عن النفط، والتعاون في مشاريع البنية التحتية الكهربائية.

وأعادت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى باكو هذا الشهر إحياء العلاقات بين البلدين، بعد سنوات من الجمود، وشكّلت منطلقًا للتعاون الجديد الذي يؤدي فيه ملف الطاقة دورًا مركزياً.

استقرار مؤقت لشبكة متداعية

رغم الطابع الإيجابي للاتفاق الجديد، فإن التحديات البنيوية التي تواجه قطاع الكهرباء في سوريا ما تزال قائمة، فقد دمرت الحرب التي استمرت أكثر من عقد جزءًا كبيرًا من شبكة التوليد والنقل، وأدت إلى فقدان أكثر من 60% من القدرة الإنتاجية التي كانت البلاد تعتمد عليها قبل 2011.

ولا يعالج الغاز الأذربيجاني، وإن كان يمثل دفعة قوية على المدى القصير، بشكل مباشر الفجوات الهيكلية في البنية التحتية، أو أزمة التمويل المزمنة التي تعانيها مؤسسات الكهرباء، أو حتى النقص في قطع الغيار والتقنيات اللازمة لإعادة تشغيل المحطات المتوقفة.

في المدى القريب، يوفر المشروع متنفسًا اقتصاديًا للسكان، ويخفف الضغط على قطاعات حيوية مثل الصناعة والمياه والزراعة التي تأثرت بانقطاع الكهرباء. لكن على المدى البعيد سيظل مرهونًا بإصلاحات أعمق، وتدفقات استثمارية قادرة على استعادة البنية التحتية المتهالكة.