تعطيل للاتفاق أم تعزيز للشراكة في سوريا؟.. "قسد" تطالب بممثلين للعلويين والدروز في اتفاق آذار

ييدو الاستعصاء وتبادل الاتهامات بالمسؤولية عن تعطيل اتفاق 10 آذار، الموقع بين رئيس سوريا أحمد الشرع وقائد 'قسد' مظلوم عبدي، سيد الموقف مع اقتراب المهلة النهائية لتنفيذه.

ويبدو الخلاف على الأولويات هو سبب الاستعصاء لجهة إصرار دمشق على حل المسائل العسكرية والأمنية أولا قبل الشروع في نقاش قضايا الدستور والحكومة المشتركة لاحقا في حين تصر 'قسد' بداية على تضمين حقوق الأكراد في الدستور السوري وتأخير القضايا الأمنية والعسكرية إلى ما بعد مرحلة حسم شكل هذا الدستور وطبيعة حكومة الشراكة التي يناط بها إنصاف الجميع.

ولكن جديد قوات سوريا الديمقراطية تمثل في مطالبة عبدي بمشاركة ممثلين عن الدروز والعلويين في أي اجتماعات تعقد في دمشق على خلفية تقاطع المطالب الوطنية بين هذين المكونين ومطلب سكان مناطق شمال شرق سوريا.

وإزاء هذا الطرح المستجد -في العلن على الأقل- انقسمت الآراء بين من يرى في كلام عبدي دعوة محقة بأبعاد وطنية مشروعة ومن يصر على أن هذه الدعوة تستبطن خلط الأوراق تمهيداً لتعطيل اتفاق آذار الذي أوشكت مهلة تنفيذه على التفاذ وإلصاق تهمة تعطيله بدمشق لإحراجها محلياً ودولياً بدعوى الاستئثار بالسلطة.

محاولة لخلط الأوراق:

وخلافا لما كان متوقعا عقب عودة الشرع من واشنطن لم تستأنف جلسات التفاوض بين دمشق و'قسد' وزاد الأمور ضبابية اشتغال الميدان مجددا بين الطرفين نتيجة القصف والاشتباكات المتقطعة على خطوط التماس في كل من معدان وغانم علي في ريف الرقة وفي ريف دير الزور الشرقي على سرير نهر الفرات طوال الأسبوع المنصرم قبل أن تبادر وساطة أمريكية إلى التدخل ووقف الاشتباكات ومنع تمددها إلى جبهات جديدة في الحسكة وريف حلب.

وتعقيبا على دعوة عبدي لمشاركة الدروز والعلويين في اتفاق آذار، أكد المحلل السياسي جمال رضوان أن اتفاق آذار هو اتفاق منصوص عنه بين دمشق وقسد ولا يتضمن البتة مشاركة أية أطراف آخرى ما يجعل طرح الجنرال عبدي ملغوما ويهدف إلى خلط الأوراق وابتزاز دمشق واللعب على مشاعر بقية المكونات السورية وتحميل الحكومة السورية مسؤولية التعطيل.

وأشار رضوان في حديثه لـ'RT ' إلى أن الجنرال عبدي ينفذ أجندة خارجية أقنعته بضرورة عدم تنفيذ الاتفاق مع دمشق واعدة إياه بالدعم إذا ما أصر على موقفه هذا. لافتا إلى أن إضافة شروط من قبيل إشراك الدروز والعلويين في اتفاق لم يأت على ذكرهم في الأساس هو تعقيد للمشهد المعقد في الأساس ومحاولة لإثارة المزيد من القلاقل الداخلية بوجه الحكومة الحالية التي تتعامل مع جميع أبنائها كمواطنين على درجة واحدة من الحقوق والواجبات.

ولفت المحلل السياسي إلى أن هذه التطورات تذكر بخطورة إبقاء واقع قسد على حاله كنتيجة طبيعية للتسويف في الوصول إلى تنفيذ اتفاق آذار والذي سيشجع النزعة الانفصالية عند بقية المكونات بعد تعزيز سرديتها التي تقول بأن دمشق تحتكر السلطة وتصر على سياسة الإقصاء بدليل إصرارها على تغييب حقوق كل الأقليات من كرد ودروز وعلويين وغيرهم.

احتجاجات في مناطق متفرقة من سوريا تطالب بوقف 'الانتهاكات' (فيديوهات + صور)

وشدد رضوان على أن دمشق لن تتنازل أمام قسد بشأن هذه المطالب 'الطفيلية'. مستشهدا بكلام وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الذي قال بأن دمشق قدمت كل ما يجب تقديمه في هذا الشأن. مشيرا إلى أن دولة المواطنة هي المرجعية الأساسية التي تضمن حقوق كل السوريين بمختلف مشاربهم وتنوعهم وعليه فليس هناك من مبرر لإقحام حقوق مزعومة للدروز والعلويين في دولة تنشد ذلك بتفسها ولأسباب تتعلق برغبتها في تعزيز الشراكة الوطنية وليس استرضاء لأحد في الخارج.

ولم يستبعد رضوان لجوء دمشق إلى العمل العسكري ضد 'قسد' في حال إصرار هذه الأخيرة على عدم الاندماج ضمن الجيش والمؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية السورية. مشيرا إلى أن هذا العمل العسكري قد يحظى بمباركة ضمنية من قبل عديد الدول التي لا تزال مستريبة من التأثير الإيراني على قسد كما يقول.

