اخبار سوريا
موقع كل يوم -بي بي سي عربي
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس، إن وقف إطلاق النار في سوريا 'انتزع بالقوة' بعد ضرب إسرائيل لأهداف عسكرية وحكومية في العاصمة دمشق وأنحاء أخرى من البلاد.
وجاء ضرب إسرائيل لأهداف في سوريا، في وقت شهدت فيه محافظة السويداء الواقعة جنوب البلاد، اشتباكات دامية بين القوات الحكومية السورية والأقلية الدرزية.
وفي بيانه قال نتنياهو: 'إن وقف إطلاق النار انتزع بالقوة، ليس من خلال المطالب أو الاسترحام، بل بالقوة'، مشيراً إلى أن القوات السورية بدأت مساء الأربعاء انسحابها من مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.
'حرب مفتوحة أو تغليب المصلحة الوطنية'
من جانبه قال الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع: 'كنّا بين خيارين: الحرب المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي على حساب أهلنا الدروز وأمنهم وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم وتغليب المصلحة الوطنية'.
وأعلن الشرع فجر الخميس أنّه قرّر تكليف فصائل محليّة ورجال دين دروز 'مسؤولية حفظ الأمن في السويداء'، بعد أن أدت أعمال عنف طائفية بدأت الأحد، إلى سقوط عدد من القتلى.
الأكثر قراءة نهاية
وقال الشرع في خطابه: 'قرّرنا تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل مسؤولية حفظ الأمن في السويداء'.
وأضاف أنّ حكومته أرسلت قواتها إلى هذه المحافظة 'لوقف اقتتال اندلع بين مجموعات مسلّحة من السويداء ومن حولهم من مناطق إثر خلافات قديمة'.
تابعوا التغطية الشاملة من بي بي سي نيوز عربي
اضغط هنا
يستحق الانتباه نهاية
وبحسب الشرع فإن القوات الحكومية نجحت في مهمّتها لكنّ إسرائيل لجأت إلى 'استهداف موسّع للمنشآت المدنية والحكومية لتقويض هذه الجهود ممّا أدّى لتعقيد الوضع بشكل كبير'، وهدّد بالدخول في 'حرب مفتوحة مع الكيان الإسرائيلي'.
وأشاد الشرع بـ'التدخّل الفعّال للوساطة الأمريكية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول'، لافتاً إلى أن سوريا لن تكون أبداً مكاناً للتقسيم أو التفتيت'، وتعهّد 'بمحاسبة من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها' على حد تعبيره.
وفي معرض شرحه للأسباب التي دفعته لسحب القوات الحكومية من السويداء وتسليم الأمن في هذه المحافظة للدروز، أوضح الشرع أنّ 'هذا القرار نابع من إدراكنا العميق بخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية وتجنّب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة'.
وتابع: 'قدّمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار، فكان الخيار الأمثل في هذه المرحلة هو اتّخاذ قرار دقيق لحماية وحدة وطننا وسلامة أبنائه بناء على المصلحة الوطنية العليا'.
وجاء إعلان دمشق بدء انسحاب قواتها من المحافظة بعدما أشارت وزارة الداخلية مساء الأربعاء، إلى التوصّل لاتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء، يضمّ 14 بنداً، وينصّ أبرزها على إيقاف كل العمليات العسكرية بشكل فوري وتشكيل لجنة مراقبة من الدولة السورية وشيوخ دروز للإشراف على عملية التنفيذ.
وكانت إسرائيل قد هددت بتكثيف ضرباتها إذا لم تخرج القوات السورية من محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية.
'كارثة إنسانية'
استفاق السكان في مدينة السويداء جنوب سوريا الخميس، على مشاهد الجثث في الشوارع والسيارات المتضررة والمتاجر المنهوبة، بعيد انسحاب القوات الحكومية إثر مواجهات دامية مع مسلحين محليين.
وتنقل فرانس برس عن الطبيبة هنادي عبيد (39 سنة)، حين حاولت الوصول صباحاً إلى مقر عملها: 'ما رأيته من المدينة بدا كأنها خارجة للتو من فيضان أو كارثة طبيعية'.
وأضافت: 'نزلت باتجاه المشفى الوطني، ولكن لم استطع الوصول. طلبوا مني التريث ريثما تفتح الطرق وتنتهي الفصائل المحلية من عملية التمشيط'.
وأوقعت الاشتباكات الدامية في السويداء أكثر من 500 قتيل، وبدت شوارعها وأسواقها - التي كانت تنبض بالحركة الأسبوع الماضي - أشبه بمدينة منكوبة.
وتخللت الاشتباكات انتهاكات وعمليات إعدام ميدانية لـ83 مدنياً درزياً بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتروي عبيد: 'رأيت سيارات محروقة في كل مكان وأخرى مقلوبة رأساً على عقب، إضافة الى دبابة متفحمة، فيما كانت ثلاث جثث مرمية في الشارع، إحداها لامرأة مسنّة'.
