اخبار سوريا
موقع كل يوم -درج
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الصيد بالديناميت هدّد السواحل السورية لسنوات طويلة، بل ساهم في انخفاض أعداد الأسماك والكائنات البحرية كــ'اللقز البحري'. يخبرنا عاطف الفحل ابن 'الريّس' (صيّاد وبحّار من أرواد)، أن الجنود الروس 'فرضوا أتاوات تصل إلى مئة دولار للسماح لسكّان الجزيرة بالصيد'، ويضيف: 'أحياناً كانو يسرقون ما نصطاده'.
في ربيع عام 2015، بدأت روسيا تدخّلها العسكري المباشر في سوريا تحت عنوان عريض هو 'مكافحة الإرهاب'، بهدف 'توليد حالة من الرعب والإرهاب في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام السوري، وإنهاء جميع أشكال المعارضة ودفعها إلى التسليم والاستسلام'. عشر سنوات مرت على هذا التاريخ، نراها اليوم عبر تبادل الوفود العسكرية بين موسكو ودمشق، وزيارة الشرع نفسه قبلها إلى العاصمة الروسية للقاء فلاديمير بوتين.
لكنّ روسيا لم تكتفِ بالقواعد العسكريّة للجنود والمدرّعات، ولم يكتفِ الطيران الروسي بفرض سيادته على السماء، بل فتح الطريق أمام 'احتلال ناعم' تسلّل ببطء إلى سوريا، تتّضح معالمه في مدينة اللاذقية وطرطوس، التي تحوي قاعدة بحرية روسية (أو نقطة دعم فنّي)، وجزيرة أرواد، الجزيرة الوحيدة المأهولة في سوريا التي تبعد 3 كيلومترات عن طرطوس.
'رعاية أسدية' للحضور الروسي
بعيداً عن أخبار قصص الحبّ الروسية- السورية في قاعدة حميميم، بدأت وزارة التربية السورية منذ العام 2014، تدريس اللغة الروسية كلغة ثانية إلى جانب الفرنسية والإنكليزية في المدارس السورية بشكل عامّ، وفي المناطق الساحلية تحديداً.
إذ أفاد موجّه اللغة الروسية في محافظة طرطوس كامل الحاج لـ'درج'، بأن 'طرطوس كانت من أوائل المحافظات التي تبنّت تعليم اللغة الروسية ولاقت رواجاً لافتاً فيها'.
كما أشارت أرقام وزارة تربية نظام الأسد في عام 2021، إلى أن نحو 31 ألف طالب، في 217 مدرسة موزّعة على 12 محافظة، يدرسون اليوم اللغة الروسية، بإشراف 190 معلّماً، معظمهم تلقّى تدريباً أو بعثة في روسيا نفسها.
اليوم، وبعد سقوط نظام الأسد، أسئلة كثيرة حول التعليم في سوريا ما زالت تثير الجدل، آخرها مثلاً وجود 8 آلاف طالب وطالبة يدرسون اللغة الروسية في محافظة طرطوس حسب كامل الحاج، الذي يخبر 'درج' أنه منذ سقوط بشّار الأسد، ليس لديهم 'أيّ تعليمات عن مصير اللغة الروسية إلا قرار تقليص عدد الساعات، إذ كان طلاب مرحلة البكالوريا القسم العلمي يتلقّون 4 ساعات أسبوعياً، وبعد تعليمات الوزارة، تقلّصت إلى ساعتين فقط، أما القسم الأدبي، فقلّصت الساعات من 5 إلى 2 أيضاً، ناهيك بقلّة عدد المدرّسين، إذ 'هرب' 12 مدرّساً روسياً بعد سقوط النظام'.
لم يكن التغلغل اللغوي معزولاً عن سياق سياسي أوسع، إذ وقّعت روسيا في عام 2017 اتّفاقاً يسمح لها بتوسيع قاعدتها في ميناء طرطوس لمدّة 49 عاماً قابلة للتمديد 25 عاماً إضافياً، وكانت تدرك أن النفوذ العسكري الذي حقّق لها مكاسب جيوسياسية لا يكفي وحده.
'روسنة' سوريا عبر التعليم تكشفه الأرقام والأخبار المتنوّعة، ففي عام 2014 افتُتح قسم الأدب الروسي في جامعة دمشق، وفي عام 2019 افتُتحت مراكز لتعليم اللغة الروسية، وبعد مرور 10 أعوام على تعليم اللغة الروسية في سوريا أي في عام 2014، طُرح كتاب جديد، ووصل عدد الطلاب في المدارس الرسمية، إلى نحو 40 ألف طالب. واللافت أن المنهج الجديد سيدرّس بشكل تجريبي في محافظات دمشق وحمص وطرطوس واللاذقية والسويداء ودرعا، أي في 'سوريا المفيدة!'.
(صورة غلاف الكتاب في الرابط)
الإقبال على اللغة الروسية تكشفه تفاصيل يحكيها الطلاب في الصفوف، فمع الوقت، تحوّلت هذه 'الاختيارية' بين اللغات، إلى خيار وحيد تقريباً. تقول سيرين .م (اسم مستعار)، فتاة عشرينية من سكّان طرطوس: 'اخترت اللغة الروسية لأن كلّ زملائي اختاروها، وبقيت وحيدة في صفوف اللغة الفرنسية، فلم يبقَ لي خيار آخر'، في حين ترى هلا.ر (اسم مستعار) التي تعمل معلّمة في مدرسة محمّد علي مصطفى، أن هناك إقبالاً كبيراً على اللغة الروسية كونها 'أسهل وتسمح للطلاب بالحصول على درجات أعلى من اللغة الفرنسية'.




































