لن نقع في فخ 'قسد'

من جانبه يرى الداعية الإسلامي حذيفة الضاهر أن الجنرال مظلوم عبدي لا يمكنه أن يخفي الشوفينية القومية عنده مهما حاول التستر بعباءة الوطنية السورية.

وفي حديثه لموقعنا أشار الضاهر إلى أن هذه الشوفينية قد تجلت في حديث عبدي في منتدى الشرق الأوسط عن فيدرالية كردية في كل من سوريا وتركيا والعراق ما يشير إلى 'النوايا المبينة' التي فضحها كلامه.

وأعاد الداعية الإسلامي التذكير بأن اتفاق آذار لا يتضمن دعوة أية مكونات سورية آخرى للدخول فيه كما أنه لا يأتي على ذكر اللامركزية الإدارية وشكل الدولة بأي شكل من الأشكال الأمر الذي يؤكد كما يقول حرص قسد على الخروج من الإتفاق بعد القول بأنها قد فعلت ما بوسعها لتحقيق أكبر طيف من المشاركة الوطنية فيه بينما تصر السلطة على التفرد بالحكم.

وشدد الداعية الإسلامي على أن الحكومة في دمشق لن تنجر إلى الكمين الذي تنصبه لها قسد بدفعها إلى التحرك العسكري على خلفية الفشل المتوقع للإتفاق. مشيرا إلى أن الحل السياسي سيبقى هو المطروح سيما وأن الرئيس الشرع قد عاد من البيت الأبيض بإنجازات كبيرة ستدفع واشنطن للضغط على قسد خاصة بعد دخول سوريا ضمن التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب وإلزام قسد من قبل واشنطن بالاندماج ضمن صفوف الجيش السوري لتحقيق هذا الغرض فيما تحاول هي فرض تفسيرات مختلفة لطبيعة هذا التحول السياسي والميداني المتعلق بمكافحة الإرهاب.

وختم الداعية الإسلامي حذيفة لموقعنا بالاشارة إلى أن إصرار قسد على ممارسة التغيير الديمغرافي عبر طرد العرب من دير الزور والرقة وفرض المناهج الكردية على العرب الذين يشكلون الأكثرية هناك فضلاً عن مساعي إخفاء الهوية العربية يؤكد أنها تدبر أمرا في ليل وأنها تمهد للخروج من إتفاق آذار والإبقاء على الأمر الواقع الذي فرضته هناك بقوة السلاح والدعم الخارجي.

لمشاركة وطنية أوسع

السلطات السورية تعلن استهداف إحدى أخطر خلايا 'تنظيم داعش' في ريف اللاذقية

وفي المقابل يرى المفكر السوري الكوردي وليد طاووز أن دعوة الجنرال مظلوم عبدي لمشاركة الدروز والعلويين في اتفاق آذار يجب ألا يحمل فوق ما يحتمل وهو دعوة صريحة لحوار وطني شامل يفضي إلى حلول وطنية ولا يهدف أبدا إلى الضغط على دمشق أو تشكيل تكتلات في وجهها. مشيرا إلى أن هذا هو جوهر الدعوة ويجب ألا يخرج الكلام عن سياقه الوطني الجامع.

وفي حديثه ل RT طالب طاووز بالتعاطي مع طرح الجنرال عبدي كفرصة للحل وليس كعقبة يراد وضعها في طريقه مشيراً إلى أن مطالب أهل السويداء والساحل لا تختلف عن مطالب السوريين في مناطق الإدارة الذاتية الأمر الذي يدفع لمشاركتهم في النقاش حول مستقبل سوريا الجامعة لكل ابنائها لكن صمن الخصوصيه الثقافية والاجتماعية والروحية لكل مكوناتها.

وطالب المفكر السوري الكوردي باغتنام الفرصة من أجل توسيع طاولة الحوار الوطني بمشاركة الدروز والعلويين وكل المكونات قبل انزلاق البلاد إلى أتون الصراعات البينية على النحو الذي حصل في حمص قبل أيام والوضع الذي يمكن أن ينفجر في الساحل في أية لحظة.

واتهم طاووز تركيا بدفع دمشق إلى عدم القبول بالامركزية والإصرار على اندماج قسد في مؤسسات الدولة كأفراد فقط بعدما كانت قد اعطت موافقتها على اندماجها ككتلة ب ثلاث فرق عسكرية كما عمدت تركيا وفق طاووز إلى تعطيل اجتماعات بين الطرفين كان مقرراً لها أن تعقد قبل نحو أسبوعين.

وأشار المفكر السوري الكوردي إلى أن هذا التعطيل من أنقرة يتم رغم وجود قنوات اتصال بين قسد وتركيا كان يمكن لها أن تخفف من شدة الاحتقان مع دمشق لو أن أنقرة لم تدفع الوفد الحكومي السوري لتغيير مواقفه وموافقته المبدئية على عدد من النقاط الهامة التي تم الإتفاق عليها مع قسد.

وتوقع طاووز أن تتدخل واشنطن في نهاية المطاف لتذليل العقبات بين الطرفين وممارسة الضغوط الكافية على دمشق من أجل تطبيق اتفاق العاشر من آذار على النحو الذي يرضي الجميع.

المصدر: RT