اخبار سوريا
موقع كل يوم -بزنس2بزنس سورية
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
شهدت عدة محافظات سورية، خصوصاً في المناطق الساحلية، موجة حرائق مدمّرة تسببت بخسائر جسيمة في قطاعات حيوية، أبرزها تربية النحل وإنتاج العسل، ما دفع النحالين إلى مواجهة واقع قاسٍ من الجفاف وتراجع الإنتاج وارتفاع تكاليف التشغيل.
نحالون بلا مراعي.. موسم شبه معدوم
والتهمت النيران آلاف الدونمات من الغطاء النباتي والمراعي الطبيعية، ما أدى إلى فقدان مئات النحالين لموردهم الأساسي لغذاء النحل.
ومع غياب البدائل، ارتفعت تكاليف نقل الخلايا بين المحافظات، واستئجار الأراضي، والأدوية الوقائية، والتعبئة والتغليف، لتصبح تربية النحل عبئاً لا يُحتمل.
ورغم محاولات التعافي التي شهدها القطاع في السنوات الأخيرة، فإن الحرائق الأخيرة والجفاف المتواصل أعادا الإنتاج إلى مستويات متدنية، وسط تحديات أمنية ومناخية متراكمة منذ سنوات الحرب.
خسائر ضخمة في عدد الخلايا والإنتاج
ونقل تلفزيون سوريا عن الخبير في الإنتاج الحيواني وعضو اتحاد النحالين العرب، عبد الرحمن قرنفلة، فقد قطاع النحل السوري نحو 85% من خلاياه مقارنة بعام 2010، حيث كان العدد يُقدّر بـ650 ألف خلية.
وتشير التقديرات إلى أن الحرائق الأخيرة وحدها تسببت بخسارة 15–20% من الخلايا في الساحل السوري، نتيجة احتراق الغابات والنباتات الرحيقية.
مناخ مضطرب يهدد حياة النحل
ساهمت الظروف المناخية القاسية، من ارتفاع درجات الحرارة إلى انخفاض الهطول المطري بنسبة 70%، في تفاقم الأزمة، كما أدى تراجع زراعة المحاصيل الرحيقية مثل اليانسون وحبة البركة وعباد الشمس إلى تقليص مصادر الغذاء، وانتشار الأمراض بين النحل.
ويحذر الخبراء من أن استمرار التعدي البشري على الغابات والموائل الطبيعية، إلى جانب استخدام المبيدات وتكثيف الزراعة، يُهدد استقرار النظام البيئي ويُضعف قدرة الملقحات البرية على أداء دورها الحيوي.
شهادات من الميدان: النحل يموت والعسل يغيب
في محافظة حمص، وصف النحال تمام العلي الموسم الحالي بأنه 'ضعيف جداً'، مشيراً إلى أن الجفاف ورش المبيدات الحشرية تسببا بتسمم النحل وموت أعداد كبيرة منه.
وأضاف أن غلاء الأدوية وصعوبة نقل الخلايا أدت إلى تراجع الإنتاج، في وقت يعاني فيه السوق المحلي من ضعف الطلب بسبب الغلاء المعيشي وانخفاض القدرة الشرائية.
العسل السوري.. منتج مهدد رغم أهميته العالمية
ويتراوح سعر كيلو العسل في سوريا بين 100 و150 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 10–15 دولاراً، بحسب الجودة والمنطقة، ورغم القيمة الغذائية العالية للعسل السوري، فإن غياب بوادر التصدير يضعف فرص إنعاش القطاع.
وتُقدّر القيمة الاقتصادية العالمية لتلقيح المحاصيل بـ153 مليار يورو سنوياً، حيث يساهم النحل في إنتاج 35% من المحاصيل الغذائية، ويقوم بتلقيح 87 من أصل 115 محصولاً رئيسياً حول العالم.
الانقراض يلوح في الأفق.. والنحالون يدقون ناقوس الخطر
ومع استمرار التهديدات البيئية، بات النحل مهدداً بالانقراض، ما دفع النحالين والخبراء إلى التحذير من تداعيات كارثية على الأمن الغذائي، وكما قال أينشتاين: 'إذا اختفى النحل من الأرض، فلن يبقى للإنسان سوى أربع سنوات'.
دعوات لاستراتيجية وطنية لإنقاذ القطاع
دعا الخبير عبد الرحمن قرنفلة إلى وضع استراتيجية وطنية شاملة لإنقاذ قطاع النحل، تشمل:
نشر زراعة النباتات الرحيقية
إنشاء محميات بيئية لتربية النحل
تقديم دعم مباشر للنحالين
تعزيز التسويق الداخلي والخارجي
تطوير المنتجات النحلية ذات القيمة المضافة مثل العكبر وغذاء الملكات
كما شدد على ضرورة إحياء مشروع تأصيل سلالة النحل السوري المحلي، الذي يتميز بقدرته على مقاومة الجفاف والحرارة.
أرقام رسمية وتعويضات محدودة
ووفقاً لوزارة الزراعة، بلغ عدد خلايا النحل في سوريا عام 2024 نحو 532,545 خلية، مع استمرار عمليات حصر الأضرار.
ويُحدد القانون رقم 161 لعام 2018 نسبة التعويض للنحالين بـ20% فقط من كلفة الخلية، ما يُعد دعماً محدوداً لا يغطي حجم الخسائر.
وتعمل الوزارة على إجراءات وقائية تشمل تأمين مشارب وتظليل الخلايا، والكشف الدوري، ومكافحة الآفات، في محاولة لحماية ما تبقى من هذا القطاع الحيوي.