ورغم أنها معتادة انطلاقاً من طبيعة عملها على مواجهة مواقف صعبة، لكن ما عاشته منذ مطلع الأسبوع كان مختلفاً، إذ تقول: 'شاهدت طوال حياتي الكثير من الجثث والقتلى، لكن كان للموت شعور آخر في الأيام الأخيرة، شعرت بأنه كان قريباً مني أكثر من أي وقت مضى'.
ولم تخفِ الطبيبة - وهي أم لطفلة - خشيتها من المشاهد التي تنتظرها في مقر عملها في المشفى المركزي في السويداء، الذي خرج الأربعاء عن الخدمة، واكتظت فيه الجثث والجرحى.
وتحدثت فرانس برس عن حالة من الفوضى أمام المشفى المركزي، مع نقل عشرات الجثث إليه منذ صباح الخميس، بعد جمعها من المنازل والشوارع.
وقالت إن 'عائلات مفجوعة حضرت إلى المستشفى بحثاً عن أفرادها وسط حالة من الغضب والهلع'.
وبحسب شبكة السويداء 24 الإخبارية المحلية، خرج المستشفى المركزي في المدينة عن الخدمة الأربعاء، بعد دخول القوات الحكومية إليه وخوضها اشتباكات مع مسلحين دروز.
وانتشر مقطع فيديو يوثق جثثاً مكدسة في مشرحته بعدما بلغت الثلاجات طاقتها الاستيعابية. وأظهرت مقاطع أخرى جرحى في الممرات بعضهم على أسرّة وآخرون يفترشون الأرض وطواقم طبية عاجزة عن الاستجابة للحالات الطارئة.
وقال رئيس تحرير السويداء 24 ريان معروف الخميس بعد جولة في المستشفى إن هناك 'أكثر من 150 جثة.. ولم يعد قادراً على استيعاب مزيد من الجثث'، وفق فرانس برس.
وأضاف أن 'أجهزة غسل الكلى خرجت من الخدمة، والمرضى لا يتلقون العلاج'، موضحاً أن 'هناك كارثة إنسانية في السويداء'.
كما شهدت المدينة انقطاعاً في خدمات المياه والكهرباء، وأغلقت غالبية المحال التجارية أبوابها بانتظار انتهاء عمليات التمشيط التي ينفذها مسلحون محليون.
وكانت الاشتباكات اندلعت الأحد في السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة، على خلفية عملية خطف طالت تاجر خضار درزياً وأعقبتها عمليات خطف متبادلة. ومع احتدام المواجهات، تدخّلت القوات الحكومية الإثنين لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.
ومع انسحاب القوات الحكومية الخميس، شاهد مراسل فرانس برس على أطراف محافظة السويداء عائلات من البدو تعمل على فك خيمها وتنزح باتجاه محافظة درعا المجاورة خشية أعمال انتقامية.
وقالت وضحة العواد (58 عاماً) بينما كانت برفقة أفراد عائلتها 'منذ أربعة أيام ونحن في حرب، نريد أن ننجو بأنفسنا'.
وأضافت المرأة: 'هربنا ونتجه مع أطفالنا غرباً إلى درعا'، مضيفة أن 'هذه الحياة مكتوبة علينا. نحن خائفون وجل ما نريده هو الهدوء'.
'مراجعة شاملة'
وحضّ المسؤول الكردي البارز بدران جيا كورد الخميس الحكومة الانتقالية على 'مراجعة' نهجها في التعامل مع المكونات السورية، بعد أعمال العنف الأخيرة.
وكتب كورد في منشور على 'إكس' أن 'على الحكومة الانتقالية أن تبادر إلى مراجعة شاملة وعاجلة لنهجها في التعامل مع الداخل السوري، والبدء بحوار وطني جاد ومسؤول مع مختلف المكونات، مع احترام خصوصية كل مكون وهويته الثقافية والدينية'.
واعتبر كورد في منشوره أن 'الانتهاكات الممنهجة التي طالت المكون الدرزي في الجنوب السوري، وما سبقها من انتهاكات مشابهة في الساحل السوري، تؤكد بوضوح الرفض العميق للتعددية الثقافية والدينية من قِبل وزارة الدفاع الانتقالية والمؤسسات التابعة لها'، مشيرا إلى أن ذلك 'يؤدي إلى تقويض أسس العيش المشترك ضمن جغرافيا وطنية واحدة' على حد وصفه.
ورأى أن 'استمرار هذه الممارسات يدفع بسوريا نحو مزيد من التشظي والتفتت على المستويين السياسي والاجتماعي، ويضع جميع المكونات السورية أمام تحدّ خطير وممنهج، سواء كان ذلك بشكل جماعي أو فردي'.
ويأتي ذلك بينما لم تنفّذ دمشق والإدارة الذاتية الكردية بعد بنود اتفاق توصلوا إليه قبل أربعة أشهر.